أظهرت بيانات البنك المركزي المصري تراجع في صافي الأصول الأجنبية بالبنوك والبنك المركزي المصري خلال شهر يناير 2023 ليبلغ سالب 654.4 مليار جنيه مصري (ما يعادل سالب 21.7 مليار دولار أمريكي في نهاية يناير) مقارنة بسالب 494.3 مليار جنيه في ديسمبر 2022 (ما يعادل سالب 20.0 مليار دولار أمريكي في نهاية ديسمبر).

وعليه، تشير البيانات إلى انخفاض الأصول الأجنبية الصافية في يناير 2022 بحوالي 1.7 مليار دولار أمريكي على أساس شهري.

وتعني صافي الأصول الأجنبية السالبة أي أن الأصول الأجنبية لا تغطي الالتزامات الأجنبية للبنوك لذلك يمكن تسميتها صافي أصول سالبة أو صافي التزامات.

ووفقا للبيانات المتاحة منذ سبتمبر 2004، لم يشهد القطاع المصرفي المصري تسجيل صافي أصول أجنبية سالبة (صافي التزامات) إلا مرتين: كانت المرة الأولى لمدة 18 شهر، من نوفمبر 2015 إلى أبريل 2017 عندما انخفض صافي الأصول الأجنبية للبنوك تدريجيا في أعقاب ثورة 25 يناير 2011.

وبلغ هذا التراجع في 2011 حوالي 21 مليار دولار، واعتُبر أكبر انخفاض سنوي في ذلك الوقت، بحسب البيانات المتاحة منذ سبتمبر 2004.

واستمر انخفاض صافي الأصول الأجنبية في الأعوام التالية لـ 2011 نتيجة ضعف حركة التدفقات الأجنبية إلى مصر بسبب التوترات السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير، حتى دخل إلى المنطقة السالبة في نوفمبر 2015، أي قبل عام على تعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016 وبدء مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي والذي أدى إلى تحسن صافي الأصول الأجنبية تدريجيا ليبدأ عندها رحلة العودة إلى المنطقة الموجبة مرة أخرى.

أما المرة الثانية فهي التي يمر بها القطاع المصرفي المصري حاليا منذ مطلع عام 2022 في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عندما تحول صافي الأصول الأجنبية إلى سالب 3.3 مليار دولار في فبراير 2022 بعد 57 شهر متتالي أو ما يقارب 5 سنوات من تحقيق صافي أصول بالموجب (خلال الفترة من مايو 2017 حتى يناير 2022).

هذا وقد بدأ صافي الأصول الأجنبية في الانخفاض قبل إندلاع الحرب بعام وتحديدا منذ مارس 2021 بسبب الأزمة التي شهدها العالم جراء تفشي فيروس كوفيد-19 في 2020 وما تبعه من أزمة في سلاسل الإمداد العالمية في 2021، أدت إلى خروج الأموال الساخنة من مصر.

وعلى الرغم من ذلك، فإن صافي الأصول الأجنبية أنهى عام 2021 في المنطقة الخضراء ولكن جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الطين بلة وازداد خروج الأموال الساخنة من مصر ليبدأ صافي الأصول الأجنبية في رحلته السالبة مرة أخرى.

وسجلت استثمارات الحافظة (الاستثمار في الأسهم وأذون الخزانة) في مصر تدفقات خارجة خلال أربعة فترات ربع سنوية متتالية منذ أكتوبر 2021 وحتى سبتمبر 2022 بقيمة إجمالية بلغت حوالي 27 مليار دولار.

وعليه، شهد صافي الأصول الأجنبية في عام 2022 انخفاض يقدر بحوالي 22 مليار دولار، ليتخطى بذلك انخفاض عام 2011.

وبذلك يصبح عام 2022 هو صاحب أكبر انخفاض في صافي الأصول الأجنبية في مصر.

كما وصل صافي الأصول الأجنبية إلى أقل مستوياته تاريخيا عند سالب 22.9 مليار دولار في أكتوبر 2022، لكنه شهد بعض التحسن خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2022 بالتزامن مع تعويم الجنيه في نهاية أكتوبر 2022 وصرف صندوق النقد الدولي للشريحة الأولى من قرض الصندوق عملا بالاتفاق الممدد في ديسمبر 2022.

إلا أن صافي الأصول الأجنبية عاود الانخفاض مرة أخرى في يناير 2023 ليسجل سالب 21.7 مليار دولار بالرغم من إعلان البنك المركزي المصري في منتصف يناير 2023 عن وجود حركة إيجابية بسوق الصرف المصري تمثلت في زيادة حصيلة البنوك من النقد الأجنبي سواء من السوق المحلية أو تحويلات المصريين بالخارج أو قطاع السياحة.

في الوقت ذاته، أشار البنك المركزي وقتها إلى تغطية القطاع المصرفي لأكثر من 2 مليار دولار من طلبات المستوردين المصريين خلال ثلاثة أيام، بخلاف تغطية طلبات أخرى لعملاء البنوك المصرية ولربما يعود انخفاض صافي الأصول الأجنبية للبنوك خلال يناير 2023 في المقام الأول إلى تغطية طلبات المستوردين والإفراج عن البضائع المتكدسة بالموانئ المصرية.

 

(إعداد: محمود جاد، تحرير: ريم شمس الدين، للتواصل zawya.arabic@lseg.com)

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا