
ظلت التواشيح والابتهالات الدينية حكرًا على الرجال لعقود طويلة، باستثناء بعض السيدات اللاتي لمعن في مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – مثل المنشدة ياسمين الخيام.
لكن فرقة "الحور" للإنشاد الديني، كسرت تلك القاعدة، لتكون أول فرقة إنشاد ديني مكونة من فتيات فقط في مصر، ليثبتن أنهن قادرات على منافسة الرجال باحترافية في أداء التواشيح والأناشيد الدينية.
"سلام" حاور نعمة فتحي، أثناء تغطية حفل فرقة "الحور"، الأربعاء الماضي بساقية عبد المنعم الصاوي بالقاهرة، لتروي تجربتها الفريدة في تقديم عروض وأصوات نسائية محترفة تؤكد أنها قادرة على أداء أي نوع من أنواع الغناء.
انطلاقة
تحكي "نعمة" عن عشقها لفن الإنشاد الديني والأغاني الفلكلورية، ولكونها متابعة جيدة لحلقات المنشدين والمداحين، فكانت تحلم دائمًا بعمل يبرز طاقة الفتيات، بشكل هادف، ويحمل رسالة دينية سامية.
وتقول: "فكرت في السبب وراء عدم وجود فرقة نسائية للإنشاد الديني، خاصة أن هناك العديد من الأصوات النسائية الرائعة في مصر، وفي مطلع هذا العام وتحديدًا في شهر فبراير/ شباط، اتخذت أول خطوة في طريق تحقيق الفكرة".
تضيف: "وفقني الله في اختيار الفتيات عضوات الفرقة، بعد إجراء اختبار لمواهبهن، وبالفعل كوّنت أول فرقة للإنشاد الديني للفتيات فقط".
وتكمل: "الفرقة تقدم العديد من الأناشيد والتواشيح الدينية المعروفة، وتسعى لتقديم أعمال تخصها فقط".
تحديات
تذكر "نعمة" حجم الصعوبات التي واجهتها، حتى تستطيع أن تظهر الفرقة إلى العلن، وتقدم أولى حفلاتها، والتي تمثلت في بعض الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المتعمدة من بعض الجهات.
وتقول: "كل حفل يمثل لنا تحديًا جديدًا، ونسعى لإثبات أن الإنشاد ليس حكرًا على الرجال فقط، وأن لدينا فتيات قادرات على مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وغناء الأناشيد بأفضل أداء"

ردود أفعال
تشير مؤسسة فرقة الحور إلى ردود أفعال الجمهور بعد أول ظهور للفرقة، قائلة: "وجدنا استحسانًا كبيرًا وردود أفعال رائعة من الجمهور الذي حضر أولى حفلاتنا".
وتضيف: "لكن بعض الكيانات هاجمتنا - وهذا ما توقعته من البداية - لكننا لا نهتم بمثل هذه الأفعال، ونسعى لأن نقدم أفضل ما لدينا دائمًا".
وتكمل: "منذ ظهورنا على الساحة الغنائية الدينية بمصر، قدمنا العديد من الحفلات الناجحة، وأثبتنا قدرتنا على غناء أصعب الأناشيد والتواشيح بطبقات صوتية عالية".
لا دعم
تؤكد نعمة فتحي، أن الفرقة لم تتلق أي نوع من أنواع الدعم المادي أو حتى المعنوي، من أية جهة رسمية أو خاصة، كما أنها لا تنتمي إلى أية كيان سوى نقابة المهن الموسيقية.
وتمنت لو أن هناك جهة تدعم أول فرقة للإنشاد الديني للفتيات فقط، حتى تحقق انتشارًا أوسع على المستوى المحلي والدولي أيضًا.
مستقبل "الحور"
تقول نعمة: "أسعى حاليًا لإنشاء بيت كبير يحتضن كل عضوات الفرقة، ويحمل اسم "بيت الحور"، ليهتم بدعمهن ماديًا ومعنويًا، ويتبنى مواهبهن الفنية، بهدف الحفاظ على كيان الفرقة".
وتطمح مؤسسة الفرقة أن يصل صوتها إلى أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي، لتثبت أن الفتيات قادرات على فعل أي شيء.
وتشير إلى أن الفرقة تستعد لإحياء العديد من الحفلات خلال شهر رمضان الجاري، أبرزها حفل الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة، وحفل بوزارة التنمية المحلية، كما تستعد الفرقة للظهور في العديد من اللقاءات التليفزيونية في الفترة المقبلة.
عضوات الفرقة
تتكون الفرقة من 7 فتيات أصغرهن حبيبة محمد رمضان، في المرحلة الإعدادية، بجانب هنا الحافظ، إسراء عصام، ياسمين، إيمان، رانيا، نعمة.
كما أن هناك العديد من الفتيات المنضمات للفرقة، لكن يصعب عليهن الظهور بسبب ارتباطهن باختبارات نهاية العام الدراسي.

برنامج الحفل
قدمت فرقة "الحور" للإنشاد الديني حفلاً فنيًا رائعًا بساقية الصاوي خلال رمضان الجاري، زخر بالعديد من الأغاني التراثية المعروفة والأناشيد الفلكلورية الدينية.
بدأ الحفل بأنشودة "عليه الصلاة وأزكي السلام" ثم "عليك سلام الله"، وقدمت الفتيات بعض الابتهالات للشيخ سيد النقشبندي، مثل "مولاي".
كما قمن بأداء بعض الأغنيات الرمضانية مثل: "رمضان جانا"، و"سبحة رمضان"، و"والله بعودة يا رمضان".
ومن أبرز الأناشيد التي قدمتها الفرقة: "إلى رحاب النبي" و"قمرٌ"، و"الرضا والنور"، "القلب يعشق كل جميل" لكوكب الشرق أم كلثوم.
وكان ضيف الحفل المنشد عمرو خطاب، والذي شاركهن الغناء في أنشودة "طلع البدر علينا" في ختام الحفل.
حوار خاص
كما حاور "سلام" إسراء محمد رمضان، أصغر عضوات الفرقة؛ للتعرف على تجربتها.
تقول إسراء: "أغني وأنا في السادسة من عمري، فوالدتي هي من اكتشفت صوتي وتقف خلفي دائمًا لأتقدم للأمام".
وتضيف: "اشتركت في دار الأوبرا المصرية، وقمت بالغناء في فرقة الموسيقار سليم سحاب، إلى أن اتجهت للإنشاد الديني مؤخرًا، وانضممت لفرقة "الحور".
وعن سبب اتجاهها للإنشاد الديني، قالت إسراء: "الإنشاد الديني له رونقه الخاص بين الفنون الغنائية، فهو يخدم صوت صاحبه بشكل كبير لأنه يفيد طبقات الصوت، ويعد تمرينًا من أصعب تمرينات الغناء على الصوت".