22 10 2018

أظهر تحليل لـ "الاقتصادية"، أن متوسط نمو الاقتصاد السعودي "الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة" بلغت نسبته 3.8 في المائة، خلال آخر سبع سنوات، أي منذ تعديل سنة الأساس إلى عام 2010.

ووفقا لتحليل وحدة التقارير الاقتصادية في "الاقتصادية"، فإن نمو الاقتصاد السعودي بهذا المعدل خلال تلك الفترة يؤكد متانته وقوته في مواجهة الأزمات المختلفة.

وتحول الاقتصاد السعودي للنمو خلال الربعين الأول والثاني من العام الجاري، حيث نما بنسبة 1.2 في الربع الأول و1.6 في المائة خلال الربع الثاني.

ونما الاقتصاد السعودي في الربع الثاني من العام الجاري بأسرع وتيرة له فيما يزيد على عام "منذ الربع الأخير من عام 2016"، ما يعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه السعودية "رؤية المملكة 2030"، ما يؤكد أن إعادة الهيكلة الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها.

وتتوالى شهادات كبرى المؤسسات الدولية لتؤكد ذلك، بعد أن رفع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووكالة موديز للتصنيف الائتماني، توقعاتها لنمو الاقتصاد السعودي للعامين الجاري والمقبل في أحدث تقارير صادرة عنها.

ورفع صندوق النقد الدولي، أحدث تقاريره حول آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، توقعاته بأن ينمو اقتصاد المملكة بنسبة 2.2 في المائة خلال عام 2018، ليستمر الصندوق في رفع توقعاته للاقتصاد السعودي للمرة الرابعة على التوالي منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2017 "خلال عام".

وتوقع الصندوق، أن تستمر وتيرة الصعود لتصل إلى 2.4 في المائة خلال عام 2019.

كما رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي العام الجاري إلى 1.8 في المائة، مرجحا نموه بنسبة 2.1 في المائة و2.3 في المائة عامي 2019 و2020.

ووفقا لتقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لشهر حزيران (يونيو) الماضي، رفع البنك توقعاته للاقتصاد السعودي هذا العام بواقع 0.6 في المائة عن توقعات شهر كانون الثاني (يناير) الماضي التي كانت 1.2 في المائة.
 
من جانبها، أكدت وكالة "موديز"، أن التصنيف الائتماني للمملكة عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، فيما رفعت توقعاتها لحجم نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي للفترة 2018-2019؛ لتصبح 2.5 في المائة و2.7 في المائة على التوالي عوضا عن توقعاتها السابقة 1.3 في المائة و1.5 في المائة للفترة ذاتها المسجلة في شهر نيسان (أبريل) من العام الجاري.

وهي بذلك تتجاوز في توقعاتها الإيجابية، توقعات حكومة المملكة التي أعلنتها في البيان التمهيدي لإعلان الميزانية لعام 2019 في 30 أيلول (سبتمبر) 2018.


وكانت وزارة المالية السعودية قد توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.1 في المائة و2.3 في المائة لعامي 2018 و2019 على التوالي.

وتوقعت الوزارة أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 2.93 تريليون ريال في 2018، ثم 3.14 تريليون ريال في عام 2019، بمعدل نمو 13.9 في المائة، و6.9 في المائة على التوالي.

ورجحت "موديز"، ارتفاع الإنتاج النفطي لتعزيز الاقتصاد، فضلا عن تطورات القطاع غير النفطي ليسهم في نمو أقوى لإجمالي الناتج المحلي، إذ أشارت في مراجعتها الأخيرة إلى أن خطط تنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط، من المحتمل أن تسهم في رفع النمو المتوسط والطويل الأجل في المملكة.

يشار إلى أن السعودية قد رفعت إنتاجها النفطي إلى 10.7 مليون برميل يوميا، في إطار اتفاقها مع منظمة البلدان المُصدرة للنفط "أوبك" في محاولة لسد النقص في الإمدادات للسوق النفطية نتيجة تعرض عدد من الدول النفطية لمشكلات أدت إلى انخفاض إنتاجها، وكذلك لسد النقص المتوقع نتيجة فرض العقوبات الأمريكية على إيران.

وعمدت الوكالة إلى مراجعة وتعديل توقعاتها المالية بشأن العجز، وذلك بعد نشر البيان التمهيدي لإعلان الميزانية لعام 2019، لتصبح توقعاتها لحجم العجز الحكومي من إجمالي الناتج المحلي للفترة 2018-2019 نحو 3.5 في المائة و3.6 في المائة على التوالي، عوضا عن توقعاتها السابقة للفترة السابقة البالغة 5.8 في المائة و5.2 في المائة.

وأشارت "موديز" إلى أن اتجاه الديون سيشهد تحسنا كبيرا خلال العامين المقبلين، إذ من المتوقع أن تظل مستويات الديون أقل من 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط، وهي نسبة صغيرة مقارنة بالموقف المالي الحكومي القوي.

وأثنت "موديز" على سياسة المملكة في الضبط المعقول بالنفقات، في ظل ارتفاع العائدات النفطية، إذ توقعت أن يشهد عجز المملكة المالي تراجعا إلى نحو 3.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2018 مقارنة بمستوياته في عام 2017.

وأشادت بالإدارة المالية للمملكة، إذ رأت أن حجم النفقات هذا العام يتماشى مع ما خطط له في الميزانية الحكومية، معتبرة ذلك إشارة إلى سعي الحكومة نحو ضبط مستويات الإنفاق طوال العام عن طريق التخطيط السليم والرقابة والضبط.
 
