بضعة أيام تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الليبية، وهي الأولى من نوعها في تاريخ البلد والتي من المقرر أن تُجرى في 24 ديسمبر الجاري، لكن كل المؤشرات تقود إلى واقع واحد لا مفر منه: لا انتخابات العام الجاري على أقل تقدير.

واتفق محللون متخصصون في الشأن الليبي تحدثت معهم زاوية عربي على أن إجراء الانتخابات في الموعد المعلن بات "مستحيل"، خاصة في ما يتعلق بالإطار الزمني المحدد للعملية الانتخابية.

انتخابات "مستحيلة"

"عند هذه المرحلة من المستحيل إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مع استمرار الخلافات حول القائمة النهائية للمرشحين"، تقول كلوديا غازيني الخبيرة في الشأن الليبي في مجموعة الأزمات الدولية.

وحتى الآن لم تعلن المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عن القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة التي كان من المفترض صدورها يوم 4 ديسمبر الجاري، لكنها قالت قبل بضعة أيام إنها لن تنشر القائمة لحين تسوية بعض المسائل القانونية.

وينص قانون الانتخابات على أنه لدى مرشحي القائمة النهائية أسبوعين للحملات الانتخابية يعقبها بضعة أيام صمت انتخابي، ثم عملية الاقتراع، وبالنظر إلى أنه يفصلنا حاليا 8 أيام فقط على يوم 24 ديسمبر، فلن يكون هناك متسع من الوقت لإجراء الانتخابات في موعدها.

وقالت كلوديا، في حديث إلى زاوية عربي: "عرفنا من بعض المرشحين وأعضاء البرلمان أنهم يسعون إلى التأجيل لكن يبقى السؤال المفتوح هو تأجيل إلى متى ولماذا؟ قد نكون نتحدث عن تأجيل لبضعة أشهر".

وفضلا عن هذا، تشير المحللة إلى أن "هناك بعض البلدان بالتأكيد لديها مصالح في عدم السماح بإجراء هذه الانتخابات معتقدين أن هذه الانتخابات ستأتي إلى السلطة برئيس جديد قد يعارض" اتجاهات هذه البلدان، مشيرة إلى أنه "على سبيل المثال أي رئيس منتخب يعارض نوعا حفتر والسلطات في الشرق سيكون بالتأكيد تهديد لمصر، وأي شخص من نظام القذافي السابق أو على مثيلة حفتر سيكون بالتأكيد تهديد لتركيا".

"العائق الأكبر للانتخابات"

يحتاج عقد الانتخابات لأكثر من مجرد جمع أسماء المرشحين وفتح باب الاقتراع. تقول كلوديا: "يتطلب النجاح أسس قانونية قوية والقدرة على الطعن على نتائج الانتخابات لكن هذا ليس الوضع في هذه الحالة".

وليس من المعروف حتى الآن إلى أي قانون ستستند عملية انتخاب الرئيس في ليبيا، إذ أن هناك خارطة طريق تدعمها الأمم المتحدة، كما أن رئيس البرلمان الليبي أصدر في سبتمبر الماضي قانون للانتخابات لكنه لم يحظى بقبول كل الفصائل.

وإضافة إلى ذلك، فلا يوجد إطار زمني واضح للانتخابات الرئاسية، كما لا يوجد ضمان بأن الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية -وهي أمر لا مفر منه إذ لا يتوقع أن يحقق أي مرشح فوز ساحق من الجولة الأولى- ستجرى على نحو لائق في ظل ردود الفعل الغاضبة من نتيجة المرحلة الأولى، بحسب ما قاله جلال حرشاوي، الباحث والمحلل المتخصص في الشأن الليبي، في ندوة عبر تويتر يوم الثلاثاء.

عنف لا مفر منه

ويعتقد المحللان أن تأجج العنف في ليبيا لا مفر منه حاليا سواء أجريت الانتخابات الرئاسية أم لا.

وتقول كلوديا إن نتائج الانتخابات الرئاسية وتقبلها هي في الوقت الحالي "مشكلة كبيرة"، مضيفة: "ليس لدينا ضمان بأن المرشحين الخاسرين سيتقبلون النتائج، وهناك خطر من اندلاع العنف سواء أُجريت الانتخابات أو لا بناء على مدى الحرص في إدارة العملية الانتخابية... والتراضي والتوافق".

أما إرجاء الانتخابات أو عدم تنظيمها، فسيغضب بعض الفصائل التي كانت تطلع إلى تاريخ الاستحقاق الانتخابي للتعبير عن رأيها وللإطاحة بمن يحظون بالدعم التركي مثل رئيس الوزراء فائز السراج، وعندما يجد هؤلاء أنه لا توجد انتخابات في المستقبل القريب فسوف يستخدمون القوة للتعبير عن غضبهم، بحسب ما قاله حرشاوي في رد على سؤال لمحررة زاوية عربي أثناء ندوته عبر تويتر.

واستيقظ الليبيون والعالم يوم الخميس الموافق 16 ديسمبر على أنباء حول سيطرة مسلحين على مقرات حكومية والمجلس الرئاسي، وانسحاب قوات الحرس الرئاسي من مقراتها، بحسب عدة وسائل إعلام.
 
لكن ما سبق ليسا فقط السيناريوهين المتوقعين لاندلاع العنف في ليبيا، إذ يشير حرشاوي إلى نوع آخر ليس مستبعد وهو "الإرهاب"، وقال إنه في حال إجراء الانتخابات على الوجه الأمثل واصطف الناخبون في مظهر متحضر أمام لجان الاقتراع "فسيكون هذا المشهد الهدف الأمثل لداعش على سبيل المثال".
 
وفي مايو 2018، استهدف هجوم انتحاري مقر المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا في العاصمة طرابلس مخلفا قتلى وجرحى، قيل إنه كان بهدف تعطيل إجراء انتخابات في ذلك العام.
 

"انتخابات ناجحة هي الحل"

تقول كلوديا إن حالة الفوضى التي قد تفضي إليها انتخابات سيئة قد تعيق اقتصاد ليبيا بدلا من إنعاشه.

وأضافت أن "الانتخابات الناجحة قد تنعش الاقتصاد بالتأكيد لأنها ستعني التوحيد الناحج للمصرف المركزي، والوصول إلى التمويل، والشرعية وإنهاء الخلاف حول المؤسسات الشرعية"، غير أنها قالت: "لكن انتخابات متنازع عليها لن تجلب مثل هذا السيناريو".

والوضع الاقتصادي في ليبيا متأزم منذ ثورة 2011 التي أطاحت معمر القذافي، وتسببت في انقسام المؤسسات الحكومية ومن بينها "المصرف المركزي" وفي فوضى أمنية تعرقل إنتاج النفط في البلد.

للمزيد: نفط ليبيا والانتخابات... بصيص أمل أم فرصة ضائعة؟

(إعداد: مريم عبد الغني، وقد عملت مريم سابقا في عدة مؤسسات إعلامية من بينها موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وتلفزيون الغد العربي، للتواصل: Marium.AbdElghani@refinitiv.com)

(تحرير أحمد فتيحة، للتواصلahmed.feteha@refinitiv.com) 

 سجل الآن  ليصلك تقريرنا اليومي الذي يتضمن مجموعة من أهم الأخبار لتبدأ بها يومك كل صباح 

#تحليلسريع

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام