أولا التعريف

يعرف فقد أو هدر الغذاء بانه أي انخفاض في كمية أو جودة الغذاء على طول سلاسل الإمدادات الغذائية.

ولكن هناك فرق بين الفقد و الهدر.

ففقد الغذاء يتضمن جميع الفواقد التي تحدث في مراحل ما بعد الحصاد باستثناء مرحلة البيع، مثل التخزين والنقل والتصنيع.

وهذه الفواقد تشمل كميات من المحاصيل واللحوم والأسماك الصالحة للأكل والتي تخرج بشكل كامل من مرحلة ما بعد الحصاد عن طريق التخلص منها أو حرقها، ولا تدخل مرة أخرى في أي استخدام آخر (مثل علف الحيوانات على سبيل المثال).

اما هدر الغذاء فهي الكميات المهدرة من الغذاء في مرحلة البيع ومراحل الاستهلاك النهائي مثل المنازل والمطاعم.

المشاكل بالأرقام

قدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في دراسة لها في عام 2011 ان حوالي ثلث الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري تفقد أو تهدر كل عام على مستوى العالم.

كما قدرت المنظمة في دراسة أخرى عام 2013 قيمة المنتجات الغذائية المفقودة والمهدورة ب 936 مليار دولار أمريكي سنويًا و هذا لا يشمل تكاليف أخرى مثل إدارة النفايات بطريقة صديقة للبيئة.

كما يمثل المفقود والمهدور من الأغذية موارد طبيعية غير فعالة تؤدي إلى انبعاثات غير لغازات الاحتباس الحراري. ويؤثر المفقود والمهدور من الغذاء على الأمن الغذائي من خلال تقليل الغذاء المتاح للاستهلاك. وعندما تصبح المنتجات الغذائية غير مباعة أو غير مأكولة، فإن الخسارة والهدر المصاحبين يؤديان إلى انخفاض الإيرادات للشركات وارتفاع تكاليف الغذاء على المستهلكين.

أسباب الفقد والهدر

يحدث الفقد والهدر في الغذاء في مراحل مختلفة ويرجع حدوثه إلى عوامل عديدة.

على مستوى المزرعة، يمكن أن يكون فقد الأغذية بسبب أضرار الطقس والآفات والأمراض ولكن يمكن أن تنشأ أيضًا بسبب ظروف السوق مثل سوء الأسعار أو نقص العمالة في الحصاد.

ترتبط الفواقد في المنتجات الطازجة أيضًا بتدهور الجودة والمحتوى الغذائي أو التدهور البيولوجي (التلف) أثناء التخزين. الفقد على مستوى المزرعة هو الأكثر صعوبة في التقييم ومعظم قواعد البيانات الغذائية لا تميز بين الكميات

المحصودة والكميات الموردة على طول سلاسل الإمدادات الغذائية، والتي بدورها تختلف عن كمية الطعام المستهلكة بالفعل.

علاوة على ذلك، ينشأ فقد الأغذية أثناء التصنيع أو التعبئة أو التوزيع عند تعطل المعدات، أو عندما يتم تخزين الطعام أو تعبئته بشكل غير صحيح أو عندما يتسبب خطأ بشري في انسكاب أو تلوث أو أخطاء أخرى في التصنيع.

تشير بعض الدراسات، مثل دراسة أعدها الاتحاد الأوروبي في عام 2010 عن المهدور من الغذاء في دول الاتحاد الأوروبي، إلى أن الخسائر أعلى بكثير مما يعتقده قطاع التصنيع والتوزيع بسبب نقص التقارير وبالإضافة إلى ذلك،

فان معايير جودة الغذاء الخاصة بسلاسل السوبر ماركت- وهي مواصفات جودة خاصة تفرضها سلاسل السوبر ماركت على الموردين للالتزام بها - وهي عادة أعلى في درجات الجودة و أشد صرامة في التطبيق من المعايير الرسمية في دولة ما و الغرض منها ان تميز سلسلة سوبر ماركت معينة نفسها عن غيرها وثبت انها من المسببات الرئيسة لحدوث فقد للغذاء في مراحل التصنيع المختلفة.

