قال صندوق النقد الدولي، في تقرير اليوم الخميس، إن فرص الحصول على اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19 سيكون لها "دور بالغ الأهمية" في التعافي خلال الفترة القادمة في بلدان الشرق الأوسط، إلى جانب عوامل أخرى.

وبدأت عدة بلدان عربية حملات التطعيم ضد فيروس كورونا، منها الإمارات والبحرين، والسعودية، والكويت، وعمان، والجزائر، والمغرب، ومصر. وتأتي الإمارات والبحرين ضمن أكثر 5 دول على مستوى العالم تقدما في حملات التطعيم، وفق مؤشر وكالة بلومبيرغ الذي يتتبع حملات التطعيم ضد كورونا في العالم.

يأتي هذا فيما أعلنت دول عربية مؤخرا منها السعودية والكويت والبحرين وقطر تشديد التدابير الاحترازية لكبح تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا.

توقعات النمو 

لم يطرأ تغيير يذكر على توقعات الصندوق للنمو مقارنة بتوقعات شهر أكتوبر، وإن كانت تعكس فروقات كبيرة بين البلدان، فقد جاءت التنبؤات أكثر إيجابية أو لم يطرأ عليها تغيير يذكر بالنسبة للبلدان التي لديها مجموعة متنوعة من الشركات المنتجة للقاحات أو تستطيع انتاج اللقاحات، وفق تقرير الصندوق.

وقد عدل صندوق النقد تقديرات النمو لعام 2020 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أكتوبر الماضي بزيادة قدرها 1.2 نقطة مئوية، ليصل الانكماش الكلي إلى 3.8%، مرجعا ذلك بقدر كبير إلى الأداء الأقوى المتوقع في البلدان المصدرة للنفط لعدم ظهور الموجة الثانية من الفيروس في بعض من البلاد.

كان مؤشر مديري المشتريات، الصادر عن شركة آي إتش إس ماركت والذي يقيس حالة القطاع الخاص غير المنتج للنفط، أظهر أمس الأربعاء تحقيق القطاع غير النفطي في السعودية والإمارات -وهما دولتان نفطيتان- نمو خلال شهر يناير الماضي.

وارتفع المؤشر الخاص بالسعودية في يناير إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2019، مسجلا 57.1 نقطة، فيما سجلت المؤشر الخاص بالإمارات في يناير أعلى قراءة مكررة له منذ أغسطس 2019، وهي نفسها المسجلة في ديسمبر عند 51.2 نقطة.

وقال الصندوق ان الآفاق الاقتصادية تبدو أضعف بالنسبة للبلدان الأقل حظا في الحصول على اللقاحات والبلدان الأشد تضررا بالموجة الثانية من فيروس كورونا التي بدأت في شهر سبتمبر الماضي.

تأثير حملات التطعيم

جاء في تقرير الصندوق، الذي أعده  جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن أوجه التفاوت في خطط نشر اللقاحات على مستوى المنطقة بالكامل يمكن أن تطيل أمد الأزمة، مضيفا أن ذلك يقتضي تنفيذ سياسات فعالة لتجنب إطالة أمد الأزمة أو تحقيق تعاف غير متوازن.

وأشار جهاد، بحسب وكالة رويترز، إلى أن تسريع حملات التطعيم قد يحسن توقعات النمو بنسبة بين 0.3 و0.4 بالمئة.

وتنقسم بلدان المنطقة فيما يتعلق بتغطية لقاحات كورونا، وفق التقرير، إلى: 

1- بلدن لديها أكثر شركات إنتاج اللقاحات تنوعا (في ظل اتفاقات ثنائية مع شركات صينية وروسية وغربية) تشمل دول مجلس التعاون الخليجي، والبلدان الكبيرة التي تتمتع بالطاقة الإنتاجية (مثل مصر والمغرب وباكستان).

 وتتمتع هذه الدول بأوسع نطاق تغطية، وأقرب فرصة للبدء في عملية التطعيم، كما تتمتع بخطط أكثر تطور لنشر اللقاحات، مستهدفة في ذلك عقد اتفاقات تشمل في بعض الحالات الحصول على جرعات تتجاوز ما يلزمها لتطعيم سكانها بالكامل.

2-  عدد قليل من البلدان يُتوقع أن تحقق نسبة تغطية كبيرة لسكانها ولكنها تعتمد في ذلك على شركة أو شركتين فقط، مما قد يبطئ عملية التطعيمات.

3- بلدان لا تزال معتمدة على التغطية المحدودة التي تتيحها مبادرة "كوفاكس" التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية. 

وتحيط بهذه البلدان مخاطر كبيرة على وجه الخصوص، نظرا لمحدودية قدراتها في مجال الرعاية الصحية وضآلة التمويل المتاح لآلية "كوفاكس"؛ مما قد يؤخر توافر اللقاحات على نطاق واسع حتى النصف الثاني من 2022.

العوامل الأخرى المؤثرة على التعافي

إلى جانب فرص الحصول على لقاح كورونا، ذكر التقرير أن التعافي سيتأثر أيضا بسياسة المالية العامة والسياسة النقدية التي قدمتها البلدان لمواجهة جائحة كورونا، موضحا أن البلدان التي قدمت دعم أكبر من خلال سياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة الجائحة من المتوقع أن يحقق اقتصادها تعافيا أقوى.

إضافة إلى ذلك، سيتأثر التعافي أيضا بمستوى الهبوط الاقتصادي في عام 2020، إذ أن البلدان المتأثرة بشدة من الموجة الثانية ستتأخر عن اللحاق بالركب ولن تستعيد مستويات إجمالي الناتج المحلي لما قبل الجائحة إلا في عام 2022، وفق التقرير.

كما أن الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات ستتضرر على وجه الخصوص، حيث يتوقع أن تنخفض مستويات إجمالي الناتج المحلي لها لعام 2021 بنسبة قدرها 6% مقارنة بمستويات عام 2019.

تحديات تحور الفيروس 

قال جهاد أزعور، في التقرير، إن "تجدد الإصابات بالعدوى قد يؤخر تحقيق التعافي في حالة عدم توافر اللقاحات والحيز المتاح من السياسات"، محذرا من أن "المخاطر لا تزال مرتفعة".

وأضاف أن تحورات الفيروس الأخيرة قد تتسبب في خلق المزيد من التحديات، حيث قد يؤدي ازدياد احتياجات الإنفاق إلى تفاقم المخاوف بشأن استمرارية القدرة على تحمل الدين في العديد من البلدان.

إضافة إلى ذلك، فقد يتسبب التأخر في توزيع اللقاحات أو سوء إدارته، إلى جانب ازدياد مواطن الخطر، في إشعال القلاقل الاجتماعية مجددا، وفق جهاد  أزعور.

 

(إعداد: مريم عبد الغني، وقد عملت مريم سابقا في عدة مؤسسات إعلامية من بينها موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وتلفزيون الغد العربي)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

تغطي زاوية عربي أخبار وتحليلات اقتصادية عن الشرق الأوسط والخليج العربي من الأحد للخميس خلال أوقات العمل وتستخدم لغة عربية بسيطة.

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام