PHOTO
170530
13 12 2016
( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")يتخذ التمييز الإيجابي الطابع المؤسسي في مجال العمل في المملكة العربية السعودية، كما هو الحال في جميع دول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، لكونها الأكثر اكتظاظًا بالسكان في دول الخليج وحيث أن ما يزيد عن نصف سكانها تتراوح أعمارهم تحت سن 25 عامًا، وهناك قوى عاملة نسائية متعلمة ولكنها غير مستغلة، ولسيطرة القطاع الخاص على العمالة الوافدة، فإن المملكة العربية السعودية تواجه مجموعة متفردة من المشاكل في الحفاظ على اقتصاد تنافسي والقوى العاملة في مواجهة تراجع أسعار النفط.
مقدمة
تتعرض الحكومة السعودية لكم هائل من الضغوط التي لم يسبق لها مثيل في تاريخها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. في عصر التقشف، ومع زوال تلك الفترة التي كانت فيها أسعار النفط تزيد عن 150 دولارًا للبرميل منذ أمد طويل، تتصارع المملكة العربية السعودية مع وضع واقع ورؤية جديدة لمستقبلها. وتعتبر خطة التحول الوطنية والرؤية الاقتصادية لعام 2030 هي العبارات الرنانة عن برنامج طموح يسعى لحشد كل الموارد في المملكة لتوجيهها بعيدًا عن اعتمادها على الأصول الأكثر أهمية بالنسبة لها؛ وبغية تحقيق النجاح، تبحث المملكة العربية السعودية عن عمالها المنتمين إلى الأقليات في القطاع الخاص لينافسوا على الصدارة وليتم احتسابهم في الأعداد المتزايدة.
من هم الأقليات؟
على الرغم من حقيقة أن المغتربين يشكلون ما يقرب من ثلث مجموع سكان البلاد، إلا أنهم يفوقون بشكل ملحوظ عدد المواطنين السعوديين العاملين في القطاع الخاص. وهناك عدد كبير من فرص العمل خارج القطاع العام والتي تحتاج إلى قدرات أقل وتتقاضي مبالغ منخفضة ولا تتناسب مع توقعات معظم السعوديين؛ إلا أن أداء هذه الأدوار يبقى حيويًا لحسن سير الاقتصاد. في الجانب الآخر، يتم استبعاد قاعدة الخريجات السعوديات الطموحات والحريصات من الخوض في سوق العمل بفاعلية بدرجة كبيرة نتيجة للمجتمع الذي يرسم هويتها والأعراف الاجتماعية من المنظور المحافظ للإسلام. وهناك أيضًا أقلية كبيرة من المواطنين ذوي الإعاقة الذين تحرص الحكومة على إيجاد فرص لعملهم في القطاع الخاص.
تسعي الحكومة السعودية لإطلاق طاقات القوى العاملة الوطنية التي تمتلكها مع مجموعة من التدابير للتمييز الإيجابي لزيادة عدد المواطنين السعوديين العاملين في القطاع الخاص ووضع التشريعات لحظر التمييز ضد العمال ذوي الإعاقة، وقد تم مناقشة هذه الإجراءات أدناه.
