غدا الخميس تتجه أنظار قارات العالم الخمس إلى مدينة "وعد الشمال" عاصمة الفوسفات العالمية، إذ يضع فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حجر الأساس لمشروع وعد الشمال بتكلفة إجمالية 85 مليار ريال.

وتعد "وعد الشمال" التي تقع شمال السعودية بمساحة ستة ملايين متر مربع في مرحلتها الأولى، تحديا غير مسبوق من ناحية صعوبة التنفيذ وقصة نجاح أثارت إعجاب الجميع، يماثل مرحلة استخراج النفط في عشرينيات القرن الماضي أي قبل أكثر من 90 عاما، إذ استطاعت السعودية تنفيذ وعدها وذلك بعد تدشين مدينة رأس الخير في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016.

وأول ترجمة لتدشين "وعد الشمال"، في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، لتمكين قطاعات الخدمات اللوجستية، والطاقة، والتعدين والصناعة، وتحقيق الأثر الاقتصادي الأكبر المأمول منها، إذ يستهدف البرنامج الإسهام في الناتج المحلي بـ 1.2 تريليون ريال، وتوفير 1.6 مليون وظيفة، إضافة إلى جذب استثمارات تقدر 1.6 تريليون ريال بحلول 2030.
والمشروع الذي يعد أكبر مدينة صناعية بعيدة عن السواحل والمدن الكبرى، هو عنوان لعدة مشاريع في قطاع التعدين، إذ ستدخل في وقت قياسي ضمن منظومة الصناعة التعدينية ثالث ركائز الاقتصاد السعودي بعد النفط والغاز.

وفيما تمتاز حزم الجلاميد بتوفر كميات فوسفات بنسبة مخزون تعادل 7 في المائة من مخزنات العالم، تم العمل على مدينة وعد الشمال تحت مظلة وزارة الطاقة بمشاركة شركة "أرامكو" و"سار" و"الكهرباء و"وزارة البيئة والمياه والزراعة" و"المياه الوطنية" وجهات أخرى لبناء البنية التحتية لتكون تجربة مماثلة بعد رأس الخير الرافد الإسنادي لصناعة التعدين عن طريق خط سكك حديدية المتمثلة بشركة سار لنقل الفوسفات لها.
وأقر مجلس الوزراء في 2012 تخصيص أرض مساحتها 290 كيلو مترا مربعا، لإقامة مدينة "وعد الشمال" عليها، وكذلك تخصيص أرض مجاورة لتلك المدينة مساحتها 150 كيلو مترا مربعا لمشروع شركة معادن للصناعات الفوسفاتية ومشاريعها الأخرى المرتبطة بها في منطقة أم وعال، وجرى التوجيه بربط مدينة "وعد الشمال" للصناعات التعدينية بسكة حديد الشمال - الجنوب وتزويدها بالمقطورات المناسبة، لنقل حامض الفوسفوريك والكبريت الخام ومنتجات المشاريع الأخرى من مدينة "وعد الشمال" للصناعات التعدينية وإليها، وكذلك إنشاء محطة للركاب في تلك المدينة. واعتمد مجلس الوزراء في حينه مبلغا للشركة السعودية للكهرباء لتقوم بربط مدينة "وعد الشمال" للصناعات التعدينية بشبكة الضغط العالي، بما في ذلك محطات التحويل.
ومشروع تطوير مدينة "وعد الشمال" يقع على مساحة 440 كيلو مترا مربعا خصص منها 150 كيلو مترا مربعا لمشاريع معادن، التي تعد محورا أساسيا لمدينة "وعد الشمال" ستستثمر فيه شركة معادن وشريكاها الاستراتيجيان شركة سابك وشركة موزاييك لإقامة تسعة مصانع كبيرة بمقاييس عالمية منها سبعة مصانع لتطوير مدينة "وعد الشمال" بتكلفة تقارب 21 مليار ريال.

وذلك علاوة على مصنعين في مدينة رأس الخير الصناعية في المنطقة الشرقية بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 16 مليون طن سنويا لإنتاج مركزات الفوسفات وحامض الكبريتيك وحامض الفوسفوريك، ومصانع لإنتاج آحادي وثنائي فوسفات الكالسيوم المستخدمة في صناعة الأعلاف الحيوانية، وكذلك مصانع لإنتاج حامض الفوسفوريك المركز المستخدم في الصناعات الغذائية، ومادة بولي فوسفات الصوديوم الثلاثية المستخدمة في صناعة المنظفات والاستخدام الصناعي. أما باقي المدينة فسيخصص جزء منه للاستثمارات الصناعية الأساسية والتحويلية وللمنافع.
وتولت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" تنفيذ البنى التحتية للمنطقة الصناعية وفق قرار مجلس الوزراء في 2015، وذلك بحسب ما يتم الاتفاق عليه بينها وبين وزارة البترول والثروة المعدنية، كما تتولى "مدن" استكمال تنفيذ باقي أعمال المدينة وفق مخططها العام بما في ذلك المناطق الصناعية والتجارية والسكنية.

كما تضمنت الترتيبات المشار إليها أن تتولى "مدن" تسلم المدينة كاملة، مما يقع خارج نطاق أراضي مشروع معادن للصناعات الفوسفاتية لإدارتها وتشغيلها وصيانتها، وذلك خلال قيام شركة "معادن" بتنفيذ المرحلة الأولى "أ" والجزء الأول من المرحلة الأولى "ب".
وتشتمل مدينة وعد الشمال على منطقة خدمات ومركز لإنتاج الغاز غير التقليدي، ومنطقة صناعية، ومدينة سكنية، ومعهد للتعدين، إضافة إلى البنى التحتية التي تشمل مباني هيئة "مدن" الإدارية، ومحطة توليد الطاقة الكهربائية المركبة المتكاملة، ومحطات ومشروعات المياه، وترتبط بها ثلاثة أرصفة بحرية تم بناؤها وخصصت للمدينة في ميناء رأس الخير، على ساحل الخليج العربي، وسكة حديدية تربطها بمعامل واسط التابعة لـ"أرامكو" السعودية وبمدينة رأس الخير الصناعية

© الاقتصادية 2018