يسمى العيش - وهو الخبز في مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وأكبر مستورد للقمح في العالم - والذي يعني لما يزيد عن 100 مليون مواطن ببساطة :الحياة.

وبينما تبحث أوروبا عن بدائل عن الغاز الروسي تساعدها في تلبية احتياجاتها، قد تعاني عدة دول عربية وفي مقدمتها مصر من أزمات تتعدى ارتفاع أسعار البترول لتطال القمح ما قد يؤدي لضائقة في "العيش".

وصراحة قال لنا أيهم كامل، رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في Eurasia Group وهي مؤسسة بحثية مقرها الرئيسي نيويورك: "أي تصعيد في أوكرانيا سيعرض الأمن الغذائي للخطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أسعار البترول المرتفعة قد ضغطت بالفعل على مستهلكين في مصر وتونس ولبنان. يبقى الاعتماد على الواردات مسألة حرجة بالنسبة الى الحكومات التي تبحث عن بدائل في حال اشتدت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا" .

وأضاف: "سيكون النقص في القمح أمر حساس".

ووفقاً لـوكالة رويترز، جاءت 50% تقريباً من مشتريات مصر من القمح العام الماضي من روسيا وحوالى 30% من أوكرانيا ما يعني أن 80% من احتياجات مصر تأتي من الدولتين محل الأزمة.

وتعمل مصر على اتخاذ إجراءات وقائية بعد أن زادت حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا حالة عدم اليقين في السوق، وفقاً لما صرح به وزير التموين المصري علي المصيلحي.  

ووفقاً لما نقلته وكالة الشرق الأوسط الرسمية  المصرية عن المصيلحي فقد عملت الحكومة على تنويع مصادر استيراد القمح لتأمين احتياطياتها الاستراتيجية التي تكفي لـ 5.4 شهر.

وقد يؤدي أي تحرك إلى اضطراب في تدفق الحبوب عبر منطقة البحر الأسود ما قد يتسبب في ارتفاع الأسعار وهذا قد يؤثر على لبنان - الذي يعاني من أشد الأزمات الاقتصادية في العالم - فتأتي غالبية وارداته من القمح من منطقة البحر الأسود.

وتونس هي الأخرى تمر بأزمة سياسية تصاحبها حالة عدم استقرار طاردة للاستثمارات ستضيف عبء إضافي على الأسعار في حال ارتفاعها بسبب أزمة أوكرانيا. 

دول الخليج

وبحسب كامل أن وضع دول الخليج أفضل، حيث لديها القدرة على "أن تستوعب كلفة أعلى للواردات" فيما استبعد حصول أزمة حادة في نقص الأغذية ولكن قد يتأتى عن تضخم أسعار الغذاء "ألم اقتصادي".

ووفقاً لـ سيريل  وايدرشوفن؛ المتخصص في قضايا الشرق الأوسط  ومؤسس مكتب "فيروسي" للاستشارات، تعتمد دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على حوالى 80% من واردات الأغذية وقد استثمرت بعض الدول مئات آلاف هيكتار من الأراضي الزراعية لتلبية احتياجاتها.

وفي السعودية مثلاً تأسست شركة "سالك" المملوكة لـصندوق الاستثمار السعودي عام 2011 لضمان الأمن الغذائي للمملكة عبر استثمارات أجنبية وتدير حالياً قرابة 200 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في غرب أوكرانيا.

ليست الحرب فقط المشكلة

"أي صراع محتمل حتى لو لم يتطور الى حرب كاملة أو حتى مواجهة عسكرية بل  حصار أو  تهديد بحصار بحري (في البحر الأسود) سيكون له أثر كبير على إمكانيات تصدير أوكرانيا وروسيا،" وفقاً لـ  وايدرشوفن.

وأضاف "الدول العربية لا تستورد من روسيا وأوكرانيا ودول البلطيق واسكندينافيا (وهي أيضاً يهددها النزاع) فحسب بل أيضاً تستثمر في مشاريع تقدر بالمليارات في هذه الدول."

وفي حال حصلت أزمة حادة وهو لا يزال أمر محتمل للغاية، سيترتب عن أي حصار آثار مدمرة على الواردات إلى السعودية ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي كافة، بحسب وايدرشوفن.

وفي مصر، قد تتفاقم الأزمة.

 فقد قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، إن الحكومة ستحرك سعر الخبز لكنها تدرس القرار جيدا حاليا لضمان الهدف الأساسي وهو عدم المساس بالفقراء.

وبحسب وايدرشوفن، "لن يحصل النقص (في الاغذية)على الفور ولن يقتصر في المدى المتوسط على الخبز والمواد الغذائية الأخرى بل أيضاً على الأسعار التي سترتفع بشكل غير معروف في هذه الدول بالأخص مصر."

(إعداد ريم شمس الدين، وقد عملت سابقاً في مؤسسات إعلامية شملت سي أن أن بالعربية ووكالة رويترز وداو جونز)

(تحرير: ياسمين صالح للتواصل  rim.shamseddine@refinitiv.com )

#تحليلسريع

 

© ZAWYA 2022

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام