أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة: اختتمت "قمة أبوظبي للبنية التحتية 2025" بنجاح أعمالها اليوم، بعد أن استقطبت أكثر من  4,000مشارك من أكثر من 100 جنسية، وتوقيع 15 مذكرة تفاهم وشراكة استراتيجية على مدار يومين، لترسّخ مكانتها كمنصة دولية رائدة للحوار وتبادل الرؤى حول مستقبل التنمية الحضرية.

وانطلقت فعاليات القمة تحت شعار "مدن المستقبل: إعادة تصور البنية التحتية للارتقاء بأنماط الحياة". وشهد اليوم الختامي سلسلة من الجلسات التي تناولت سُبل توظيف البنية التحتية المبتكرة، والتكنولوجيا المتقدمة، والشراكات الاستراتيجية لبناء مدن نابضة بالحياة، قابلة للعيش، ومحفّزة للنمو الاقتصادي.

بدأ اليوم الختامي للقمة بزخم مستمد من نجاح اليوم الأول، مع التركيز على موضوع تطوير نمط الحياة. وافتُتح اليوم بكلمة ترحيبية ملهمة ألقاها سعادة المهندس ميسرة محمود سالم عيد، المدير العام لمركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية. شدّد فيها سعادته على أهمية القمة بوصفها "منصة محورية تصل بين الفكر العالمي والعمل التطبيقي في قطاع البنية التحتية". وأكدّ سعادته أن البنية التحتية ليست مجرد إطار، بل هي "الركيزة الأساسية" التي تعكس هوية المدينة وقيمها واستعدادها لمستقبل واعد. وقد شكّلت هذه الرؤية المنطلق للنقاشات في اليوم الثاني.

التميّز الحضري: تجارب مستقاة من أكثر المدن ابتكاراً

ناقش كل من دانيال ليو، المدير التنفيذي لشركة مورو إنتليجنس؛ وإمري أرولات، الشريك المؤسس والمدير الرئيسي في شركة إمري أرولات للهندسة المعمارية؛ وأسماء الجسمي، المديرة التنفيذية لقسم إدارة المشاريع والعمليات التشغيلية في مشاريع الدار؛ وغريغ بارغول، المدير التنفيذي لقسم التطوير في شركة مدن العقارية، دور المدن الرائدة في تغيير ملامح الحياة الحضرية من خلال مفاهيم النمو الشامل، والاستدامة، والحفاظ على الهوية الثقافية. وشدّد دانيال ليو على أهمية تبنّي أطر تركّز على الإنسان عند تقييم أثر البنية التحتية، بينما تناول إمري أرولات دور التصميم المعماري في التعبير عن الهوية المحلية وتعزيز التجربة اليومية للسكان. وأبرزت أسماء الجسمي أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في تمكين مجتمعات مزدهرة وصالحة للعيش. أمّا جريج بارغول فأوضح أن دمج البنية التحتية ضمن نماذج تضع الإنسان كأولوية رئيسية يمثل عنصراً أساسياً في تحقيق التميّز الحضري على المدى البعيد. وقد أثرت هذه المداخلات الحوار بمضامين تتماشى مع التوجهات الحضرية المستقبلية لإمارة أبوظبي.

ما وراء الفولاذ والخرسانة: الانسجام مع الطبيعة في التخطيط الحضري

عُقدت بعد ذلك جلسة نقاشية، شارك فيها بول أوبراين، الرئيس التنفيذي للتطوير في "مُدن القابضة"، حيث تناولت التوجه العالمي المتزايد نحو تبنّي منهجيات عمرانية تتكامل مع الطبيعة. وأكد أوبراين أن الحجم التشغيلي لـ"مُدن القابضة" يمنحها القدرة على دمج عناصر الاستدامة منذ المراحل الأولى للتطوير، ما يسهم في رفع الكفاءة وتعزيز القيمة الإجمالية لمحفظتها الاستثمارية. كما أكدّ على الدور الريادي الذي تضطلع به "مُدن القابضة" في تصدير نماذجها المبتكرة في التطوير الحضري، مشيراً إلى أن نجاح المدن يتعزز حينما تنسجم مع الأنظمة البيئية والتكنولوجية بدلاً من مقاومتها.

تصور جديد للمساحات العامة: التنقل الذكي والمراكز الحضرية متعددة الاستخدامات

وشهدت فعاليات القمة جلسة نقاشية تفاعلية استعرضت كيف تُطوّرُ المدنُ أنظمة حضرية مرنة وحيوية تدمج بين النقل والتجارة والتفاعل الاجتماعي ضمن إطار متكامل، يزيل الحواجز التقليدية بينها. ركّز النقاش على أهمية تبني نهج يضع الإنسان في صميم التنمية الحضرية، إلى جانب الاستفادة الذكية من البنية التحتية القائمة. وشارك في الجلسة كل من عمران مالك، مدير مجمع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة (SAVI)؛ والدكتور طالب الهنائي، مدير عام شركة "آرتشر للطيران" - الإمارات العربية المتحدة؛ وسلام عليان، مستشار استراتيجية إدارة المشاريع في مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية؛ وبراشانت كابيلا، عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للاستشارات الهندسية، حيث قدّموا رؤى متميزة حول مستقبل المساحات العامة والتنقل الحضري.

