09 07 2016

6.7 مليار ريال أصول أجنبية بنهاية 2015 كافية لتغطية واردات السلع لفترة 8 أشهر

التقريريدعو إلى مراقبة تطورات "خروج بريطانيا" ورصد تداعيات تباطؤ الاقتصاد الصيني

المصارف تتمتع بـ"المتانة" والقدرة على تلبية الاحتياجات الائتمانية.. وسيولة "مريحة" بالقطاع

أظهر التقرير السنوي للبنك المركزي العُماني حجم الضغوط على ميزان المدفوعات انعكاساً لانخفاض أسعار النفط العالمية خلال عام 2015؛ وسجل الميزان الكلي للمدفوعات فائضا بمبلغ 235 مليون ريال عُماني خلال عام 2015، مما أدى إلى زيادة احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية بنفس المقدار، فيما بلغ حجم الأصول الأجنبية الإجمالية للبنك المركزي العُماني حوالي 6745.8 مليون ريال عُماني في نهاية عام 2015، وهو مستوى يكفي لتغطية واردات السلطنة من السلع لفترة 8 شهور.

وبحسب التقرير الذي يرصد الأوضاع والإحصاءات للعام 2015، فقد تراجع الفائض في الميزان التجاري السلعي على نحو ملموس بنسبة 64.5% ليبلغ 3.5 مليارريالعُماني في عام 2015، مقارنة مع 9.9 مليار ريال عُماني خلال عام 2014، وذلك انعكاساً لتراجع قيمة الصادرات وخصوصاً من النفطالخام.وأشار التقرير في هذا الإطار إلى أن تراجع الواردات بنسبة 4.8% فيعام2015ساهمفي الحد من تأثير الانخفاض الكبير في الصادرات على أداء الميزان التجاري السلعي.

وبلغ مجمل العجز في حسابات الخدمات والدخل والتحويلات الجارية حوالي 7.7 مليار ريال عُماني في عام 2015 مقارنة مع 8.3 مليار ريال عُماني في عام 2014. وبناءً على هذه التطورات، سجّل الحساب الجاري عجزاً بمبلغ 4.2 مليار ريال عُماني في عام 2015، مقارنة مع فائض بمبلغ 1.6 مليار ريال عُماني في عام 2014.

وعلى صعيد الحساب المالي والرأسمالي، سجل صافي تدفق للداخل بمبلغ 4741 مليون ريال عُماني في عام 2015م مقارنة مع صافي تدفق للخارج بحوالي 701 مليون ريال عُماني في العام الذي سبقه. وتعكس هذه التطورات الفجوة بين مستويات الادخار المحلي وبين الطلب الاستثماري.

الرؤية المستقبلية

وأوضح التقرير أن السلطنة تبنت ومن خلال "رؤية 2020" والخطط الخمسية للتنمية التي تضمنتها هذه الرؤية، استراتيجية للتنويع الاقتصادي وتعزيز دور القطاع الخاص وتحسين مُناخ ممارسة الأعمال من أجل جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر. وشهدت فترة الأعوام العشرة ارتفاع حصة الأنشطة غير النفطية في الصادرات السلعية من 16% إلى 41%، في حين نمت مساهمة الإيرادات غير النفطية في إجمالي الإيرادات الحكومية من 14% إلى 22%.

وعلى مر السنين، قامت السلطنة بتطبيق سياسات حكيمة على مستوى الاقتصاد ككل الأمر الذي أدى إلى تحقيق نسب نمو مرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي بالتزامن مع تضخم محدود، إضافة إلى نشوء نظام مالي مستقر. وتقوم خطط الحكومة لتمويل عجز الميزانية على استخدام الاحتياطيات العامة والاقتراض من السوق المحلي بدون مزاحمة القطاع الخاص، إضافة إلى الوصول للأسواق المالية العالمية سواء من قِبل الحكومة أو من الشركات التابعة لها.

وفي هذا السياق، نجحت السلطنة عن طريق الأسواق المالية العالمية في جمعمليار دولار أمريكي في عام 2015، إضافة إلى 2.5 مليار دولار أمريكي في يونيو 2016، الأمر الذي يشير إلى الإقبال الكبير من قِبل المستثمرين.

وعلى صعيد القطاع الخارجي، تخطط الحكومة لاتخاذ تدابير في الأمد المتوسط لتعزيز إيرادات السياحة وتعزيز قطاع الصناعة التحويلية وإقرار قانون جديد للاستثمار من أجل اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للسلطنة.
 
