09 07 2012
استثمارات محلية لا تذكر في هذه القطاعات
تعتبر الصناعات المعدنية الأساسية واحدة من أهم الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشكل استثماراتها المتراكمة حتى عام 2011 البالغة نحو 42.4 مليار دولار ما نسبته %13.1 من إجمالي الأموال المستثمرة في قطاع الصناعات التحويلية، وهي جاءت في المركز الثاني في الأهمية بعد الصناعات البتروكيماوية وتكرير النفط التي شكلت استثماراتها المتراكمة نحو %57.6، وذلك وفقاً لإحصاءات إدارة المعلومات الصناعية IMI في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك).
وتقدر هذه الإحصاءات الطاقة الإنتاجية القائمة حالياً في دول مجلس التعاون من الألمنيوم الأولي بنحو 3.6 ملايين طن.
وأتت الكويت في المرتبة الأخيرة خليجياً في عدد مصانع قطاع صناعة الحديد والصلب، والأخيرة أيضاً من حيث الاستثمار التراكمي في هذا القطاع.
إلى ذلك، أتت الكويت في المرتبة الأخيرة خليجياً من حيث الاستثمار التراكمي لصناعة الألمنيوم الأساسية والوسيطة.
أوضح الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية الأستاذ عبد العزيز بن حمد العقيل أنه «من المتوقع ازدياد الطلب العالمي على الألمنيوم بشكل خاص بنسبة %6 سنوياً، مما سيؤدي إلى ازدياد الطلب على المنتج الخليجي في الأسواق العالمية، أضف إلى ذلك حالة الازدهار العمراني ومشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي والتي ستؤدي إلى ازدياد الطلب عل منتجات الألمنيوم بأنواعها وبشكل متزايد خلال السنوات القليلة المقبلة»، لافتاً إلى أن المنظمة تهتم بهذا القطاع وتحديدا في مجال صناعة الألمنيوم، حيث ستصدر هذا العام كتاباً جديداً تحت عنوان «صناعة وتجارة منتجات الألمنيوم في دول مجلس التعاون» ضمن إصداراتها السنوية المتخصصة، وهو يهدف إلى رصد وتشخيص وتحليل واقع صناعة وتجارة منتجات الألمنيوم في دول مجلس التعاون.
ويشار إلى أن قطاع الصناعات المعدنية الأساسية يشتمل على صهر وتنقية المعادن الحديدية وغير الحديدية، وإنتاج السبائك المعدنية، سواء كان ذلك من الحديد والصلب، أو الألمنيوم، أو النحاس، أو الزنك، أو المعادن الثمينة.
وتعتبر صناعة وإنتاج الحديد والصلب والألمنيوم من أهم المنتجات المعدنية الأساسية في دول مجلس التعاون الخليجي، التي حققت نمواً مشهوداً خلال السنوات القليلة الماضية، بحيث زاد عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات المعدنية الأساسية بنشاطاته المتنوعة من 129 مصنعاً في عام 2000 إلى 268 مصنعاً عام 2011، أي أنها زادت بمقدار الضعف، في حين زادت استثماراتها المتراكمة من قرابة 7 مليارات دولار إلى حوالي 42.4 مليار دولار للفترة نفسها، أي أنها زادت بمقدار ستة أضعاف.
كما زاد عدد العاملين في هذه الصناعات وللفترة نفسها من 24372 عاملاً إلى 58537 عاملاً وبنسبة تفوق الضعف أيضاً.
صناعة الحديد والصلب الأساسية
أصبحت صناعة الحديد والصلب من الصناعات التحويلية المعدنية الراسخة في منطقة دول مجلس التعاون، فهي من أولى الصناعات الأساسية التي دخلت المنطقة الخليجية، حيث بدأ الجيل الأول من هذه الصناعة في جدة في المملكة العربية السعودية، وذلك بإنشاء مصنع جدة للفولاذ عام 1966 لإنتاج حديد التسليح، كما قامت عدة مصانع صغيرة أخرى من هذا الجيل في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي منتصف السبعينات بدأ ظهور الجيل الثاني من هذه الصناعة، الذي تمثل في إنشاء مصنع متكامل للحديد والصلب بطريقة الاختزال المباشر.