السعوديين المؤثرين بشكل إيجابي
يتضمن قانون العمل السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) بتاريخ 23 شعبان 1426ه ("قانون العمل") على تمييز إيجابي لصالح المواطنين السعوديين، حيث أنه يشترط "على جميع المنشآت في مختلف المجالات، وأياً كان عدد العاملين فيها، العمل على استقطاب السعوديين وتوظيفهم، وتوفير وسائل استمرارهم في العمل وإتاحة الفرص المناسبة لهم لإثبات صلاحيتهم للعمل، عن طريق توجيههم وتدريبهم وتأهيلهم للأعمال الموكلة إليهم "(المادة 26 (1)). وعلاوة على ذلك، فإن المادة 26 (2) تنص على أنه يجب ألا تقل نسب العمال السعوديين الذين يستخدمهم صاحب العمل عن 75 ? من مجموع عماله؛ وقد يخفف هذا المطلب التكرار المتعاقب من برنامج السعودة للحكومة والتي تجسد في الآونة الأخيرة، نطاقات Nitaqat، التي تعني 'نطاقات' باللغة العربية وتحديد الحصص المئوية لأصحاب العمل على أساس النشاط الاقتصادي الذي يمارسونه وحجمه من حيث عدد الموظفين. ويتم وضع أصحاب العمل الذين يتوافقون مع أو يتجاوزن الحصص في الفئات "الأخضر" و "البلاتين" على التوالي وتمنح معاملة تفضيلية في تخصيص تأشيرة جديدة للعمال غير السعوديين وتجديد العاملين الحاليين. ويتم وضع أصحاب العمل الذين يخفقون في أو لا يتوافقون مع حصص السعودة في الفئات "الأصفر" و "الأحمر" ويتم معاقبتهم من خلال حرمانهم من تأشيرات الدخول والترخيص التي تعطى لموظفيهم لتغيير أصحاب العمل دون موافقتهم والعمل مع أرباب العمل من الفئات الخضراء أو البلاتين. وقد اتخذت الحكومة عددًا من الخطوات منذ الكشف عن خطتها لرؤية 2030 في وقت سابق من هذا العام لتحسين فعالية سياساتها من السعودة، على النحو التالي:
التسجيل الإلزامي مع طاقات " Taqat"
تشترط المادة 25 من قانون العمل بشكل دائم بأنه يجب على أصحاب العمل أن يرسلوا إلى مكتب العمل بيانًا بالوظائف الشاغرة والمستحدثة، وأنواعها ومكانها، والأجر المخصص لها، والشروط اللازم توافرها لشغلها؛ وذلك في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا من تاريخ توافرها أو استحداثها. بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 33 على شروط منح تصاريح العمل للعمال غير السعوديين بما في ذلك شرط أن يكون العامل غير السعودي من ذوي الكفاءات المهنية أو المؤهلات الدراسية التي تحتاج إليها البلاد، ولا يوجد من مواطني المملكة من يحملها أو كان العدد الموجود منهم لا يفي بالحاجة، أو يكون من فئة العمال العاديين الذين تحتاج إليهم البلاد أو وجود العدد الكافي من المواطنين المؤهلين تأهيلاً مناسبُا لتلبية احتياجات صاحب العمل. في الماضي، كانت السلطات السعودية تمنح أصحاب العمل طلبهم للحصول على تأشيرات جماعية لتوظيف العمال غير السعوديين مع قليل من التدقيق؛ ومع ذلك، يوجد الآن مطلب لجميع أصحاب العمل للسعي لتوظيف العامل غير السعودي لتبرير توظيفهم من خلال تسجيل الوظيفة أولاً مع بوابة الوظائف الوطنية التي تسمى طاقات، وبالتالي تتيح الفرصة للمواطنين السعوديين الذين سيتم تعيينهم لهذا الدور. وما زال من غير الواضح طول المدة التي يجب أن يظل المنصب متاحًا في طاقات، وعما إذا كان أصحاب العمل بحاجة إلى أدلة على أن الطلبات التي تم استلامها والاطلاع عليها، أو تم مقابلة هؤلاء المتقدمين السعوديين وتم قبولهم، أو أنه ليس هناك عدد كاف من المتقدمين. هذا ولا توحي المؤشرات المبكرة على الأدلة القولية بتخفيض عدد التأشيرات التي يجري إصدارها لأصحاب العمل.
مجموع السعودة
في خطوة مفاجئة ومثيرة تهدف إلى زيادة فرص عمل المواطنين السعوديين، طبقت الحكومة نظام السعودة الكاملة الخاصة بها على قطاع الهواتف النقالة في سبتمبر/أيلول 2016؛ وتدرس مقترحات السعودة في قطاعي السيارات والرعاية الصحية. كما أن مدى جدوى هذه المقترحات، على كل حال، في هذه القطاعات الأخرى من المرجح أن تعتمد على تأثير السعودة في قطاع الهواتف النقالة.