أما في الأمد القصير، فإن الاقتصاد العُماني يمتلك عناصر القوة اللازمة لمواجهة التحديات الاقتصادية الكلية الناجمة عن انخفاض اسعار النفط. ويُتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسلطنة نمواًإيجابياًفيعام2015نتيجةزيادةإنتاجالنفطوالغازوتراجعمخفضالناتج المحلي الإجمالي.وستتبلور الآفاق الاقتصادية لعام 2016نتيجة تفاعل العديد من العوامل تشمل اتجاه سعر النفط وقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة، بجانب التقلبات في الأسواق المالية وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وقال التقرير إن من المحتمل أن يعاني الاقتصاد البريطاني من تراجع نسب النمو نتيجة انتقال أنشطة التجارة والأعمال.ونظراً لكون المملكة المتحدة أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر في السلطنة، يستدعي الأمر مراقبة التطورات في هذا الخصوص فور وقوعها. وعلى نحو مماثل ينبغي أيضاً مراقبة تداعيات تباطؤ الاقتصاد الصيني على صادرات السلطنة ليتم اتخاذ الإجراءات المناسبة.

ويستعرض التقرير تقييماً للتطورات الاقتصادية الكلية للسلطنة خلال عام 2015، إضافة إلى تحليل لأداء القطاعات الاقتصادية الهامة والتي تمت تغطيتها في خمسة فصول هي: الإنتاج والتوظيف والأسعار (الفصل الثاني)، والنفط والغاز (الفصل الثالث)، والمالية العامة (الفصل الرابع)، والنقود والبنوك والمؤسسات المالية (الفصل الخامس)، والتجارة الخارجية وميزان المدفوعات (الفصل السادس).

أما الفصل الأول فهو عبارة عن نظرة عامة ورؤية مستقبلية، حيث يتضمن موجزاً للتطورات على صعيد الاقتصاد الكلي في النصف الأول من عام 2016م ليعرض تقييماً للآفاق الاقتصادية المتوقعة في الأمد القريب. ويتضمن التقرير السنوي، الميزانية العمومية المدققة للبنك المركزي العُماني، إضافة إلى أهم اللوائح والتعاميم التي أصدرها البنك المركزي العُماني خلال عام 2015م والنصف الأول من عام 2016.

الناتج المحلي

وأشار التقرير إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة في عام 2015بعد خمسة أعوام متواصلة من النمو بمعدلات مرتفعة.ويُعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط في الأسواق العالمية، وكذلكتباطؤ الاقتصاد العالمي.

وعلى الرغم من زيادة إنتاج النفط، تراجع فائض الميزان التجاري في عام 2015 على نحو ملموس تبعاً للانخفاض في أسعار النفط. وسعياً لاحتواء العجز في الموازنة، تم اتخاذ عدة إجراءات على صعيد ضبط المالية العامة الأمر الذي أدى إلى انخفاض واضح في المصروفات الحكومية.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة تراجعاً بنسبة 14.1% في عام 2015. ويعكس هذا التراجع أداء مكونين رئيسيين من مكونات الطلب الكلي، هما الإنفاق الحكومي الذي انخفض نتيجة الإجراءات التي تم اتخاذها لضبط المصروفات الحكومية، بالإضافة إلى تراجع الصادرات خلال عام 2015م بعد أن سجلت نمواً مرتفعاً خلال فترة الاعوام الخمسة (2010-2014م) بلغ في المتوسط 11.3%.

ويمثل السعيلإيجادفرص العمل الملائمة للعُمانيين أحد الأهداف الرئيسية للحكومة على صعيد الاقتصاد الكلي خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2015، سجلت اعداد العُمانيين الذين تم توظيفهم في القطاع الخاص زيادة بنسبة 6.1%.

وتراجعت حدة الضغوط التضخمية في السلطنة بشكل ملحوظ في عام 2015، ويرجع ذلك اساساً إلى انخفاض اسعار السلع في الأسواق العالمية وتراجع المصروفات الحكومية في السلطنة، إضافة إلى الارتفاع الملحوظ لسعر الصرف الحقيقي الفعلي للدولار الأمريكي منذ منتصف عام 2014.وتشير الأرقام إلى تراجع نسبة التضخم السنوية قياسا بالتغير في متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلكين في السلطنة لتبلغ 0.1% في عام 2015، مقارنة مع متوسط سنوي بلغ 2.5% خلال الفترة (2010-2014م). ويُعزى السلوك الذي شهدته مستويات الاسعار في السلطنة مؤخراً إلى تفاعل عوامل الطلب والعرض النابعة من مصادر محلية وخارجية على حد سواء.
 
فمن جانب الطلب، يأتي تراجع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في السلطنة لعام 2015والذي يعود أساساً إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية وسياسة ضبط المالية العامة التي انتهجتها الحكومة. ومن جانب العرض، أدى الانخفاض الذي شهدته أسعار الغذاء والمعادن في الأسواق العالمية بالتزامن مع انخفاض اسعار الواردات في عام 2015 إلى تراجع أسعار البضائع في السلطنة.