وكانت دولة قطر رائدة في هذا المجال حين أنشأت شركة قطر المحدودة للحديد والصلب (قاسكو) عام 1974، التي أصبح اسمها لاحقاً «قطر ستيل»، وبدأت الإنتاج عام 1978.
وتبع ذلك بفترة وجيزة، قيام الشركة السعودية للحديد والصلب (حديد) عام 1979، وقد بدأت الإنتاج عام 1983.
وفي عام 1980 تم تأسيس مصنع كريات الحديد في مملكة البحرين، وبدأ الإنتاج عام 1984، وما ان حلّ العقد الأول من هذا القرن حتى غطَّت هذه الصناعة كل دول مجلس التعاون، وأصبحت منتجاتها تلبي الجانب الأكبر من احتياجات دول مجلس التعاون من مختلف منتجات الحديد والصلب.
وتشمل صناعة الحديد والصلب الأساسية حسب تصنيف النشاط الدولي ISIC بتعديله الرابع، المنتجات التالية: إنتاج الحديد القاعدي والصلب، الذي يتكون من عدة منتجات، منها: كتل وسبائك وقضبان وأسلاك وصفائح وأنابيب ومواسير غير ملحومة، كما تشمل منتجات سبك الحديد والصلب بأنواعها، كصناعة الأنابيب والمواسير ولوازمها من حديد الزهر وغيرها من مسبوكات.
ويشار إلى أن عدد المصانع العاملة في مجالات صناعة الحديد والصلب قد زادت من 84 مصنعاً عام 2000 إلى 184 مصنعاً عام 2011، أي انها زادت بأكثر من الضعف، وزادت استثماراتها المتراكمة من قرابة 2.7 مليار دولار فقط إلى حوالي 19.3 مليار دولار للفترة نفسها، بزيادة بلغت أكثر من 7 أضعاف، مما يدل على أن المشروعات الجديدة كانت من الحجم الكبير الذي تطلب كثافة مرتفعة لرأس المال، كما زادت القوى العاملة في هذه الصناعات من حوالي 15 ألف مشتغل إلى قرابة 39.4 ألف مشتغل للفترة نفسها.
وقد حازت المملكة العربية السعودية حوالي نصف عدد المصانع العاملة في قطاع صناعة الحديد والصلب الرئيسة، تلتها دولة الإمارات بنسبة %31، ثم باقي دول مجلس التعاون بنسب تقل عن ذلك.
كما حازت السعودية نحو %61 من إجمالي الاستثمارات المتراكمة في هذا القطاع حتى عام 2011، تلتها دولة الإمارات بنسبة %20 تقريباً، فباقي دول المجلس بنسبة %19 تقريباً.
كما استوعبت السعودية نحو %64 من عدد العاملين في هذا القطاع للعام نفسه، تلتها الإمارات بنسبة %14.5، فعُمان بنسبة %7.5، ثم قطر بنسبة %6، فالبحرين والكويت بنسبة %4.4، و%3.5 على التوالي.
وتقدر الطاقات الإنتاجية في دول مجلس التعاون من منتجات الحديد والصلب الأساسية بنحو 20 مليون طن من كريات خام الحديد، ونحو مليوني طن من الألواح والصفائح، وحوالي 17 مليون طن من المنتجات الطويلة، ونحو 5 ملايين طن من الأنابيب والمواسير.
كما أن هناك عدداً كبيراً من المصانع والورش التي تقوم بتشكيل المعادن، التي تشمل: المنتجات المعدنية الإنشائية، الحاويات والصهاريج والعلب، والهياكل المعدنية، ومولدات البخار، والمعدات اليدوية والزراعية، ومعالجة وطلاء المعادن، وغير ذلك من منتجات يصعب حصرها. وقد بلغ عدد المصانع العاملة في هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2011 نحو 2370 مصنعاً، وبلغت استثماراتها المتراكمة أكثر من 8.8 مليارات دولار، واستوعبت نحو 177 ألف عامل، مثلت نحو %14 من إجمالي عدد العاملين في الصناعة التحويلية في دول مجلس التعاون.
صناعة الألمنيوم
يعتبر الألمنيوم من المعادن المهمة جداً، لما يتمتع به هذا المعدن من مزايا ومواصفات، فهو خفيف الوزن، مقاوم للصدأ، وموصّل جيد للتيار الكهربائي والحرارة، وتتمتع سبائكه بقوة تعادل قوة الصلب، وهو سهل التشكيل، ويمكن تلوينه كيميائياً، ولهذه الأسباب زاد استخدامه في القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل: صناعة الطائرات والسيارات، وقطاع البناء والتشييد، وصناعة الأواني المنزلية وغيرها.