من جهة أخرى، أقرت "موديز" بالنتائج البارزة في تحصيل الإيرادات غير النفطية، مستشهدة بأن الإيرادات شهدت خلال النصف الأول من هذا العام ارتفاعا بنحو 43 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، نتيجة لزيادة متوسط أسعار النفط بنحو 37 في المائة وتضاعفت إيرادات الضرائب على السلع والخدمات لقرابة ثلاثة أضعاف، بعد دخول قرار ضريبة القيمة المضافة حيز التنفيذ في الأول من يناير 2018.

ووفقا لتحليل "الاقتصادية"، ارتفعت الإيرادات غير النفطية في ميزانية السعودية للنصف الأول من العام الجاري، بنسبة 49 في المائة، لتبلغ 141.7 مليار ريال، مقابل 95 مليار ريال في الفترة نفسها من العام الماضي 2017، بزيادة 46.8 مليار ريال.

وشكلت الإيرادات غير النفطية في النصف الأول 2018 نحو 32 في المائة من الإيرادات الإجمالية للدولة المسجلة في الفترة نفسها البالغة نحو 440 مليار ريال.

فيما مثلت الإيرادات النفطية 68 في المائة من إجمالي الإيرادات، بعد ارتفاعها بنسبة 40 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
 
وقالت وزارة المالية السعودية في بيانها التمهيدي لموازنة عام 2019، "إن الإصلاحات المالية تهدف إلى ضمان استدامة المالية العامة وذلك من خلال المحافظة على معدلات منخفضة في عجز الميزانية وذلك عند تطبيق كافة الاصلاحات والإجراءات المدرجة في برنامج تحقيق التوازن المالي".

وتوقعت الوزارة أن يبلغ عجز الميزانية في عام 2019م نحو 1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يستمر العجز في الانخفاض التدريجي على المدى المتوسط حتى يصل إلى التوازن المالي بحلول عام 2023.

إضافة إلى ذلك، فإن حكومة المملكة قد حددت سقفاً للدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي عند 30 في المائة وذلك حسبما أعلن في "برنامج التحول الوطني 2020" في يونيو 2016م.
 
وهذه النسبة تعتبر منخفضة مقارنة بنسب الدين المرتفعة لدول مجموعة العشرين، وهو ما يعكس متانة وقوة المركز المالي للمملكة.

أيضاً من المتوقع، حسب الوزارة، الاستمرار في الاعتماد في تمويل العجز على إصدارات الدين الذي من المتوقع أن يصل إلى 20 في المائة من الناتج في 2018، ثم إلى نحو 22 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019م.

كما يتوقع أن يصل الدين إلى 23 في المائة من الناتج في 2020، ثم إلى نحو 25 في المائة من الناتج المحلي في عام 2021م، وفي نفس الوقت فإن استراتيجية التمويل تقوم على استخدام الودائع الحكومية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" عند الحاجة مع الحفاظ على رصيد مناسب لهذه الودائع.

وجاءت توقعات الوزارة لنسبة الدين من الناتج اعتمادا على توقعها بلوغ الدين 576 مليار ريال نهاية 2018، ثم 678 مليار ريال نهاية 2019، ثم 754 مليار ريال نهاية 2020، و848 مليار ريال نهاية 2021.

وفي شأن القوة الائتمانية للمملكة، أكدت "موديز" أن النظرة المستقرة تشير إلى أن المخاطر على التصنيف الائتماني متوازنة بشكل عام، بحيث يمكن مع مرور الوقت لبرامج الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك خطط برنامج التوازن المالي بحلول عام 2023، إتاحة الطريق إلى مستوى تصنيف أعلى.

وأضافت الوكالة توصية قوية في قوة المملكة الائتمانية بقولها، "إضافة إلى متطلبات التمويل المعتدلة وفقا للتصنيف، فلدى الحكومة إمكانية الوصول إلى مصادر وافرة من السيولة، سواء من أسواق رأس المال المحلية، أو الدولية، والاحتياطيات المالية، ومن غير المرجح أن تواجه مشكلات في تمويل العجز المالي".
 
وبحسب تحليل "الاقتصادية"، يدعم الوضع المالي للمملكة والقدرة الائتمانية وعلى سداد الديون وسد العجز بسهولة، حيازتها أصولا احتياطية ضخمة للغاية تضعها الثالثة عالميا، حيث بلغت بنهاية شهر آب (أغسطس) من العام الجاري نحو 1.91 تريليون ريال، إذ تعتبر أعلى مستوى لها في 17 شهرا وتحديدا منذ شهر فبراير 2018.
 
وارتفعت قيمة الأصول الاحتياطية للسعودية في الخارج خلال شهر آب (أغسطس) من العام الجاري بنسبة 1.7 في المائة، بما يعادل نحو 31.59 مليار ريال، كما ارتفعت بنسبة 4.5 في المائة بما يعادل قيمة 82.68 مليار ريال خلال عام وتحديدا من شهر آب (أغسطس) 2017.
 
وتنقسم الأصول الاحتياطية إلى خمسة بنود، هي "استثمارات في أوراق مالية في الخارج" و"نقد أجنبي وودائع في الخارج" و"الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي" و"حقوق السحب الخاصة" و"الذهب النقدي".
 
ولدى السعودية خيارات عدة لتمويل العجز في الميزانية في ظل الإقبال الكبير على ديون السعودية محليا ودوليا، حيث عادة ما تتم تغطيتها بمعدل أربع مرات تقريبا على الأقل.
 
وبلغ إجمالي أدوات الدين السعودية الدولية 52 مليار دولار، في حين بلغت قيمة الطلبات والإقبال عليها 202 مليار دولار، أي بتغطية 388 في المائة.

يذكر أن مؤسسة موديز، وكالة تصنيف ائتماني أسسها جون مودي في عام 1909، وتقوم بالأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية وتقييم مؤسسات خاصة وحكومية من حيث القوة المالية والائتمانية.

© الاقتصادية 2018