يجب على المستثمرين في قطاع الرعاية الصحية، الذين يتطلعون لتطوير مرافق المستشفيات في دولة الإمارات العربية المتحدة، النظر في كيفية الحصول على الأراضي لبناء منشآتهم، ونوع حقوق الملكية التي سيتم اكتسابها. فاكتساب حقوق الملكية بخلاف شراء الأراضي بنظام التملك الحر يُعتبر وسيلة مالية للحد من تخفيض حجم النفقات التي ينبغي دفعها لتطوير مرافق الرعاية الصحية مثل المستشفيات.

إن منح حق المُساطحة وسيلة شائعة للمستثمرين في مجال الرعاية الصحية لكي يحصلوا على ويكتسبوا حقوق الملكية لبناء مرافق الرعاية الصحية، كحق مُساطحة يمنح المستثمر الحق في تَملّك هذه المباني خلال فترة المساطحة.

وسوف نناقش في هذه المقالة الكيفية التي يُمكن للمستثمرين في مجال الرعاية الصحية من خلالها استخدام حقوق المُساطحة لإنشاء مرافق المستشفيات، والتمتع بمزايا الحصول على حقوق المُساطحة، والخيارات الأخرى المتاحة أمام المستثمرين الأجانب، استنادًا إلى قواعد الملكية العقارية للأجانب في دولة الإمارات العربية المتحدة.

1.     ما المقصود بحق المُساطحة؟

تنص المادة 1353 من القانون المدني الإماراتي (القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 1985) ("القانون المدني") على تعريف حق المُساطحة على أنه "حق عيني يعطي صاحبه الحق في إقامة بناء [......] على أرض الغير".

ويمتلك صاحب حق المُساطحة المباني التي تم إنشاؤها على الأرض، ويمكن التصرف في تلك المباني، بالإضافة لحق المُساطحة"، على النحو المنصوص عليه في المادة 1357 من القانون المدني. وتنص المادة 1359 من القانون المدني على أن حق المُساطحة لا ينتهي لمجرد أن المباني التي على الأرض قد تم إزالتها قبل انقضاء مدة اتفاقية المُساطحة".

2.     أين يمكن لمستثمري قطاع الرعاية الصحية الأجانب امتلاك حق مُساطحة في دبي وأبوظبي؟

بالنسبة لدبي، فإن المستمرين في قطاع الرعاية الصحية المُسجّلين في دولة الإمارات العربية المتحدة، في استثمارات مملوكة بالكامل لمواطنين إماراتيين، أو مواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي، أو الأفراد من دولة الإمارات العربية المتحدة، أو في دول مجلس التعاون الخليجي، يَحِقُ لهم التمتع بحق المُساطحة في أي منطقة في دبي، وذلك وفقًا لما تنص عليه المادة 4 من القانون رقم 7 لسنة 2006، فيما يتعلق بتسجيل المُمتلكات العقارية ("قانون الملكية في دبي"). كما ينص قانون الملكية في دبي على تسجيل حق المُساطحة مع دائرة الأراضي والأملاك في دبي لكي تتمتع بالأثر القانوني.

وبالنسبة للمستثمرين الأجانب في قطاع الرعاية الصحية في دبي، يُتاح أمامهم خيار المُساطحة إذا كانت مرافق المستشفى التي هي قيد التطوير في هذه المنطقة مُخصّصة للملكية الأجنبية ("المناطق المخصصة"). وفيما يتعلق بالمستثمرين الأجانب في قطاع الرعاية الصحية الذين يرغبون في إنشاء مستشفيات في المناطق التي تقع خارج المناطق المُخصصة فينبغي عليهم النظر في والبحث عن طرق أخرى لتأمين أماكن العمل، مع مراعاة إذا ما كان هذا الإعفاء مُتاحًا أم لا. وينص قانون الملكية في دبي على أن يتم إعفاء شركات المُساهمة العامة من هذه القاعدة، لأنه يُمكن أن يتم تَملُّك هذه الشركات أو التمتع بحق المُساطحة في الممتلكات الكائنة في أي مكان في الإمارة.

