24 11 2016

تشتهر إمارة دبي بمبانيها الشاهقة التي تلوح في أفق المدينة ولقد كنت محظوظة للغاية طوال الفترة التي عشت فيها في هذه المدينة المتنامية والتي تزيد عن 25 عاما أن أشهد تطور السوق العقاري بصورة متسارعة. أتذكر في آواخر الثمانينات من العقد الماضي مشاهدة مبنى مركز دبي التجاري العالمي وأنا في طريق العودة من المطار حيث كان أطول مبنى على شارع الشيخ زايد. أما الآن فقد اختلف المشهد تماماُ، وأصبحت المعالم العمرانية المرتفعة تزيّن الشوارع على طولها.

تستضيف دبي حالياً أعداد غير مسبوقة من السياح شهرياً، حيث أظهر التقرير الخاص بقطاع الضيافة الصادر عن شركة "جونز لانج لاسال" مؤخراً تحقيق دبي لرقم قياسي في عدد الغرف الفندقية مع بلوغها 100 ألف غرفة في مطلع العام الحالي. وتستهدف دبي استقبال 20 مليون زائراً بحلول العام 2020، وفي إطار ذلك سيشهد عدد الغرف والشقق الفندقية أو "المفاتيح" المتاحة في المدينة تزايداً مستمراً.  

ولا تزال العقارات السكنية المطورة بالشراكة مع العلامات التجارية تلقى اهتماماً واسع النطاق في قطاع الضيافة في دبي، حيث نشهد حالياً هيمنة العقارات السكنية بتوقيع العلامات التجارية الفاخرة على المدينة مثل "أرماني" و"فيرساتشي" وقريبا سيستقبل السوق العلامة التجارية "بلغاري".

وتحقق العقارات السكنية التي تحمل العلامات التجارية ربحاً أكبر للمطورين بالمقارنة مع العقارات السكنية التي لا تحمل العلامات التجارية،  بالإضافة إلى عائدات استثمارية أعلى للمشترين من جهات أخرى، كما تضمن التجهيزات والمرافق المرتبطة بالوحدات إلى جانب السمعة التي تحظى بها تلك العلامات الحصول على عائد أكبر.

يقوم مشغل الفندق بمنح ترخيص لمطور العقارات السكنية الأمر الذي يسمح له استخدام اسم الفندق أو العلامات التجارية الأخرى عند إجراء عملية البيع للمستثمرين الآخرين. كما تمنح جمعية المالك حق استخدام اسم العلامة التجارية في اسم المبنى.

ويتم عادة دفع نسبة ثابتة متفق عليها مسبقاُ من سعر بيع كل وحدة سكنية للمشغل وتكون مدة الرخصة في معظم الأحيان ما بين 3 إلى 5 سنوات (مع حق تلقائي للمشغل بإنهاء الترخيص في حال انتهاء اتفاقية الإدارة الخاصة بالفندق).

ومن الطبيعي أن يطلب المشغل حق الموافقة على اتفاقيات البيع والشراء مع الاشتراط على المستثمر الحفاظ على العقارات السكنية وفقاً لمعايير العلامة التجارية (والتي سيتم تطبيقها على المناطق المشتركة أيضا). ويتوجب على جمعية المالك إجراء الصيانة للمناطق المشتركة بما يتماشى مع المعايير المفروضة. وفي حال عدم الالتزام بتلك المعايير (نتيجة لنقص في التمويل مثلاً) يحق للمشغل انهاء اتفاقية العلامة التجارية الخاصة بالوحدات السكنية.

ومن المتعارف عليه قيام المطور بالاحتفاظ بعدد من الوحدات السكنية (لتكون جزءاُ من مخزون الفندق كشقق مشمولة بالخدمات الفندقية) وغالبا ما يُطلب من المشتري/المستثمر بأن يتم إدراج الوحدة في مخزون الفندق أو إعطاءه خيار "تعهيد" الوحدة إلى الفندق للقيام بإدارتها كجزء من مخزونه (غالبا ما يشار إلى ذلك بعملية إدراج الوحدات ضمن برنامج التأجير”rental pool”). 

ولقد شهدنا نجاح مثل هذه النماذج التي تمثلت في الاتفاقيات الرائجة التي تطلب من المستثمر القيام "بإعادة تأجير" حقوقه في العقار لصالح المطور، والذي يقوم بدوره بإعطاء الحق للمشغل بإدارة الوحدة (عادة من خلال اتفاقية إدارة الفندق). وينبغي تحديد توزيعات التكلفة وتقاسم الأرباح بين جميع الأطراف في ترتيبات "إعادة التأجير" أو إدراج الوحدات ضمن برنامج التأجير.

قد يكون هيكل الترتيبات والاتفاقيات المبرمة معقداً ولا بد من تنسيق استراتيجيات ومصالح الأطراف ليعود نموذج العقارات السكنية بتوقيع العلامات التجارية بالنفع على جميع الأطراف. ومع ذلك، وبالنظر إلى العائدات المحتملة وزيادة الإقبال على العقارات التي تحمل العلامات التجارية، سيكون من المثير للاهتمام تتبع تطور هذا القطاع.

© Opinion 2016