19 06 2016

لقد كان تطوّر النظام المصرفي في قطر جزءاً لا يتجزأ من النمو الاقتصادي السريع للبلاد بطرق مختلفة. هذا الأسبوع، سوف نركز على جزء مهم من البنية التحتية الاقتصادية في قطر: تاريخ التعامل بالريال القطري الذي يعتبر الوحدة الأساسية لعملة دولة قطر.

من السهل نسيان أن قطر كباقي دول الخليج العربي، لم يكن لديها عملة محلية سابقاً، إذ كانت الروبية الهندية هي العملة المتداولة حتى منتصف الخمسينيات، حتى تم استبدالها بروبية الخليج التي أصدرها البنك الاحتياطي الهندي والتي كانت تعادل في قيمتها الروبية الهندية.

وفي العام 1965، تم توقيع اتفاقية عملة خليجية بين حكام قطر، ودبي، وأبوظبي والبحرين لتوحيد العملة في المنطقة ولكن بسبب التأخير في تطبيق ذلك، قامت قطر ودبي باتخاذ إجراءات تطوير عملة خاصة بهما وتم توقيع اتفاقية قطر- دبي في العام 1966.

وأصبحت تعرف عملتهما باسم ريال قطر ودبي وتم إنشاء مجلس نقد ليتولى مسؤولية إصدار وتعويض العملات الورقية والمعدنية.
 
وبعد انضمام دبي إلى اتحاد الإمارات العربية المتحدة وإنشاء عملة الدرهم في العام 1973، تم حل مجلس نقد قطر ودبي ونقل الأصول والمطلوبات إلى حكومة دولة قطر.

وفي وقت لاحق تم إنشاء مؤسسة النقد القطري وبدأت قطر في إصدار الريال القطري في مايو 1973.

تزامن إنشاء مؤسسة النقد القطرية (مصرف قطر المركزي لاحقاً) مع تدفق هائل من عائدات النفط نظراً لتضاعف أسعار النفط أربع مرات في العام 1973، وقد استغلّت المؤسسة الوضع الاقتصادي الجديد بالشكل الأمثل وعملت على تطوير إجراءات ومعايير لإدارة القطاع المصرفي وتطوير الاقتصاد.

أدّى ربط سعر صرف الريال القطري بالدولار الأمريكي في العام 1975 إلى اتباع قطر للسياسات المالية المعتمدة من قبل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.
 
وحافظت قطر منذ العام 1980 على سياسة سعر صرف ثابت مقابل الدولار الأمريكي بقيمة 3.64 ريال لكل دولار أمريكي.
 
وعندما بدأ سعر الدولار بالارتفاع أدّى ذلك أيضاً إلى ارتفاع سعر الريال مقابل كافة العملات الأخرى، ولكن، وبسبب ربط سعر الريال بالدولار أيضاً فقد تعرضت قطر أيضاً لضغوط تضخّم خارجية كبيرة بسبب تدهور الاقتصاد الأمريكي وانخفاض قيمة الدولار.
 
وبذلك تبقى إمكانيات الحكومة القطرية ومصرف قطر المركزي محدودة في التعامل مع مثل هذه الاحتمالات طالما بقي سعر صرف الريال مرتبطاً بالدولار الأمريكي.

ما تفقده قطر في استقلالية السياسة النقدية والتأثّر بالتضخم الناجم في الولايات المتحدة الأمريكية، تكسبه في المزايا والثقة التي تأتي مع الاستقرار.

وحافظ سعر الصرف الثابت على استقرار الريال القطري وبالتالي طمأنة المستثمرين، وكما صرّح سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي فإن ربط الريال بالدولار يوفر مصداقية قوية للسياسة النقدية، إذ أن جميع عقود التصدير الخاصة بدولة قطر وفواتيرها تقريبا تتم بالدولار الأمريكي ولذلك فإن سعر الصرف المستقر للريال يعود بالاستقرار على عائدات الصادرات القطرية، وهي المكوّن الرئيسي لإيرادات الحكومة.
 
وفي الختام، على الرغم من أن ربط سعر صرف الريال بالدولار الأمريكي يبدو في بعض الأوقات في غير صالح قطر، إلا أن إدارة النظام المالي في البلاد أثبتت فعاليتها على مر السنين وساعدت في الحفاظ على النمو الاقتصادي المتميّز في قطر.

© Al Raya 2016