رغم التحديات الاقتصادية والسياسية والتأخر في تشكيل الحكومة    

طمأن كبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في بنك عوده اللبناني د.مروان بركات إلى «سلامة الوضع النقدي والمصرفي ومتانتهما على الرغم من التحديات الاقتصادية العامة القائمة».

وسجلت الودائع المصرفية في لبنان نموا مقداره 3.7 مليارات دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018، ما يوازي نمو الودائع المسجل خلال الفترة نفسها من 2017، في حين شهدت محفظة التسليفات تقلصا صافيا قيمته 200 مليون دولار، وهو أول تقلص لها الأعوام الأخيرة.

ولافت، برأي بركات، انه في حين كان نمو الودائع في العام السابق مدفوعا بشكل أساسي بنمو الودائع والعملات الأجنبية، جاء نمو الودائع هذه السنة موزعا بالتساوي بين الودائع بالليرة والودائع بالعملات الأجنبية، ما أسفر عن تراجع طفيف في دولرة الودائع إلى 68.3%.

وأوضح بركات عما إذا كان الوضع المالي والنقدي في لبنان يدعو إلى القلق كما يشاع، أن «من حسن الحظ أن المخاوف الماكرو- اقتصادية المستجدة تطرح في وقت تبلغ فيه عناصر الحماية والخطوط الدفاعية في لبنان أحد أفضل مستوياتها يتمثل الأول في دحض التحويلات من الليرة اللبنانية لصالح العملات الأجنبية (المخاطر النقدية) علما أن هناك تحويلات لافتة لصالح الليرة اللبنانية في السوق في الفترة الأخيرة، لاسيما في سياق الفوائد الجاذبة على الودائع بالليرة.

أما الخط الدفاعي الثاني يتمثل في تمويل أي خروج للرساميل.

وتابع: فيما يتعلق بالخط الدفاعي الأول، تبلغ الاحتياطات بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان اليوم نحو 45 مليار دولار، أي ما يشكل 82% من الكتلة النقدية بالليرة.

علما أن في أحلك الظروف عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في العام 2005 والعدوان الإسرائيلي على لبنان في 2006، تم تحويل زهاء 30% كحد أقصى من الوفورات بالليرة اللبنانية لصالح العملات الأجنبية.

تبلغ التغطية اليوم 82%، وهي ضعف التغطية في البلدان ذات التصنيف المماثل (41% في المتوسط).

وفيما يخص الخط الدفاعي الثاني، قال بركات خلال حديث لموقع «المركزية» اللبناني: تمثل السيولة الأولية بالعملات الأجنبية لدى المصارف 50% من الودائع بالعملات الأجنبية.

ففي حال رغب نصف المودعين في تحويل وفوراتهم إلى خارج لبنان، تتوافر لدى المصارف اللبنانية السيولة الكافية لتلبية حاجاتهم.

ويجدر الذكر هنا أن أثناء الأزمات الحالكة في عامي 2005 و2006، تم تحويل 4% من قاعدة الودائع كحد أقصى إلى الخارج.

عليه، في حال استجدت صدمات مماثلة لتلك التي شهدها لبنان في السابق، يبقى الوضع النقدي والمالي بأمان.

من هنا فإن الظروف المالية والنقدية سليمة رغم التحديات الاقتصادية العامة.

على الصعيد نفسه، يقول مصرفي كبير لجريدة «المستقبل» اللبنانية أن ما يسجله القطاع المصرفي اللبناني من مؤشرات، جيد نسبة لما يحققه القطاع المصرفي العربي، رافضا رسم صورة قاتمة عن الوضع العام، «طالما لا نشهد هروب رساميل إلى الخارج، حتى أنه لا توجد تحويلات كبيرة من الليرة إلى الدولار رغم المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان سياسيا والتأخر في تشكيل الحكومة»، مبررا ان رفع معدلات الفوائد لحاجة لبنان إلى أموال لتغطية العجز، ويعتقد أن تطورات إيجابية محلية ودولية ستساهم بالتأكيد في تخفيف الضغوط عن معدلات الفوائد، كمثل أن تشهد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وكندا وغيرها هدوءا، مما سيكون له من انعكاسات على الأسواق الناشئة ومنها لبنان.

ويرى المصرفي أن تشكيل حكومة من شأنه أن يخفف الضغط على المصارف المضطرة أن تزيد معدلات الفائدة بهدف جذب الودائع في إجراء تحوطي لأي تطور، مؤكدا أن لبنان قادم على تحقيق ايجابيات «إذا ما تم تطبيق الإصلاحات المنشودة من الداخل والخارج حتى نبدأ من الاستفادة من المبالغ المرصودة في مؤتمر سيدر، والتي ستكون انعكاساتها كبيرة على تكبير حجم الاقتصاد وزيادة معدلات النمو».

© Al Anba 2018