وواصل قطاع النفط والغاز اداء دوره المهم في المشهد الاقتصادي في السلطنة خلال عام 2015، فبعد أن شهد إنتاج النفط الخام زيادة طفيفة في عام 2014، تمكن من النمو بنسبة 4% في عام 2015 ليبلغ 358.1 مليون برميل. وسجل إنتاج الغاز الطبيعي زيادة بنسبة 5.6% ليصل إلى 39801 مليون متر مكعب في عام 2015 مقارنة مع 37682 مليون متر مكعب في عام 2014. وارتفعت الكميات المُصدّرة من النفط الخام بنسبة 5.6% لتصل إلى 308.1 مليون برميل في عام 2015 مقارنة مع 292.2 مليون برميل في عام 2014.

وبخلاف الاتجاه الذي سلكه الإنتاج، سجل متوسط سعر خام النفط العُماني في عام 2015 تراجعاً بنسبة 45.3% وبلغ 56.5 دولار للبرميل مقارنة مع 103.2 دولار للبرميل في عام 2014. ويُعزى هذا التراجع إلى وفرة المعروض على المستوى العالمي وتراجع الطلب الكلي في اقتصادات السوق الصاعدة وغيرها من العوامل.

وانعكاساً لهذه العوامل، تراجعت مساهمة النفط والغاز في اقتصاد السلطنة بشكل عام في عام 2015م. فقد شكّلت القيمة المضافة لقطاعي النفط والغاز مجتمعين مانسبته 33.9% من الناتج المحلي الإجمالي، و78.7% من الإيرادات الحكومية و59.4% من إجمالي الصادرات السلعية في عام 2015م.

وشهد وضع المالية العامة للبلاد ضغوطا في عام 2015،ويرجع ذلك اساساً إلى التراجع في الإيرادات نتيجة انخفاض أسعار النفط الخام وتباطؤ الاقتصاد بشكل عام. فبعد نمو متواصل خلال الفترة (2009-2014) سجلت الإيرادات الحكومية في السلطنة تراجعاً بنسبة 35.7% في عام 2015لتصل إلى 9067.5 مليون ريال عُماني.
 
ومن أجل احتواء تداعيات هذه العوامل على أداء الميزانية، تم اتخاذ إجراءات لترشيد المصروفات الحكومية، الأمر الذي أدى إلى انخفاضها على نحو ملموس بنسبة 9.7% لتبلغ 13698.9 مليون ريال عُماني في عام 2015.وفي هذه المعطيات، بلغ إجمالي عجز الميزانية في عام 2015م حوالي 4631.4 مليون ريال عُماني.

السياسات النقدية

واصل البنك المركزي العُماني انتهاج سياسته النقدية الملائمة في ظل بيئة اقتصادية اتسمت بتدني معدلات التضخم ونمو محدود في الأنشطة غير النفطية. وانسجاماً مع أوضاع السيولة التي لا تزال مريحة، شهدت الإجماليات النقدية في السلطنة توسعاً بنسب معتدلة خلال عام 2015. وسجل عرض النقد بمعناه الواسع نمواً بنسبة 10% في عام 2015.

وتشير الأرقام إلى أن حجم الائتمان الممنوح من قِبل مؤسسات الإيداع الأخرى والتي تشمل قطاع البنوك التجارية إضافة إلى البنوك والنوافذ الاسلامية، قد بلغ 20.1 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2015، مسجلاً نمواً بنسبة 12% عن مستواه في نهاية العام الذي سبقه.
 
وسجّل إجمالي الودائع لدى هذه المؤسسات زيادة بنسبة 8% خلال العام ليصل إلى حوالي 19.4 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2015م. ونظراً لظروف السيولة المريحة نسبياً، تراجعت أسعار الفائدة على الودائع والقروض على حد سواء في السلطنة خلال عام 2015.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه اقتصاد السلطنة نتيجةً لحالة التدني الراهنة في أسعار النفط، ظل القطاع المصرفي يتمتع بالمتانة وقادراً على دعم مبادرات التنويع الاقتصادي وتلبية الاحتياجات الائتمانية للأعداد المتنامية من السكان الشباب. ومن العوامل التي أدت إلى الاستقرار المالي كان تطبيق الإشراف المبني على المخاطر للبنوك وتطبيق اتفاقيات بازل وتطوير أنظمة المدفوعات والتسويات. وظل متوسط نسبة كفاية رأس المال للأصول المرجحة بالمخاطر للبنوك التجارية عند مستوى مريح يبلغ 16.1% في نهاية عام 2015، وهو ما يفوق الحد الأدنى المحدد من قِبل البنك المركزي العُماني.

© جريدة الرُّؤية 2016