خبراء القمة العالمية للحكومات يرون أنّ المستشفيات التي يديرها القطاع الخاص تقدّم نتائج أفضل من الوحدات التي يديرها القطاع العام.مايكل فاهيتعتزم شركة "في بي أس للرعاية الصحية"، والتي تتخذ من أبوظبي مقرًا لها، تقديم العطاءات لتشغيل المستشفيات في المملكة العربية السعودية بمجرد بدء وزارة الصحة في خصخصتها، وفقًا لمؤسس الشركة.

 "نحن في انتظار بعض المناقصات من وزارة الصحة من حيث الاستعانة بمصادر خارجية لبعض من مستشفياتهم"، قال شامشير فاياليل، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "في بي أس للرعاية الصحية"، على هامش القمة العالمية للحكومات يوم الإثنين 12 فبراير في مقابلته مع زاوية. 

وعندما سُئل "فاياليل" عما إذا كان مرتاحًا لدخول السوق من دون وجود قانون يرعى الشراكات بين القطاعين العام والخاص في المملكة، أعرب عن ثقته بأنّ الهياكل التي أنشأتها وزارة الشركات الخاصة لإدارة المستشفيات ستوفر الضمانات اللازمة التي يحتاجها مستثمرو المشروع. 

وأضاف "لا أعتقد أنّهم سيطلقون مثل هذه المناقصة من دون إبقاء هذه الأشياء في الاعتبار لأنني اعتقد أنّ الجميع ينتظرون الفرص المناسبة للاستثمار في تلك المشاريع".

 تخطط المملكة العربية السعودية لخصخصة العديد من مستشفياتها العامة القائمة كجزء من خطتها الوطنية للتحول. 

وفي الشهر الماضي، أفادت الصحيفة الرسمية السعودية أنّ وزارة الصحة بصدد إنشاء شركة قابضة لإدارة هذه العملية، فضلاً عن خمس شركات صحية تغطي مناطق مختلفة في المملكة. وقال "فاياليل" إنّ طبيعة الرعاية الصحية في المنطقة تتحوّل بعيدًا عن تقديم الخدمات العامة إلى القطاع الخاص.

وأضاف "نحن نرى انّ الاتجاه صحيح لأننا نشعر بأنّه يلقي بعبء كبير ونشعر أنّ المستشفيات العامة لا تستطيع توفير ما هو مطلوب في هذه المرحلة، لذلك عليهم الاعتماد على القطاع الخاص بطريقة ما".

نقطة التحول

كان "فاياليل" يتحدث بعد مشاركته في نقاش نظمته وزارة المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة حول دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في توفير الرعاية الصحية، فقال: "أعتقد أنّ التحدي الأكبر هو ارتفاع التكلفة، والطريقة الوحيدة للتغلب على ذلك هي الإنتفاع من المزيد من القطاع الخاص، وحتى إذا رأيت أنظمة نموذجية مثل NHS (خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة)، لن يكونوا قادرين على تحمل الضغط أكثر من ذلك، لقد وصلنا إلى نقطة التحول".

وقال هارتويج شافر، نائب رئيس البنك الدولي للمواضيع العالمية، حول مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الرعاية الصحية حيث شارك البنك الدولي، "تقريبًا في كل مكان، شهدنا مؤشرات أداء رئيسية أفضل، أداء أفضل، ووضع المزيد من المرضى من خلال نفس المرفق، وانخفاض في معدلات الوفاة".

أضاف: "تُظهر المؤشرات بوضوح أنّه من خلال استقطاب خبرات القطاع الخاص، فإن خدمات الرعاية الصحية المقدمة هي أفضل مما يمكن أن يقدمه القطاع العام".وقال غسان حاصباني، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة في لبنان، إنّ أحد التحديات الرئيسية التي واجهناها هو الحصول على قبول العموم للشراكات بين القطاعين العام والخاص، مضيفًا "لقد استغرقنا وقتًا طويلاً للحصول على الموافقة على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص".

وقال إنّ أحد الفوائد الرئيسية لشركات القطاع الخاص التي تدير المستشفيات هو أنها أكثر عرضة للاستثمار  بسرعة أكبر  في التكنولوجيا التي من شأنها أن تجعل العمليات أكثر كفاءة.

أضاف حاصباني: "في كثير من الحالات، تكون الحكومات جيدة جدًا في البرامج الرأسمالية الرئيسية وتستثمر مرة واحدة، ثم تتحدى تكاليف التشغيل في وقت لاحق، وهذا هو المكان الذي تبدأ فيه التكنولوجيا بالفشل".

كذلك أضاف أنّ الحكومة اللبنانية تدفع ما يقرب من نفس المبلغ لإرسال المرضى إلى المستشفيات العامة والخاصة على حد سواء، لكنها تحصل على "نتائج أكثر  فعالية" من المستشفيات الخاصة. المستشفيات العامة قد كدست قضايا هامة على مدى السنوات الـ 10-15 المنصرمة من حيث مبانيها المتهدمة، والعدد القليل من الاستثمارات فيها، معتمدةً بشكل كبير على الدعم والمساعدات الخارجية، في حين أنّ المستشفيات الخاصة قد ازدهرت على درجات متفاوتة أو حتى أقل من الميزانية العامة". 

لا علاج شامل

مع ذلك، لا ينبغي النظر إلى المؤسسات الخاصة على أنها معالِجة الجميع من جيث تقديم الرعاية الصحية. فقد قال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، خلال المناقشة، أنّ هناك مجالات "فشل في السوق" فى توفير التكنولوجيا وكذلك في الحصول على اللقاحات والأدوية الأخرى وخاصة في الدول الفقيرة.

أضاف "إنّ معالجة فشل السوق ستكون مهمة للغاية، وسيواجه القطاع الخاص صعوبة في التعامل معها لأنها ستعمل دائمًا على أساس هامش الربح".

تجدر الإشارة إلى أن كلفة بناء مستشفيات جديدة من خلال مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص قد تصل إلى مستويات أكبر.

نشر المكتب الوطني للمراجعة في المملكة المتحدة NAO في الشهر الماضي تقريرًا يحلل تكاليف الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تم التكليف بها بموجب مبادرة التمويل الخاص. 

وأفاد التقارير بأن تكلفة الخدمة السنوية بلغت نحو 10.3 مليار جنيه إسترليني في السنة المالية الأخيرة (2016-2017) مقابل 700 من أصول الشراكة بين القطاعين الخاص والعام (مثل المدارس والمستشفيات والطرق السريعة) بقيمة رأسمالية إجمالية تبلغ 60 مليار جنيه استرليني (84 مليار دولار).

بالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى أن العديد من عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص تصلح لمدة تصل إلى 30 عامًا، فإنّ المطلوبات المستقبلية التي يجب أن تدفعها الحكومة لا تزال مرتفعة. 

وأضافت "حتى لو لم يتم الدخول في صفقات جديدة، فإنّ الرسوم المستقبلية التي تستمر حتى 2040 تبلغ 199 مليار جنيه استرليني".

قارن تقرير المكتب الوطني للمراجعة في المملكة المتحدة تكاليف المدارس التي طلبتها إدارة التعليم من خلال الطرق التقليدية الممولة من القطاع الخاص، وتبين أنّ هذه الأخيرة تكلّف عادة 40 في المائة أكثر. 

وقد سلط التقرير الضوء على عدة أسباب تجعل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص أكثر تكلفة، بما في ذلك تكاليف البناء المرتفعة عادة، وارتفاع الرسوم المدفوعة للمستشارين لإبرام العقود ووضع الأسس، وكون المركبات ذات الأهداف الخاصة، التي أنشئت لبناء وتشغيل الأصول، تترتب عليها دفع تكاليف اقتراض أعلى (عادة 2-3.75 في المئة) من التكاليف التي تتكبدها الحكومة. 

وأفاد فاياليل لموقع "زاوية" أنّ أجهزة الصحة العامة في الإمارات العربية المتحدة تعتمد بالفعل على بعض من أفضل شركات الرعاية الصحية الدولية المعروفة لتشغيل المرافق، "لكن الآن أعتقد أنه سيكون هناك نموذج يتغير ويتحرك أكثر نحو الخصخصة". إذا نظرتم إلى الاستثمار الأخير  في مجال الرعاية الصحية في هذا الجزء من العالم، نلحظ ارتفاعًا هائلاً من حيث عدد المستشفيات، وعدد من المشاريع المتخصصة (و) الناس مثلنا يلعبون دورًا رئيسيًا في جانب التزويد. الآن، يتمحور كل شيء حول كيفية توطيد هذا الحجم".

 

© ZAWYA 2018