PHOTO
خلفية سريعة
الإغلاق: في 1 أكتوبر بدأت الحكومة الفيدرالية الأمريكية إجراءات الإغلاق المالي، بعد فشل الكونغرس في تمرير قانون تمويل ينظم السنة المالية الجديدة التي تبدأ في 1 أكتوبر من كل عام.
الفتح: في 10 نوفمبر، أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون تمويل مؤقت، وتمت الموافقة عليه لاحقاً في مجلس النواب، وتم توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 12 نوفمبر ليغلق بذلك أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة استمر لنحو43 يوم، بحيث أصبح الاتفاق نافذ فور توقيع الرئيس مع إعادة فتح المؤسسات، صرف الرواتب، وتمويل الوكالات بشكل فوري.
- أبرز بنود الاتفاق:
- القانون يمول معظم وكالات الحكومة الفيدرالية حتى 30 يناير 2026.
- تمويل كامل لسنة كاملة لبعض الجهات مثل وزارة الزراعة، البناء العسكري، والشؤون التشريعية (الكونغرس).
- ضمان صرف الأجور المتأخرة لمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين الذين تأثروا بالإغلاق.
- تعليق مؤقت لخطة تسريح واسعة للموظفين الفيدراليين حتى تاريخ التمويل المؤقت.
- مع ذلك، لم يتضمن الاتفاق تمديد فوري لإعانات التأمين الصحي بموجب Affordable Care Act (ACA) المعروف بـ Obamacare التي طالب بها الديمقراطيون، وتم الاتفاق فقط على إجراء تصويت في مجلس الشيوخ بشأنها لاحقاً.
- في مجلس الشيوخ، تم تمرير الاتفاق بــ 60 صوت مقابل 40.
- في مجلس النواب، أُقر المشروع بالتصويت 222 موافقة مقابل 209 رفض.
2- الدروس المستفادة:
من خلال هذه التجربة يمكن استخلاص عدة دروس مهمة، خصوصاً لجهات التمويل، الدولة والأسواق. أبرزها:
- تزايد المخاطر السياسية والمالية
- الإغلاق الحكومي بحد ذاته يحمل تكلفة مالية مباشرة وغير مباشرة كبيرة، ويُظهر أن الخلافات السياسية بين السلطة التنفيذية والكونغرس يمكن أن تؤدي إلى تعطيل واسع للنشاط الحكومي.
- الاعتماد على تمويل مؤقت يؤدي إلى حالة من عدم اليقين المستمر، ما يُقلل قدرة المؤسسات على التخطيط المسبق والاستثمار.
- تكاليف الفرصة والفجوات المؤقتة
- بعض البيانات الاقتصادية أو البرامج تأخرت أو توقفت مثل بيانات سوق العمل والتضخم لأكتوبر والتي قد لا تنشر أبدا أو تأتي متأخرة، أو مجمعة مع بيانات نوفمبر، ما يخلق فجوة في المعلومات الاقتصادية وهذا يُضعف شفافية السوق.
- رغم أن بعض الأجور ستُعوض، لكن التأخير في الدفع أو توقف الخدمات له أثر نفسي واقتصادي على العاملين والجهات المتعاقدة مع الحكومة.
- التأثيرات على الأسواق المالية
- الأسواق المالية لا تحبذ حالة عدم اليقين، فالإغلاق الحكومي يزيد من المخاطر، يؤثر على معنويات الاستثمار، ويُظهر أن المسار المالي للدولة ليس محصن بالكامل.
- عند العودة إلى التمويل، قد يكون هناك ضغط لتعويض التأخيرات أو العجز في بعض البرامج، ما قد يخلق تغيرات مفاجئة في الإنفاق أو السياسات المالية.
- ضرورة التخطيط الاحتياطي والمرونة
- الحكومات والمؤسسات التي تتأثر بالإغلاق تحتاج خطط بديلة للتعامل مع توقف الخدمات أو بيانات اقتصادية متأخرة.
- كذلك، الأسواق والمستثمرون بحاجة لأن يكونوا مستعدين لسيناريو التعامل مع فجوات البيانات أو تغيرات غير متوقعة بسبب تعطل الحكومة.
3- تداعيات الإغلاق وما بعده: تحليل لسيناريوهين
كيف يمكن أن تتطور الأمور على الأسواق والاقتصاد، سواء انتهى الإغلاق أو طرأ حدث جديد أعاد الإغلاق من جديد؟
سيناريو: الإغلاق انتهى
كيف ستتأثر الأسواق؟
- الثقة: انتهاء الإغلاق يُخفض علاوة المخاطر السياسية التي كانت محتسبة في السوق، المستثمرون يعودون للتسعير بناء على البيانات الاقتصادية وليس السياسية، مع ذلك، تبقى آثار عدم اليقين لأن الاتفاق مؤقت وقد يتكرر التعطيل. قد تستعيد الأسواق الثقة، ومع ذلك قد تبقى آثار الصدمة لبعض الوقت. مثلاً قد تتباطأ وتيرة الانتعاش، أو يطرأ تغير في الإنفاق الحكومي.