النطاقات المسعودة
يسعى برنامج نطاقات مسعودة أو ما يعرف باسم Mausun، المقرر إدخاله في أوائل ديسمبر/كانون أول 2016، إلى رفع مستوى عمل المواطنين السعوديين من حيث الأجر والأدوار المتاحة لهم. سيتم الحكم على امتثال أصحاب العمل مع البرنامج بناءً على المعايير التالية: 1) عدد السعوديين العاملين في الأعمال التجارية؛ 2) متوسط راتب الموظفين السعوديين؛ 3) نسبة النساء السعوديات العاملات؛ 4) معدلات بقاء المواطنين السعوديين في العمل؛ و5) نسبة الموظفين السعوديين في أعلى 25 بالمائة من المناصب المرتفعة الأجر في الأعمال التجارية. وسيتم مكافئة أصحاب العمل في حال امتثالهم مع البرنامج الجديد من خلال منح نقاط لعدد من المواطنين السعوديين العاملين، ومتوسط الراتب المدفوع للمواطنين السعوديين، وعدد الموظفات السعوديات، ومتوسط فترة احتفاظ الموظفين السعوديين بعملهم ونسبة الموظفين السعوديين في أعلى 25 في المائة من المناصب المرتفعة الأجر. كما تسعى الحكومة لزيادة عدد المواطنين السعوديين العاملين في القطاع الخاص، كما سيتم مراجعة الفئة المتوسطة من أصحاب العمل تحت نطاقات إلى ثلاث فئات فرعية من 50-99 موظف و100-199 موظف و200-499 موظف.
"انتداب" المواطنين السعوديين من القطاع العام إلى القطاع الخاص
أصدرت وزارة العمل قرارًا في أكتوبر/تشرين أول 2016 يسمح بعمل موظفي القطاع العام على أساس مؤقت من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص لتمكين القطاع الخاص من زيادة حصص السعودة فيه. وعلى ما يبدو فإن الهدف هو تحفيز القطاع الخاص لتحمل بعض من أعباء الرواتب من على عاتق القطاع العام المتضخم.
المقترح المتعلق باحتساب العمالة الوافدة المسنة على أساس مضاعف
تدرس الحكومة السعودية في الوقت الحالي إجراء تغييرات في القانون للحد من التوظيف واستبقاء العمال غير السعوديين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 عام أو أكثر. ولا يذهب القانون المقترح أبعد من ذلك من حيث منع تشغيل العمال غير السعوديين الذين تتراوح أعمارهم بين 60 وأكثر، ولكنه سيعاقب صاحب العمل من خلال اعتبار كل عامل من هؤلاء العمال بمثابة اثنين من العمال غير السعوديين لأغراض نطاقات.
توفير الحماية للأشخاص ذوي الإعاقة
لا يوجد قانون محدد في المملكة العربية السعودية ضد التمييز في مكان العمل؛ وبشكل تقليدي، فإن الفئة الأساسية المحمية كانت فئة العمال السعوديين. ومع ذلك، في وقت سابق من هذا العام اكتسب العمال ذوي الإعاقة مكانة عالية فيما يتعلق بالحماية بموجب القانون في التوظيف والبقاء في العمل من خلال تنفيذ اللائحة التنفيذية لقانون العمل الصادرة بالقرار الوزاري رقم (1982) بتاريخ 28/6/1437 ه ("اللوائح").