أما في أبو ظبي فإن المستثمرين الأجانب في قطاع الرعاية الصحية (بما في ذلك المرافق المملوكة بالكامل لمواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي، أو إذا كان المستثمرون مواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي) سيواجهون تحديات مماثلة إذا كانوا يرغبون في تطوير وإنشاء مستشفيات خارج المناطق المخصصة، حيث ستقتصر هذه الحقوق على إيجار الأراضي أو المباني القائمة لمدة أربع سنوات.

ويتمتع المستثمرون الأجانب بالحق في تَملُّك الطوابق أو المباني، وليس الأراضي الكائنة في المناطق المخصصة. يُعتبر منح حق المُساطحة بديلًا جيدًا للمستثمرين الأجانب في قطاع الرعاية الصحية، لأنه يمنحهم الحق في البناء على الأرض. ويجب تسجيل عقود المُساطحة في بلدية أبو ظبي وفقًا لما ينص عليه القانون رقم 3 لسنة 2005 فيما يتعلق بتسجيل المُمتلكات في أبو ظبي (قانون التنظيم العقاري في أبو ظبي") لكي تكون قابلة للتنفيذ.

ينص القانون رقم 19 لسنة 2005 فيما يتعلق بتنظيم الممتلكات العقارية على تحديد مِلكية العقارات في أبوظبي في المناطق المخصصة وخارج المناطق المُخصصة على حدٍ سواء؛ كما ينص القانون على أن تُحدّد اللوائح التنفيذية شروط وأحكام وبنود عقود المُساطحة خارج المناطق المُخصصة. ومع ذلك، لم يتم إصدار لوائح التنفيذ حتى الآن، وسيكون من المُفيد إصدار مثل هذه اللوائح للحصول على مزيد من الإيضاحات حول تنظيم عقود المُساطحة خارج المناطق المُخصصة.

3.     ما الفرق بين حق المساطحة وحق الانتفاع؟

يُعتبر حق المُساطحة وحق الانتفاع على حد سواء من حقوق الملكية العقارية الممنوحة بموجب القانون المدني، ويُستثني من ذلك أن حق المُساطحة يمنح صاحب حق المُساطحة الحق في بناء وتَملُّك واستخدام المباني خلال مدة المُساطحة. وتبلغ المدة القُصوى لعقد المُساطحة 50 عامًا في دبي وأبو ظبي على حدٍ سواء. وفي أبو ظبي، فإن القانون رقم 19 لسنة 2005 بشأن تنظيم ملكية العقارات ينص بوضوح على أن هذه المدة قابلة للتجديد لمدة إضافية تصل إلى 49 عامًا، وقد تصل مدة حق الانتفاع إلى 99 عامًا في دبي وأبو ظبي على حدٍ سواء.

وتُعَرّف المادة 1333 من القانون المدني حق الانتفاع على أنه "حق عيني للمُنتفع باستعمال عين تَخص الغير واستغلالها ما دامت قائمة على حالها". ويَمنح حق الانتفاع المُنتفع الحق في استخدام العقار دون أن يكون له الحق في البناء عليه. وتُلزِم المادة 1341 من قانون المعاملات المدنية المُنتفع بإعادة الممتلكات إلى حالتها الأصلية بعد انتهاء حق الانتفاع".

هذا وسيكون عقد المُساطحة هو الخيار المُفضّل للمستثمرين في قطاع الرعاية الصحية في هذه الظروف، لأنه يمنح صاحب حق المُساطحة الحق في تطوير عقار مناسب للأغراض. ويُطلَب من صاحب حق المُساطحة إزالة المبني من على الأرض وإعادة تسليم الأرض للمالك، أو قد يُطلَب منه ترك المبني المُقام على الأرض إذا طَلب منه المالك ذلك عند انتهاء مدة المُساطحة. وسيتم شرح هذه الالتزامات بمزيدٍ من التفصيل أدناه.

حق الانتفاع هو حق ملكية عقارية يجب أن يكون مُسجّلًا في دائرة الأراضي والأملاك بدبي وفقًا لقانون الملكية في دبي، وفي بلدية أبو ظبي وفقًا لقانون تنظيم الملكية في أبو ظبي.