- سوق الأسهم: أسهم القطاعات المتضررة من الإغلاق، مثل أسهم شركات التكنولوجيا، الدفاع، المقاولات، المطارات، خدمات السفر، ترتفع مع عودة العقود. الشركات التي تعتمد على الإنفاق الحكومي تتنفس من جديد.
- العوائد على السندات: مع عودة الاستقرار المالي، ينخفض التأثير السياسي على عوائد السندات. فالطلب على السندات يتحسن لأنها تستعيد دورها كأصل آمن بدون تهديد سياسي داخلي.
- الدولار الأمريكي: غالباً يتحسن على المدى القصير لأن انتهاء الإغلاق يعيد الولايات المتحدة إلى حالة استقرار إداري ومالي. لكن زخم الدولار سيعتمد على البيانات الاقتصادية المنتظرة والتي كانت متوقفة.
- البيانات المتأخرة: قد تشهد الأسواق تقلب أعلى لأن البيانات ستأتي دفعة واحدة بعد أسابيع من الغياب. أية مفاجأة في بيانات الوظائف أو التضخم قد تحرك الأسواق بقوة.
- تكلفة تراكمية: خسائر في الإنتاج، تأخير المشاريع، واحتمال أن بعض التأثيرات لا يمكن تعويضها بالكامل.
ما يجب مراقبته؟
- هل البنوك والكيانات المالية تأخذ التأخير في البيانات والمعلومات في تحليلها وما إذا تم تعديل التقييمات؟
- هل أي برامج توقفت ستُعوض؟ مثلاً برامج إقراض، مساعدات، أو إنفاق حكومي في حالة تجميد؟
- هل السوق طرحت تسعير لتأخيرات البيانات أو العجز في الميزانية الذي نتج عن الإغلاق؟ بمعنى، هل أحد ما أعطى خصم للسوق على أن البيانات ستكون أقل جودة أو أن النمو سيكون أقل؟
- ما هي التأثيرات النفسية للمستثمرين والعاملين؟ هل هناك تراجع في الثقة أو زيادة في التوجس من أن يحدث الأمر مرة أخرى؟
سيناريو: حدث جديد يعيد التعطيل
الذي يمكن أن يحدث:
- التكاليف: قد ترتفع على أثر أجور مؤجلة، تعويضات، خسائر في الإنتاج أو تعطل المشاريع الحكومية الكبرى.
- الدين العام والتمويل: إذا استُخدمت تحويلات مؤقتة أو تم اللجوء إلى تمويل طارئ، قد يزيد القلق من قدرة الحكومة على التحمل، ويُحتمل أن يزيد العائد المطلوب على السندات الأمريكية، أو أن يتم إعادة تقييم الملاذ الآمن للولايات المتحدة.
- السوق: المستثمرون يمكن أن يطلبوا خصم إضافي عند الاستثمار في أصول مرتبطة بالاقتصاد الأمريكي، أو أن يتراجع العطاء للسندات الحكومية، أو أن ترتفع تكلفة الاقتراض.
- سياسات البنك المركزي: إذا تأخرت البيانات أو كانت غير مكتملة، تصبح قدرة الفيدرالي على اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة أو التيسير أقل دقة، مما قد يزيد التقلبات في الأسواق.
في الخلاصة، التعويض الكامل غالباً من الصعب تحقيقه.
فعلى سبيل المثال، الوقت الضائع في المشاريع لا يمكن استرجاعه بسهولة، والخسائر في الثقة قد تستمر وتبقى في تسعير المخاطر، ناهيك عن البيانات التي فقدت دقتها بسبب انقطاع السلاسل الزمنية والفرص التجارية التي ضاعت على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
لكن يمكن التخفيف من هذا الوضع، إذا أسرعت الحكومة عند عودة الإنفاق، دفعت الأجور المتأخرة، أصدرت البيانات المتأخرة دفعة واحدة، وأعلنت عن خطط لتعويض المتضررين. أما بعض الشركات فقد تستفيد تكتيكياً من توقف المنافسين أو من وجود وقت إضافي لإعادة ترتيب أو تحسين مشاريعها، لكن هذه المكاسب المؤقتة لا تعوض الخسائر المالية والتشغيلية التي نتجت عن الإغلاق الحكومي.
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي، تحرير: ياسمين صالح، مراجعة قبل النشر: شيماء حفظي)
#تحليلسريع
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية، سجل هنا