وتعتبر صناعة الألمنيوم من الصناعات التي تعتمد على كثافة استخدام الطاقة، ونظرا لوفرتها لدى دول منطقة مجلس التعاون، فان هذه الدول أصبحت مؤهلة لأن تكون واحدة من أهم المراكز العالمية في هذه الصناعة، وأن تحظى هذه الصناعة باهتمام دول المنطقة لدعم وتعزيز البنيان الصناعي والاقتصادي فيها.
وتقدر الطاقة الانتاجية القائمة حاليا في دول مجلس التعاون من الألمنيوم الأولي بنحو 3.6 ملايين طن، أقدمها مصنع «ألبا» في البحرين بطاقة تبلغ نحو 860 ألف طن، ثم مصنع «دوبال» في دبي بطاقة 1مليون طن تقريبا، ثم مصنع «صحار» في عمان بطاقة 350 ألف طن، ثم مصنع «قطالوم» في قطر بطاقة 585 ألف طن.
كما تم تشييد مصنع جديد في الامارات «شركة ايمال» بطاقة أولية قدرها 750 ألف طن، كما يجري حاليا تشييد مصنع آخر متكامل في السعودية، يعتمد على استغلال الثروة المعدنية من مادة «البوكسايت» التي تعتبر المادة الخام لانتاج الألمنيوم، ومن ثم انتاج الألمنيوم الأولي، ويضم المشروع اقامة مصفاة لمادة الألمنيوم بطاقة 1.8 مليون طن، ومصنع للدرفلة بطاقة أولية تبلغ 380 ألف طن.
وتقدر مساهمة الانتاج الخليجي بنحو %10 من اجمالي الانتاج العالمي تقريبا، ومع تنفيذ مشاريع مصاهر الألمنيوم المخطط لها في دول مجلس التعاون، من المتوقع أن تصل طاقة انتاج الألمنيوم الأولي بحلول عام 2020 الى حوالي 9 ملايين طن، أي بنسبة تقدر بنحو 15 - %17 من الانتاج العالمي.
اذن لقد فتحت صناعة الألمنيوم الأولي الباب واسعا أمام العديد من الصناعات الوسيطة في المنطقة الخليجية، التي تعتمد على الألمنيوم الأولي كمدخل انتاج. وتقوم هذه الصناعات على استخدام عمليات انتاجية متنوعة في التصنيع أهمها: البثق، والسحب، والدرفلة، والطرق.
وينتج عن هذه العمليات الكثير من المنتجات نصف المصنعة وشبه النهائية، مثل: المقاطع، والأعمدة، والصفائح والألواح والرقائق، والأسلاك والكابلات، وعجلات السيارات.
وقد حققت صناعة الألمنيوم بأنواعها الأساسية والوسيطة في دول مجلس التعاون تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية، فقد ازداد عدد المصانع العاملة في هذا القطاع من 31 مصنعا عام 2000 لتصل الى 44 مصنعا عام 2011 وبزيادة نسبية قدرها %42.
أما الاستثمارات المتراكمة في هذه المصانع، فقد قفزت بشكل هائل نتيجة اقامة مصاهر جديدة في كل من عمان وقطر، اضافة لعدة مصانع لانتاج الألمنيوم الوسيط، الى جانب التوسعات الكبيرة في الطاقات الانتاجية التي شملت عددا غير قليل من المصانع القائمة، وهكذا فقد ارتفع حجم الاستثمار التراكمي في هذا القطاع من حوالي 4.1 مليارات دولار فقط عام 2000 ليصل الى نحو 17.3 مليار دولار عام 2011 أي بزيادة تفوق الأربعة أضعاف.
كما تضاعف عدد العاملين في هذا القطاع، فازداد عددهم من 8.5 آلاف عامل الى حوالي 16.3 ألف عامل للفترة نفسها. ولعل زيادة الاستثمارات بشكل يفوق بكثير زيادة القوى العاملة يدل على أن هذه الصناعات هي كثيفة استخدام رأس المال.