كما يمكن أن يتسبب قطاع التجزئة في إهدار الغذاء، فعلى سبيل المثال قد لا يتم توقع عادات الشراء لدى المستهلك بشكل جيد؛ فغالبًا ما يتم الإفراط في إنتاج الوجبات الجاهزة لإثبات وفرتها.

الطعام جيد ولكن لا يبدو بشكل جيد!

هذه مشكلة أخرى، حيث يقوم تجار التجزئة بالتخلص من المنتجات سريعة التلف مثل الفاكهة والخضروات الطازجة قبل البيع وفقًا لإرشادات مختلفة.

وتمثل المنتجات الطازجة سريعة التلف مثل الفاكهة والخضروات قيمة عالية لقطاع التجزئة ولكن هذه المنتجات تتدهور بسرعة وبالتالي فهي عرضة لمزيد من الهدر في الكمية والتي تؤل معظمها للقمامة في حين ان معظم

هذه المنتجات صالحة للأكل ولكن تجار التجزئة يقومون بعمليات التخلص منها لأنها لا تبدو بصورة "جديدة" في العرض داخل أماكن البيع.

كما يساهم الارتباك حول ملصقات تواريخ الصلاحية على الأطعمة المعلبة في إهدار الطعام. فقد تم تصميم ملصقات التاريخ في الأصل كمؤشرات للمنتجات القابلة للتلف، وهي الآن موجودة في معظم المنتجات.

وقد أدت هذه الملصقات إلى توخي الحذر المفرط من قبل تجار التجزئة والمستهلكين على حد سواء لأنه أحيانا يتم تفسيرها على أنها مؤشرات على سلامة الأغذية.

ومع ذلك، فإن التصنيفات المختلفة لها أغراض مختلفة، والتي تساهم في تفسيرات مختلفة مثل "البيع بحلول ذلك التاريخ" ، و "العرض حتى ذلك التاريخ" ، و "الاستخدام بحلول ذلك التاريخ" ، و "الاستمتاع بحلول ذلك التاريخ" ، و "الأفضل بحلول ذلك التاريخ" و " الأفضل قبل ذلك التاريخ ".

الوضع في منطقتنا

وفى تقرير للفاو صدر عام 2016 بعنوان (نظرة عامة إقليمية حول انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا) قدرت المنظمة حجم المفقود والمهدور من الغذاء في المنطقة - التي تضم جميع بلادنا العربية - بما يصل إلى 250 كجم من الغذاء لكل شخص في السنة، أو حوالي ثلث الغذاء المتاح في سلاسل الإمدادات الغذائية، بإجمالي 60 مليار دولار أمريكي سنويًا.

الأرقام السابق ذكرها تقديرية وليست فعلية وانا اميل إلى الاعتقاد بإن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من التقديرية بصورة كبيرة نظرا لما تعانيه المنطقة من مشاكل إضافية في سلاسل الإمدادات الغذائية مثل طرق الإنتاج الزراعي و

الغذائي الغير متطورة التي تتسبب في فقد كميات كبيرة من المحاصيل و كذلك تهالك البنية الأساسية لسلاسل الإمدادات الغذائية مثل أساليب التخزين و النقل المبرد هذا بالإضافة الى بعض عادات المستهلكين و فهم كرم الضيافة على نحو خاص غالبا ما يؤدى الى هدر كميات كبيرة من الطعام.

وهناك العديد من الأساليب، الوسائل و السياسات التي من شأنها تقليل المفقود و المهدور من الغذاء و التي سوف استعرضها في مقال قادم.

 

لقراءة مقالات سابقة لعبد السميع

كورونا وأثارها المتوقعة على الصناعات الدوائية والطبية

كورونا ستغير قواعد سياسات الغذاء والزراعة

المياه والدول العربية.. ماذا تقول لنا الأرقام والتجارب الحديثة؟

 

*تم التواصل مع عبد السميع عبر موقع WriteCaliber
(تحرير ياسمين صالح، للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.