06 07 2016

استمرار انخفاض أسعار النفط تهديد مباشر للاحتياطيات المالية

الإيرادات النفطية لن تصبح كافية في السنوات القادمة لكي تمارس الحكومات دور صاحب العمل الرئيس تجاه السكان الشباب المتنامية أعدادهم بسرعة، هذا التحذير الصريح أطلقه صندوق النقد الدولي مؤخرًا على لسان خبرائه مارتن سومر وهوان تريفينو ونيل هيكي، والذين طالبوا صناع السياسات في الدول الخليجية بوضوح بتشجيع القطاع الخاص لمساعدة اقتصاداتهم على تنويع الأنشطة بعيدا عن النفط، لاسيما في ظل وجود بنية تحتية عالية الجودة، ولكن معوقات البيروقراطية والثغرات الباقية في الأطر القانونية والتنظيمية هي عقبة أمام ذلك.

لم يعد ممكنًا استمرار حكومات الدول النفطية في رعاية المواطنين من الألف إلى الياء، فقد أدى الهبوط الكبير والمطول في أسعار النفط منذ منتصف 2014 إلى تحول ميزانيات هذه الدول إلى العجز بعد أن كانت تحقق فوائض كبيرة منذ سنوات، وهو أمر جلب أيضًا التباطؤ الاقتصادي، إذ إن غالبية الأنشطة في هذه الدول ذات ارتباط مباشر أو غير مباشر بالنفط، وحسب خبراء صندوق النقد لن يكون اتباع سياسة العمل كالمعتاد أمرا كافيا، وسيتعين على صناع السياسات اعتماد تدابير مؤثرة لوضع الميزانيات العامة على مسار أسلم، ومعالجة المخاطر التي تتعرض لها السيولة وجودة الأصول في القطاع المالي، وتحسين آفاق النمو. وستكون هذه عملية صعبة وطويلة الأجل، فالدول النفطية مطالبة بفعل المزيد، أكثر مما كانت تعتقد في البداية، حيث جرى النظر إلى الاحتياطات المالية كطوق نجاة، لكن في ظل استمرار انخفاض أسعار الخام والسحب من الاحتياطات فإن المخاطر كبيرة ما لم يتم اللجوء لسياسات مختلفة.

كما تجد حكومات الدول النفطية نفسها أمام تحد كبير، فيما يتعلق بتأمينها للوظائف والطاقة الرخيصة، فأجور القطاع العام أكبر بكثير في دول الخليج والجزائر، وهو وضع مستقر منذ وقت طويل في إطار العقد الاجتماعي بين صناع السياسات ومواطنيهم، كما جرت العادة على أن تكفل الدولة أسعارا منخفضة للوقود والمياه والكهرباء كجزء آخر من العقد الاجتماعي، وحسب خبراء صندوق النقد فإن إصلاح هذه الأشكال من الدعم دليل جدير بالترحيب على التغير الهائل في سياسات البلدان المصدرة للنفط، فقد اتخذت كل من عمان والإمارات العربية المتحدة، ثم قطر، خطوة أخرى باستحداث التسعير التلقائي، حيث تتعدل أسعار الطاقة المحلية تبعا للمعايير القياسية الدولية. ويتمثل التحدي القائم أمام صناع السياسات عبر بلدان المنطقة في تحريك أسعار الطاقة نحو المستويات الدولية على نحو يحد من الأثر الاجتماعي السلبي؛ كأن يتم ذلك من خلال التحويلات الموجهة لشرائح السكان محدودة الدخل على سبيل المثال.

© Annahar 2016