وتشير البيانات الى أن الامارات جاءت في المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات المتراكمة عام 2011، فقد أسهمت بنسبة %47.1 من اجمالي الاستثمارات التراكمية الموظفة في هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي، تلتها قطر بنسبة %25.4، فالبحرين بنسبة %15.2، ثم عمان بنسبة %10.6، ثم بقية دول المجلس بنسب قليلة.
الا أنه من المتوقع قريبا حصول قفزة نوعية في حجم الاستثمارات في قطاع صناعة الألمنيوم في السعودية بعد اكتمال انشاء مصفاة الألمنيوم ومصهر الألمنيوم وما يرتبط بهما من مرافق وتجهيزات.
أما من حيث عدد العاملين في هذا القطاع، فقد احتلت الامارات المركز الأول أيضا، حيث أسهمت بنسبة %42.9 من اجمالي عدد العاملين في دول مجلس التعاون في هذا القطاع، تلتها البحرين بنسبة %28.5، ثم السعودية بنسبة %13.3، فباقي دول المجلس بنسب تقل عن ذلك.
ومما لا شك فيه فقد أسهمت صناعة المعادن الأساسية في دول مجلس التعاون في دعم ومساندة القاعدة الصناعية والاستراتيجية لهذه الدول، حيث تعتبر ركناً أساسياً فيها، نظراً لمجالات استعمالها المتنوعة التي تغطي معظم مناحي الحياة المعاصرة من سكن، ووسائل نقل، ومرافق عامة، وفي مختلف النشاطات الاقتصادية من زراعة وصناعة وبناء وتشييد ونقل ومواصلات وغيرها.
كما أسهمت هذه الصناعات في خلق قيمة مضافة جديدة، شكلت احد روافد الدخل القومي لدول المجلس، كما أسهمت في زيادة الصادرات غير النفطية وتحسين الميزان التجاري، كما أدت إلى توطين التكنولوجيا الحديثة في المنطقة من خلال التعاون والمشاركة مع كبريات الشركات العالمية المتخصصة، إضافة إلى إسهامها في تشغيل المزيد من القوى العاملة الوطنية.
ولعل من أهم المزايا الاقتصادية لهذه الصناعات قدرتها على إمداد العديد من الصناعات المتوسطة والنهائية بالمواد الخام الأولية ونصف المصنعة التي تشكل المدخلات الأساسية لهذه الصناعات نذكر منها: الالمنيوم الأوليّ بأشكاله المتنوعة، والكتل والصبات، والقضبان والمقاطع، والصفائح والألواح، والشرائط والأسلاك والكابلات، والمقاطع الخفيفة، إلخ.
وفي هذا المجال لا بد من التنويه بعدد من الصناعات المعدنية الأساسية الضرورية الغائبة، التي تعد من الفرص الاستثمارية الواعدة في منطقة دول مجلس التعاون، ومنها: صناعة السبائك والحديد المخصوص، وصناعة خطوط ودعامات السكك الحديدية، وإنتاج الأنابيب المسحوبة، وإنتاج كرات الحديد، وصناعة صفائح الحديد المطلية، وإنتاج قطع الحديد المجلفنة كهربائياً، ومنتجات القولبة للالمنيوم، كما أن هناك إمكانية لزيادة الطاقات الإنتاجية في مجال صفائح الالمنيوم المشكلة على البارد، ورقائق، وأنابيب، ومساحيق الالمنيوم.
يذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر إحدى مجموعات الدول العالمية ذات المستوى الأعلى في متوسط الاستهلاك الفردي من الحديد والصلب والالمنيوم، فإلى جانب استهلاك معظم إنتاج الحديد والصلب المنتج محلياً، وكذلك نسبة لا يستهان بها من الالمنيوم ومنتجاته، فإن المنطقة الخليجية قد استوردت في عام 2010 ما قيمته 3.5 مليارات دولار تقريباً من منتجات الالمنيوم، ونحو 10.6 مليارات دولار من منتجات الحديد والصلب الأساسية، ونحو 11.8 مليار دولار من مصنوعات الحديد والصلب المتنوعة.
ويعتبر قطاع البناء والتشييد بمجالاته ونشاطاته المتنوعة في دول مجلس التعاون الأكثر استهلاكاً لهذه المنتجات.
© Al Qabas 2012