4.     ما هو الفرق بين حق المُساطحة وعقد الإيجار؟

تعترف دائرة الأراضي والأملاك في دبي وبلدية أبو ظبي بعقود الإيجار طويلة الأجل وقصيرة الأجل على حدٍ سواء. ومن الناحية العملية، يُستخدم مُصطلح "عقد الإيجار طويل الأجل" ليصف "حقوق الاستخدام" و"حقوق الإشغال" (دون الحق في البناء). ولم يرد ذكر عقود الإيجار طويلة الأجل بخلاف ذلك في القانون المدني.

تنص المادة 4 من قانون الملكية في دبي على منح الأجانب الحق في الحصول على عقد إيجار لمدة أقصاها 99 سنة. ويجب تسجيل عقود الإيجار طويلة الأجل في دائرة الأراضي والأملاك في دبي كحق ملكية وفقًا لقانون الملكية في دبي.

المستثمرون الأجانب في مجال الرعاية الصحية، الذين يرغبون في تطوير المستشفيات خارج المناطق المخصصة، تقتصر حقوقهم على الحصول على عقود الإيجار قصيرة الأجل أو المباني القائمة لفترة أقل من عشر سنوات. ويتعين تسجيل هذه العقود في نظام إيجاري بمؤسسة التنظيم العقاري، ومنح الشخص المُختص حقوق شخصية غير حقوق الملكية.

وبطريقة مماثلة، يُمكن منح عقود الإيجار قصيرة الأجل في أبو ظبي خارج المناطق المُخصصة. ويجب ألا تزيد مدة الإيجار عن أربع سنوات ويجب تسجيلها في نظام التوثيق.

إن منح عقود الإيجار قصيرة الأجل تفرض بعض التحديات على المستثمرين في قطاع الرعاية الصحية الذين يرغبون في الحصول على تمويل للمنشآت التي يقومون بتطويرها. سيتم مناقشة ذلك بمزيد من التفاصيل أدناه.

5.     هل يمكن لصاحب حق المُساطحة رهن هذا الحق؟

تنص المادة 1355 من قانون المُعاملات المدنية على أنه "يجوز التنازل عن حق المُساطحة أو إجراء رهن عليه". ويعكس القانون رقم 14 لسنة 2008 بشأن الرهون العقارية في دبي ("قانون الرهن العقاري") ما ورد في القانون المدني، والذي ينص على أنه يمكن رهن حق المُساطحة في دبي؛ ويُعتبر ذلك مُفيدًا في الظروف التي يتطلع فيها المُستثمر في قطاع الرعاية الصحية إلى تطوير وإنشاء مرافق المستشفى، وضمان توفير التمويل للمساعدة في التكاليف الرأسمالية الأولية وتشغيل المرافق.

في دبي، تنص المادة 21 من قانون الرهن العقاري على أنه يجوز لمالك حق المُساطحة رهن المباني المملوكة له، لكن لا يجوز رهن الأرض التي لا تزال هناك حاجة لتطويرها، إلا إذا تم الاتفاق على خلاف ذلك. وستكون الفائدة على الرهن العقاري طوال مدة عقد المُساطحة فقط.

قد يواجه المستثمرون الأجانب في قطاع الرعاية الصحية، الذين يرغبون في تطوير وإنشاء المستشفيات في المناطق التي تقع خارج المناطق المُخصصة، صعوبة في الحصول على التمويل، لأن حقوقهم سوف تقتصر على عقود الإيجار التي تقل مدتها عن عشر سنوات، أو على المباني القائمة، مما يجعل هذه المشاريع قصيرة المدة أقل جاذبية للبنوك. ويَتمثّل أحد الخيارات في التعبير عن مدة المشروع باعتبارها مدة قابلة للتجديد لمدد أخرى، ومع ذلك، قد لا يوفر ذلك الاطمئنان الكافي للبنوك التي تقدم التمويلات.

