في وقت يتساءل فيه المصريون عن الملاذات الآمنة، وتتكالب عمليات الشراء على الذهب والدولار الذي أصبح سعره في السوق الموازي أحد أبرز تساؤلات محركات البحث يوميا، أين تقع الأسهم المصرية وسوق المال؟

مقال سابق نشر على زاوية عربي، أشار إلى التباين في الأداء بين مؤشر البورصة المصرية الأهم وهو مؤشرEGX 30 بالجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي واستنتج في النهاية أن الأسهم المصرية هي أبعد ما تكون عن كونها تتداول عند أعلى مستوياتها على الإطلاق. بالفعل، ارتفع مؤشر EGX 30 منذ 5 سبتمبر 2023 بنسبة 43% — أداء ليس سيئا على الإطلاق!

ولا يقتصر سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري على سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازي، فهناك أكثر من سعر يمكن التعرف عليه من خلال أدوات مختلفة مثل شهادات الإيداع الدولية والذهب والعقود الآجلة.

التغيرات التي طرأت على سعر الدولار سواء الرسمي أو الارتفاعات التالية والمتتالية لسعر السوق الموازي، دفعت معدلات التضخم السنوي في المدن المصرية إلى مستويات قياسية خلال غالبية أشهر العام 2023 قبل أن يتباطأ في ديسمبر إلى 33.7%، وسط ترقب لأرقام يناير 2024 التي ستصدر الأسبوع المقبل.

التضخم مقابل الأسهم

وللتحوط من الضغوط التضخمية نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات بالجنيه المصري، تحولت أنظار المستثمرين إلى البورصة المصرية كأحد الملاذات الأسهل من حيث التداولات للحفاظ على قيمة مدخراتهم.

ساهم في ذلك اتخاذ مؤشر EGX 30 الاتجاه الصاعد (أو ما يسمى بالـ bull run) منذ 5 يوليو 2022 عندما سجل أقل مستوى له عند 8,658 نقطة أي منذ حوالي 19 شهرا. في ذلك الوقت، كان سعر الصرف الرسمي يتداول عند 19.25 جنيه مصري للدولار الأمريكي في المتوسط.

ومع الذكرى السنوية السادسة لتعويم 2016، بدأ سعر الصرف الرسمي في التحرك لأعلى ليغلق عام 2022 عند 24.75 جنيه للدولار تقريبا ثم يستكمل رحلته الصعودية إلى 31 جنيه للدولار تقريبا بنهاية يناير 2023 ليستقر عند هذا المستوى لعام كامل حتى الآن.

ولكن كما يتضح من الرسم البياني أدناه، بدأت السوق الموازية للدولار الأمريكي في الظهور في فبراير 2023 ولكن لم تكن الفجوة بين السعرين كبيرة على الإطلاق حيث كان سعر الصرف الموازي أعلى بحوالي 5% فقط في المتوسط حتى أوائل مارس 2023 ثم اتسعت بعد ذلك لتبلغ حوالي 26% في المتوسط حتى نهاية أكتوبر 2023.

وابتداء من أوائل نوفمبر بلغت الفجوة بين سعري الصرف الرسمي والموازي أكثر من 50% واستمرت في التضاعف لتتعدى الـ 100% في أواخر يناير 2024 لتبلغ ذروتها في 30 يناير 2024 عندما سجل سعر الصرف الموازي أعلى مستوى له في التاريخ عند 71 جنيه للدولار. ومنذ ذلك الوقت، بدأ سعر الصرف الموازي في الانحسار لأول مرة منذ ظهوره وإن كان لا يزال عند مستوى الـ59 جنيه أي أعلى من سعر الصرف الرسمي بحوالي 90%.

ماذا عن الأسهم المصرية؟

بالنظر إلى الرسم البياني الأول يتضح لنا أن الأسهم المصرية من خلال مؤشر EGX 30 سبقت سعر الصرف الموازي في الارتفاع في الفترة من نوفمبر 2022 حتى فبراير 2023 وفي الفترة من أغسطس 2023 حتى يناير 2024.

وبالنظر إلى الرسم البياني الثاني يتضح أنه منذ 5 يوليو 2022 ارتفعت الأسهم المصرية بنسبة 215% مقومة بالجنيه المصري ولكن فقط 91.8% مقومة بسعر صرف الدولار الرسمي.

 والجدير بالذكر هنا أن ارتفاع الأسهم المصرية حتى الآن لم يكن إلا فقط إعادة تسعير آنية مقومة بسعر صرف الدولار الموازي حيث أنها لم ترتفع إلا فقط 1.1% خلال نفس الفترة.

كما يلاحظ أيضا من خلال نفس الرسم البياني الارتباط الكبير في الفترة الأخيرة بين أداء الأسهم المصرية وسعر صرف الدولار الموازي حيث انخفض مؤشر EGX 30 بحوالي 11% من أعلى قمة له عند 30,695.60 نقطة خلال جلسة تداول يوم 31 يناير 2024 في حين انخفض سعر الصرف الموازي بحوالي 18% حتى الآن.

ماذا بعد؟

من المعروف أن ظهور سعر الصرف الموازي هو نتيجة شح العملة الأجنبية في السوق الرسمي بمصر. ومع تواتر أخبار لم يتم تأكيدها بصورة قاطعة عن اقتراب حصول الحكومة المصرية على مليارات الدولارات (بغض النظر كانت من خلال بيع أراضي أو من خلال اتفاق معدل مع صندوق النقد الدولي)، تعرض السوق الموازي لصدمة مما يشير إلى وجود مضاربات استطاعت إشاعات فقط أن تستهدفها. 

أما بالنسبة للأسهم المصرية، أتوقع استمرار ارتباطها مع سعر صرف السوق الموازي حتى يتم ضخ سيولة دولارية في الاقتصاد ثم تعود لأدائها المبني على التحليل الأساسي أو التحليل الفني كسابق عهدها.

* ملحوظة: بيانات السوق حتى نهاية يوم 6 فبراير 2024

(إعداد: عمرو حسين الألفي، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلسريع

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا