أبوظبي: اجتمع القادة العالميون لأهداف التنمية المستدامة في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 في أبوظبي، للمشاركة في حوار رفيع المستوى بعنوان "دمج إجراءات المياه والمناخ والتنوع البيولوجي: تسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة لصالح الطبيعة والإنسان".

واستضافت الجلسة التي نظمتها الأمانة العامة للجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة وهيئة البيئة – أبوظبي، عدداً من الوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى من مختلف الدول والمنظمات. وسلطت الضوء على الدور الريادي لنموذج المجالس العالمية لأهداف التنمية المستدامة في دولة الإمارات، الذي أصبح مرجعاً دولياً في تعزيز الحوكمة البيئية عبر مختلف القطاعات، وتطوير سياسات متكاملة تدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، قال سعادة عبد الله ناصر لوتاه، مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي ورئيس اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة: "تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة أن مستقبل التنمية المستدامة يعتمد على قدرتنا في مواءمة العلاقة بين الطبيعة والإنسان والسياسات. ومن خلال المجالس العالمية لأهداف التنمية المستدامة، أنشأنا منصة تعاونية تُحوّل الأفكار إلى أفعال ملموسة، وتربط القطاعات المختلفة، وتوحّد الجهود والشركاء لإحداث تأثير حقيقي ومستدام على الإنسان وكوكب الأرض. إن استضافة هذا الحوار في أبوظبي يجسّد التزام الدولة الراسخ بتطوير حلول شاملة ومتكاملة لقضايا المياه والمناخ والتنوع البيولوجي، بما يعود بالنفع على منطقتنا والعالم بأسره."

وأكد معالي مختار باباييف، ممثل رئيس جمهورية أذربيجان لشؤون المناخ، ورئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29)، ورئيس المجلس العالمي للشراكات من أجل تحقيق الهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، أن تعزيز التنسيق والتكامل يشكّلان عاملاً حاسماً لتسريع التقدم في تحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ والطبيعة. وأوضح أن هذه الحاجة دفعت كل من الإمارات العربية المتحدة وأذربيجان والبرازيل إلى تأسيس ثلاثي "ترويكا" بين رئاسات مؤتمر الأطراف، بهدف ضمان الاستمرارية في العمل وتفادي الازدواجية في الجهود.

وسلّط معاليه الضوء على أهمية الشمولية، مشيراً إلى خطة عمل باكو التي تهدف إلى دمج المعرفة الأصلية في العمل المناخي العالمي، مؤكداً أن المجالس العالمية لأهداف التنمية المستدامة تجسّد هذا النهج التعاوني القائم على تبادل الخبرات والشراكات المتكاملة. كما دعا الجهات المانحة إلى الانتقال من مرحلة الالتزامات إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، من خلال مضاعفة تمويل جهود التكيّف، وتخصيص 20 مليار دولار لدعم التنوع البيولوجي بحلول عام 2025، وزيادة تمويل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ ثلاث أضعاف لتصل إلى 30 مليار دولار بحلول عام 2030، إلى جانب الوفاء بتعهّد الـ 300 مليار دولار المتفق عليه خلال مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين.

في المقابل، أكد معالي محمد فايز، وزير الدولة للسياحة والبيئة في جمهورية المالديف، ورئيس المجلس العالمي للهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة (العمل المناخي)، أن العمل المناخي بالنسبة للدول الجزرية مثل المالديف ليس خياراً سياسياً، بل مسألة وجود وبقاء. وسلّط الضوء على الاستراتيجيات الوطنية للمالديف في مجال التكيّف مع تغيّر المناخ، والتي تشمل التحول نحو الطاقة المتجددة، وإعادة تأهيل الشعاب المرجانية، وحماية السواحل، وتنفيذ برامج للتكيّف المجتمعي، بما يضمن صون سبل العيش والحفاظ على التنوع البيولوجي.

كما شدّد معاليه على ريادة المالديف في الدفاع عن مصالح الدول الجزرية الصغيرة النامية، مشيراً إلى استمرارها في تطوير نماذج مبتكرة لتمويل التكيّف مع تغيّر المناخ والاستجابة للخسائر والأضرار. ودعا في ختام كلمته المجتمع الدولي إلى تعزيز روح التضامن والمسؤولية المشتركة التي أرستها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28).