ويخضع أصحاب العمل، الذين لديهم عدد 25 موظفًا أو أكثر يمكنهم تقديم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الشخص ذو الإعاقة، للالتزام بالفعل بموجب المادة 28 من قانون العمل لضمان أن نسبة 4 في المائة من القوى العاملة يكون لديها من الموظفين ذوي الاحتياجات الخاصة. وتذهب اللائحة إلى أبعد من ذلك وتعرف الشخص ذوي الإعاقة على أنه شخص يعاني من واحدة أو أكثر من الإعاقات الدائمة التالية:
"الإعاقة البصرية، الإعاقة السمعية، الإعاقة العقلية، الإعاقة الجسمية، الإعاقة الحركية، صعوبات التعلم، صعوبات النطق والكلام، الاضطرابات السلوكية، والاضطرابات الانفعالية، التوحد، أو أي إعاقة أخرى تتطلب أحد أشكال الترتيبات والخدمات التيسيرية"
تطالب اللائحة التنظيمية أيضًا أرباب العمل تعديل والتكيف مع ظروف العمل والبيئة المادية لموظفيها من ذوي الإعاقة. والأهم من ذلك، تمنح اللوائح الموظفين ذوي الإعاقة نفس الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها غيرهم من العمال؛ لقد أصبح التمييز بسبب الإعاقة غير مشروع، كما أن الإعاقة قد لا تكون هي نفسها سببًا في رفض توظيف أو تشجيع العمال من ذوي الإعاقة أو عدم السماح لهم بالاستفادة من برامج التدريب المهني إذا كان لديهم القدرة على العمل.
عمل المرأة
ظلت المرأة السعودية على هامش القوى العاملة الوطنية لفترة طويلة من الزمن، ولم يتم دعمها من المجتمع المحافظ الذي يسعى للفصل بين الجنسين داخل وخارج مكان العمل على حد سواء، وفرض حظر فريد من نوعه على قيادة السيارات. هذا وقد أدت بيئة العمل التي لا يمكن الوصول إليها وندرة فرص العمل الحقيقية إلى الحد من تأثير النساء العاملات في الاقتصاد. ومع ذلك، فإن الحكومة لا يمكن أن تستمر في إهمال نمو وأهمية الموارد الوطنية في النساء العاملات الذين يتخرجون بأعداد متزايدة من جامعاتها، وعند القيام بذلك، يتم تحدي القواعد الاجتماعية وينظر بحكمة إلى دورهن في المجتمع على نطاق أوسع. وتسعى الحكومة من خلال رؤية 2030 إلى زيادة مشاركة الإناث إلى نسبة 30 في المائة من القوى العاملة.
ولتشجيع المرأة السعودية على العمل في القطاع الخاص، فقد اتخذت الحكومة خطوة في العام الماضي لتعديل قانون العمل وزيادة استحقاقات إجازة الأمومة وجعلها أكثر مرونة؛ وقد تم تعديل القانون أيضًا لزيادة استحقاق إجازة الحداد لمدة العدة الكاملة وهي 4 أشهر و10 أيام للموظفات المسلمين. ومنذ ذلك الحين، فقد تعاملت الحكومة مرة أخرى مع العمل عن بعد للنساء للتغلب على مشكلات النقل وسعت إلى تشجيع منافذ البيع بالتجزئة المتنقلة فقط للنساء. وعلاوة على ذلك، فقد أظهرت الحكومة مبادرة ضئيلة لإحراز مشاركة أكبر للمرأة في مكان العمل.
خاتمة
إذا كانت الحكومة السعودية تسعي لتحقيق خطتها ورؤيتها لتحويل الاقتصاد والتنويع بعيدًا عن الاعتماد على النفط فيما بعد، فسوف تحتاج إلى قطاع خاص نشط لا يشعر بالأعباء أو التقيد بتوظيف المواطنين السعوديين. حيث تمنع تدابير السعودة في القطاع الخاص من توظيف أفضل المرشحين المؤهلين، ومن شأن ذلك دائمًا أن يخلق التوتر بين احتياجات العمل وتكلفة توظيف المواطنين السعوديين. وفي حين أن القوى العاملة الوطنية قادرة على المنافسة في ظل ظروفها المحيطة مع المغتربين، سيستمر الاقتصاد السعودي في الاعتماد على العمالة من غير السعوديين بقدر ما هو مرجح أن يستمر في الاعتماد على النفط في المستقبل القريب.
© Al Tamimi & Company 2016