قالت سلام عليان: "كل مواطن يتوقع أن تكون المساحات العامة عملية ومفتوحة ويمكن الوصول إليها بسهولة، وكذلك يجب أن تكون آمنة، ومقاومة لتغير المناخ، وذلك من خلال الاستفادة من التقنيات المتطورة وميزات الاستدامة". وبناءً على ذلك، قدم عمران مالك تفاصيل حول نهج أبوظبي المتطور في مجال التنقل الذكي، وأوضح قائلاً: "نحن نبحث في سبل الاستفادة من البنية التحتية الحالية، مثل مهابط الطائرات العمودية ومواقف السيارات في مجال النقل متعدد الوسائط، بما يحقق أقصى استفادة من كل مساحة". وفي إطار هذه الرؤية، قدم الدكتور طالب الهنائي من شركة "آرتشر للطيران" تصوراً لمستقبل التنقل الجوي الحضري، حيث قال بهذا الخصوص: " تتمثل مهمة ’آرتشر‘ في استبدال رحلات السيارات التي تستغرق من 60 إلى 90 دقيقة برحلات تاكسي جوي كهربائية تستغرق من 10 إلى 20 دقيقة، مما يوسع نطاق الوصول إلى خدمات التنقل الحضري الفعال". وناقشت اللجنة كذلك أهمية وجود أطر قوية وضرورة التعاون في تحقيق هذه الرؤى الحضرية المتقدمة.

تعزيز المشاريع التطويرية الفاخرة ذات العلامة التجارية

انطلقت فعاليات فترة ما بعد الظهر بجلسة نقاشية ضمت كل من مايكل بيلتون، الرئيس التنفيذي لشركة "ميريد"؛ وكريستينا زانيك، الرئيسة التنفيذية ومؤسسة شركة كريستينا زانيك للاستشارات؛ وديفيد هارمان، رئيس قسم التطوير في شركة مدن العقارية؛ وملهم خريبة، الرئيس التنفيذي للتطوير في "ريبورتاج"؛ وقوروش صالحي، الشريك والمدير العالمي للتصميم في شركة إل دبليو كيه آند بارتنرز، حيث ناقشوا سبل تطوير العقارات الفاخرة لتقدم أنماط حياة مُصممة بعناية وتجارب غامرة تحمل توقيع أرقى العلامات التجارية.

وبدورها قالت كريستينا زانيك: "لقد اختلف مفهوم الرفاهية في وقتنا الحالي، حيث باتت تشمل عناصر جديدة مثل تنقية المياه والهواء، وتصميم الوحدات السكنية بما ينسجم مع البيئة الخارجية". وفي السياق ذاته، قال ديفيد هارمان: "يتطور مفهوم الفخامة بشكل مستمر... ليصبح أكثر تركيزاً على المشاعر، والشعور بالأمان، وإدخال عناصر الرفاهية التي تربط العقارات بالطبيعة". كما سلط ملهم خريبة الضوء على نموذج التشغيل الفريد لشركة ريبورتاج، وقال: "نعمل بدون أي رافعة مالية أو ديون، لأننا نتحكم في العملية بأكملها من التصميم إلى التنفيذ، ونوفر التكاليف على المشترين". واختتم قوروش صالحي قائلاً: "إن جوهر أي تنمية مستدامة يكمن في جودة المبنى، والمساحة العامة، والمرافق التي يوفرها، مما يعزز حضوره وتفاعله مع المدينة ككل"، وأكد أيضاً أن أبوظبي لم تعد بحاجة إلى الاستلهام من مدن أخرى.

البنية التحتية لأسلوب الحياة: بناء اقتصاد صحي بمليار دولار

استضافت الجلسة الختامية لليوم وسعادة محمد السويدي، المدير التنفيذي لشؤون تمويل المشاريع الرأسمالية في مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية؛ وجورج باسكال هبر، الرئيس التنفيذي لمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، في جلسة حوارية تناولت النمو المتسارع لقطاع الصحة وتكامله مع التنمية الحضرية، مع التركيز بشكل كبير على نهج أبوظبي الفريد في هذا الإطار. وخلال الجلسة قال سعادة محمد السويدي: " يمزج نهج أبوظبي الفريد في مجال الصحة تراثها وتقاليدها الثقافية مع التكنولوجيا المتقدمة، مما يوفر تجربة متميزة وشاملة". ومن جانبه أكد جورج باسكال هبر على المكانة المتنامية لأبوظبي في هذا المجال، وقال: "أصبحت أبوظبي مركزاً رائداً للرعاية الصحية بفضل بنيتها التحتية وبيئتها المتميزة."

وخلال فعاليات اليوم الثاني، تركزت المناقشات حول دور أبوظبي الاستباقي في رسم ملامح مستقبل ترتبط فيه التنافسية الاقتصادية بجودة الحياة ارتباطاً وثيقاً. وأكدت المناقشات التزام الإمارة بالاستفادة من التكنولوجيا، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، وتطبيق سياسات متطورة لبناء مدن مرنة ومستدامة تركز على الإنسان.

رسّخت قمة أبوظبي للبنية التحتية 2025 مكانتها كمنصة عالمية محورية لتعزيز الحوار البنّاء، وإبراز النهج الرؤيوي لأبوظبي في تطوير البنية التحتية. وقد شهدت النسخة الافتتاحية للقمة مشاركة أكثر من 70 متحدثاً بارزاً، قدّموا رؤى ملهمة من شأنها أن تثري معارف الجيل القادم من خبراء التخطيط والتطوير الحضري على مستوى العالم.

-انتهى-

#بياناتحكومية