في أبوظبي، يعتبر القانون واضحًا فيما يتعلق بموافقة المالك على منح حق الرهن، والذي لا يتطلب أن تكون مدة حق المُساطحة أطول من 10 سنوات، ما لم تنص عقود المُساطحة على ضرورة موافقة المالك على منح الرهن وفقًا للقرار رقم 64 لسنة 2010 الصادر عن رئيس المجلس التنفيذي.

6.     ماذا يحدث للمبني عند انتهاء حق المُساطحة؟

تنص المادة 1360 من قانون المُعاملات المدنية على أنه "عند انتهاء حق المُساطحة يتم تطبيق أحكام المادة (785) من هذا القانون على المباني المطورة على الأرض، (إلا إذا اتفق الطرفان على غير ذلك).

وتنص المادة 785 من قانون المعاملات المدنية على ما يلي:

"إذا أقام المستأجر بناءً جديدًا أو زرع نباتًا في الشيء المُؤجَر، ولو بإذن المُؤجِر، كان للمُؤجِر عند انقضاء الإيجار إما مطالبته بهدم البناء أو إزالة النباتات، أو أن يتملك ما تم استحداثه بقيمته المُستحَقة، إذا كان هدمه أو إزالته مُضرًا بالعقار؛ فإن كانت عملية الهدم أو الإزالة لا تضر بالعقار فليس للمُؤجِر أن يُبقيه بغير رضاء المُستأجِر."

على الرغم من تناول التزامات مالك حق المُساطحة في القانون المدني، فإننا نوصي أن يتم النظر في هذه الالتزامات بعناية، ومراعاتها من قِبَل الطرفين، وتوثيقها في عقد المُساطحة، حيث أنها تُعتبر من القضايا الهامة من الناحية التِجارية. كما ينبغي أن تشمل الاعتبارات توضيح مَن يَتحمّل تكاليف الإزالة، والإطار الزمني لإزالة المباني، وما هي الحالة التي يتعين تسليم الأرض عليها إلى المالك، وإذا ما كان صاحب حق المُساطحة مُطالَبًا بترك مبانيه المُقامة على الأرض، وما هي التعويضات التي يتعين أن يدفعها المالك. وإذا لم ينص عقد المُساطحة على الوفاء بالتزامات صاحب حق المُساطحة، ففي هذه الحالة يتم تطبيق المادة 785 من قانون المعاملات المدنية.

7.     رسوم المُساطحة

تبلغ قيمة رسوم التسجيل لدي دائرة الأراضي والأملاك والتي يجب سدادها بخصوص عقد المُساطحة 1% من قيمة الإيجار السنوية الإجمالية، وهي أقل من الرسوم واجبة السداد على عقود الإيجار طويلة الأجل (4% من قيمة الإيجار الإجمالية)، أو رسوم عقود الانتفاع (2% من قيمة العقار الإجمالية). يتم تحصيل الرسوم من صاحب حق المُساطحة (ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك).

تبلغ الرسوم واجبة السداد بخصوص عقد المُساطحة في أبو ظبي 2% من قيمة الإيجار السنوية الإجمالية. ويتم دفع الرسوم عادةً من قِبَل صاحب حق المُساطحة، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

8.     خاتمة

ينطوي منح حق المُساطحة للمستثمرين في قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة على العديد من الفوائد، فبالنسبة لملاك الأراضي فإنهم يحصلون على إيرادات فيما يتعلق بفترة الإيجار طويلة المدة (عادة ما تكون 50 سنة أو أكثر)؛ وبالنسبة للمستثمرين في قطاع الرعاية الصحية فهم ليسوا مضطرين إلى إنفاق مبلغ كبير من المال مقابل شراء الأراضي.

لقد ساعدنا العديد من العُملاء في صياغة ومُراجعة عقود المُساطحة، مما يعد مؤشرًا واضحًا على أن هناك طلب متزايد على هذا النوع من حقوق الملكية، نظرًا لأسباب تِجارية وقانونية تمت مناقشتها أعلاه. 

محمد قواسمي - m.kawasmi@tamimi.com - سامانثا شاو - s.shaw@tamimi.com - مركز دبي المالي العالمي

© Al Tamimi & Company 2018