وأكد سعادة محمد سعيد النعيمي، وكيل وزارة التغير المناخي والبيئة، وممثل دولة الإمارات العربية المتحدة للهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة "الحياة في البر"، التزام الدولة الراسخ بمواجهة التحديات المترابطة المتمثلة في تغيّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي. وأوضح أن النُهج المتكاملة تشكّل عنصراً أساسياً لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، إذ يسهم الهدف الخامس عشر في دعم العمل المناخي والاستدامة البحرية على حد سواء.

وأشار سعادته إلى إعادة تأهيل أشجار القرم كنموذج رائد للحلول القائمة على الطبيعة، لما تؤديه من دور محوري في تعزيز التنوع البيولوجي، واحتجاز الكربون، وحماية المجتمعات الساحلية من آثار التغير المناخي. كما سلّط الضوء على الاستراتيجيات الوطنية التي تهدف إلى إعادة تأهيل 80% من النظم البيئية البرية والبحرية بحلول عام 2031، داعياً إلى جعل الطبيعة محوراً لصنع القرار التنموي، بوصفها أساس كل تقدّم ومحركًا للابتكار والبحث وخلق الوظائف الخضراء.

ومن جانبها، أكدت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، ونائب رئيس المجلس العالمي للهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة "الحياة تحت الماء"، على أهمية تبنّي الاستدامة كمنظومة مترابطة، موضحةً أن أبوظبي توحّد النظم البيئية البحرية والبرية ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز المرونة البيئية. حيث أشارت إلى أن حماية الحياة تحت الماء تمثّل ركيزة أساسية في دعم الأمن الغذائي، وحماية السواحل، والتكيّف مع تغيّر المناخ، إذ تسهم كل شجرة قرم مزروعة في احتجاز الكربون ودعم المجتمعات المحلية.

واستشهدت سعادتها بارتفاع مؤشر استدامة مصائد الأسماك في إمارة أبوظبي إلى أكثر من 97% في عام 2024، مؤكدة أن هذا الإنجاز يعكس فاعلية الحوكمة المستندة إلى أسس علمية، وجهود دمج المعرفة التقليدية مع التقنيات الحديثة. وأضافت سعادتها أن اعتماد التكنولوجيا والابتكار، بدءاً من مراقبة النظم البيئية بالذكاء الاصطناعي، إلى زراعة أشجار القرم باستخدام الطائرات المسيّرة، وإجراء مسوحات الحمض النووي البيئي، يشكّلان محركاً رئيسياً للتقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعددة، مؤكدةً أن العمل المتكامل قادر على مضاعفة الأثر وتحقيق نتائج ملموسة للطبيعة والإنسان.

وأدارت الجلسة شذى الهاشمي، مستشارة أهداف التنمية المستدامة في مكتب التبادل المعرفي الحكومي، مؤكدةً أن نموذج المجالس العالمية لأهداف التنمية المستدامة تطورت لتصبح منصة عالمية للأفكار التحويلية والعمل التعاوني، وقالت: "أثبتت هذه المناقشة أن دمج العمل المناخي والشراكات واستعادة الموائل البحرية والبرية لم يعد خياراً، بل أصبح السبيل الوحيد لتحقيق التقدم المستدام. من خلال التعاون العالمي لأذربيجان، ونهج الإمارات متعدد القطاعات، وابتكارات أبوظبي القائمة على الطبيعة، نرى درساً واضحاً: عندما نعمل معاً، نضاعف الأثر."

واختتمت الجلسة بدعوة جماعية لجميع أصحاب المصلحة العالميين إلى اعتماد نهج متكامل يربط بين السياسات، والعلوم، والتمويل، لضمان أن تصبح الاستدامة البيئية أساساً للمرونة الاقتصادية والاجتماعية.

نبذة حول هيئة البيئة – أبوظبي

تلتزم هيئة البيئة – أبوظبي، التي تأسست في عام 1996، بحماية وتعزيز جودة الهواء، والمياه الجوفية بالإضافة إلى حماية التنوع البيولوي في النظم البيئية الصحراوية والبحرية في إمارة أبوظبي. ومن خلال الشراكة مع جهات حكومية أخرى، والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات البيئية العالمية، تعمل الهيئة على تبني أفضل الممارسات العالمية، وتشجيع الابتكار والعمل الجاد لاتخاذ تدابير، وسياسات فعالة. كما تسعى الهيئة لتعزيز الوعي البيئي، والتنمية المستدامة، وضمان استمرار إدراج القضايا البيئية ضمن أهم الأولويات في الأجندة الوطنية.

-انتهى-

#بياناتشركات