خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لدولة الكويت بمقدار درجتين إلى A1 من Aa2 . فلأول مرة في التاريخ ، لن تغطي عائدات النفط في الكويت الرواتب والإعانات ، الأمر الذي قد يتسبب في مشاكل مالية. وكان وزير المالية قد حذر من أن الحكومة لن تتمكن قريبًا من دفع الرواتب، في حين ان بنك الكويت الوطني توقع إن العجز في البلاد قد يصل إلى 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ، وهو أعلى مستوى منذ الدمار المالي لغزو العراق عام 1990 وحرب الخليج اللاحقة.

وكالة التصنيف قالت ان الخفض هو نتيجة مخاطر السيولة المرتفعة وضعف الحوكمة والمؤسسات في الوقت الذي تكافح فيه الكويت التي تعاني من انخفاض أسعار النفط لإصدار قانون يسمح لها بإصدار ديون دولية. وقالت وكالة التصنيف "في ظل استمرار غياب التفويض القانوني لإصدار الديون أو السحب من أصول صندوق الثروة السيادية المحتفظ بها في صندوق الأجيال القادمة ، تقترب الموارد السائلة المتاحة من النضوب ، مما يؤدي إلى مخاطر السيولة على الرغم من القوة المالية غير العادية للكويت".

2020

في حين ان النمو في الكويت يتضاءل منذ عام 2014 فان الأداء في عام 2020 عاني من الصدمات المزدوجة لـجائحة كورونا وتراجع أسعار النفط ، وأدى ذلك الى زيادة في العجز المالي نتيجة انخفاض عائدات النفط والإنفاق على التخفيف من الأزمة. وبحسب البنك الدولي فانه في حين أن الكويت أقل عرضة للقطاعات المتضررة دوليًا  - مثل السياحة - من جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الجمود طويل الأمد سيعيق التكيف مع صدمة جائحة كورونا الممتدة.

وكانت الكويت في مكافحتها لجائحة كورونا قد اتخذت إجراءات واسعة النطاق تضمنت تعليق الرحلات الجوية، إغلاق المدارس والجامعات ، حظر التجمعات العامة ، تعليق العمل غير الضروري ، وفرض حظر تجول لمدة 24 ساعة. وأثرت هذه الإجراءات بشكل كبير على الإنفاق الخاص والنشاط الاستثماري والناتج المحلي الإجمالي ابتداء من الربع الثاني من عام 2020.

ومع ذلك توفر الكويت وظائف ميسرة، إي يسهل القيام بها، لما يقرب من 90 في المئة من المواطنين في كشوف المرتبات العامة ، إلى جانب مزايا وإعانات سخية ، من الكهرباء والبنزين الرخيصين إلى الرعاية الصحية والتعليم المجاني. وبالرغم من ان دول عربية أخرى مجاورة خفضت الدعم أو فرضت ضرائب للحفاظ على إنفاقها، فان الكويت لم تفعل شيئا من ذلك. كان سعر التعادل لميزانية هذا العام 86 دولار للبرميل، أي ضعف أرقام المبيعات الحالية، مما وضع مواردها المالية تحت الضغط.

التوقعات

أدت الطبيعة المطولة للوباء واستجابة الحكومة البطيئة إلى خفض التوقعات.

الآن، يتوقع البنك الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 7.9%  في عام 2020 حيث أن نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ضعيف بسبب إجراءات الصحة العامة المطولة وتدابير التخفيف المالي المقيدة، بينما تستمر عقود الناتج المحلي الإجمالي النفطي في الامتثال لاتفاقية أوبك +.

على المدى المتوسط، يتوقع البنك ان يتعافى النمو في الكويت مع استمرار الإنفاق العام المتكرر ونمو الائتمان ، ليصل إلى 2.9% بحلول عام 2022. إضافة الى ان الهيئة العامة للاستثمار الكويتية تمتلك أصول بقيمة 533 مليار دولار، وفقاً لمعهد صندوق الثروة السيادي ومقره لاس فيجاس ، مما يجعله رابع أكبر صندوق من هذا النوع في العالم.

المشكلة

المشكلة هي أن الكويت ليس لديها إطار قانوني لإنفاق العجز بما يتجاوز الحد الحالي البالغ 33 مليار دولار وهي بحاجة لاقتراض ما يصل إلى 65 مليار دولار لتخفيف الأزمة.

الازمة الحالية أعطت الكويت لمحة عن المستقبل ، قد تدفع البلاد إلى الخروج من الافتراض بأنها يمكن أن تعيش بما يتجاوز إمكانياتها إلى الأبد. ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت الصدمة ستفرض إصلاحات تمس الحاجة إليها. 

لقراءة مقالات سابقة لمحمد:

لبنان في زمن التسويات الكبرى أوالحروب الكبرى

سلطنة عمان : أحلام كبيرة تصطدم بالواقع الصعب؟ 

لبنان : المصائب لا تأتي فرادى  

كورونا والكويت، كيف يبدو الوضع؟   

قرار الطرح العام أو الاستمرار كشركة خاصة.. هل هو اختيار بين جنة ونار؟ 

العراق الجريح: بلد الفرص الضائعة

لبنان إلى  أين ؟  

السودان: الصفقة والفرصة التي لا تفوت  

  (للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.