زاوية عربي


مقدمة سريعة

اجتاحت جائحة كورونا العالم وأودت بحياة مئات الآلاف من البشر وشكلت اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية العالمية مما جعل صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات العالمية تحذر من ركود كبير قادم.  


الوضع في الكويت 

اما الكويت وغيرها من الدول المصدرة للنفط والتي تشكل الصادرات النفطية جزء كبير من مداخيلها فقد تعرضت لصدمة مزدوجة.

ترافقت الجائحة مع انخفاض كبير بأسعار النفط العالمية نتيجة لتراجع الطلب وارتفاع المعروض من النفط الخام بعد ان فشلت مجموعة اوبك + التوصل لاتفاق منتصف شهر مارس الماضي. وعلى الرغم من التوصل الى اتفاق في منتصف أبريل لخفض الانتاج اليومي ب 10 مليون برميل يوميا تبقى النظرة المستقبلية سلبية نظرا لضعف الطلب وانخفاض معدلات النمو العالمية نتيجة تراجع الاقتصاد العالمي وتباطؤ عمليات الانتاج والمستمرة حتى ينتهي العالم من كورونا.  
 
هذا ويعتمد اقتصاد الكويت بشكل كبير على العائدات النفطية والتي تشكل حوالى 50% من الناتج القومي وأكثر من 90% من الصادرات و حوالي 95% من المداخيل الحكومية.

وبالرغم من ان القطاعات الاقتصادية الغير مرتبطة بالنفط قد تحسنت قليلا في السنوات القليلة الماضية بمعدل نمو سنوي يقارب 3%، نتيجة للحوافز المالية الحكومية لريادة الأعمال وبرامج الائتمان النقدي المدعومة من البنك المركزي، الا ان استدامتها يشكل تحدي لحكومة الكويت في ظل استمرار الأزمة الحالية.
 
وكذلك انخفاض أسعار النفط واستمرارها على هذا النحو يشكل تحدي كبير للكويت وقدرتها على اعادة تفعيل الاقتصاد والاستثمار في المشاريع التنموية المقترحة سابقا  بدون تكبد عجز في الموازنة وبالتحديد اذا اخذنا بعين الاعتبار ان موازنة الكويت للسنة المالية 2020 التي تبدأ في 1أبريل من كل عام قد بنيت على أساس سعر وسطي لبرميل النفط 55 دولار في حين ان خليط نفط الكويت يتداول اليوم بسعر يقارب 27 دولار.  
 
كانت الكويت كغيرها من حكومات العالم قد بدأت باتخاذ اجراءات للحد من انتشار الفيروس كالتباعد الاجتماعي والحد من التجمعات ووضع قيود على السفر واغلاق الأماكن العامة. كما قامت الحكومة مؤخرا بالموافقة على اجراءات ماليه ونقدية هدفت الى تحفيز الاقتصاد والحد من الاثار السلبية للأزمة على الاقتصاد والمواطنين.

ففي 16 مارس قام البنك المركزي بتخفيض الفائدة ب1% الى 1.5% وفي الثاني من أبريل قدم حزمة نقدية لدعم الاقتراض من المصارف مع غيرها من الاجراءات تقارب قيمتها  16.5 مليار دولار أميركي، ومع هذا فان صندوق النقد الدولي قد عدل تقديراته نتيجة الجائحة وبات يتوقع تراجعا لاقتصاد الكويت بمعدل 1.1%  لهذا العام في حين اعلنت مورغان ستانلي كابيتل انترناشيونال تأخير دخول الكويت للأسواق الناشئه. 
 
يبدو الوضع سيئا ولكن السؤال هنا، ما الذي نتوقع حدوثه في الفترة القادمة؟


بالرغم من انه الآن لا يمكننا قياس الآثار وحجم الخسائر المترتبة على الاقتصاد حتى تنتهي الأزمة وتطوى نتائجها وتعود الحياة الى طبيعتها، الأمر الذي ما يزال يبدو بعيدا اليوم، الا أنه على سبيل المقارنة كانت الأزمة المالية العالمية عام 2008 قد سببت تراجعات في أسعار النفط بحوالي 60%  مما شكل تأثير سلبي على الكويت فانخفض الناتج القومي بمعدل 23%  بين عامي 2008 و 2009 ومعدلات الاستهلاك بحوالي 10% في حين هوت ايرادات الحكومة بمعدل 15% ومعها 35% من المصاريف الحكومية. 


ولم يتعافى الاقتصاد ويعود للنمو الا بعد عامين أو ثلاثة. اما الآن فان الصدمة المزدوجة للفيروس والنفط فيبدو أنها ستترك اثار أكثر عمقا واطول زمنا نتيجة تباطؤ الاقتصاد ومعاناة الشركات مع ما يرافق ذلك من ارتفاع في معدلات البطالة والاستهلاك وحاجة الحكومة والبنك المركزي الى تمويل القطاع المصرفي الذي سيعاني دون شك من ارتفاع في الديون المشكوك بتحصيلها.

 
ولذلك فأن اعادة هيكلة الاقتصاد بعيدا عن القطاعات النفطية بدأ يتحول تدرجيا في الكويت من كونه خيار الى ضرورة لا مفر منها مع مرور الوقت، ولكن هل يمكن الوضع الحالي الدولة من فعل ذلك وان حدث فهل يكفي؟

(وعمل محمد سابقا في الكويت عميد لكلية ادارة الاعمال في جامعة الشرق الأوسط الأميركية بالكويت)

* تم التواصل مع محمد عبر موقع  WriteCaliber

(تحرير: ياسمين صالح، yasmine.saleh@refinitiv.com)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.