أي أزمة لا بد وأن يكون لها أسباب ونتائج ولكن الأهم أن يكون لها حلول مستدامة تحول بين تكرار الأزمة مجدداً – على الأقل في المستقبل القريب.

خلال العام الماضي، أدى ظهور فيروس كوفيد-19 إلى ارتباك عام في كل بلدان العالم وبالأخص تلك التي كانت عرضة للمشاكل الاقتصادية أو للتقلبات السعرية في أسعار السلع العالمية.

 على سبيل المثال، تعرضت الدول التي تعتمد على الاقتصاد العالمي لمشاكل اقتصادية نتجت عن انخفاض حجم التصدير لديها جراء تبعات كوفيد-19 من إجراءات الإغلاق وانحسار التجارة العالمية. 

أيضاً، يؤدي انخفاض أسعار السلع العالمية إلى تأثر الدول التي تنتجها بشكل كبير، وقد يدفع بها إلى أزمة مالية وهو ما قد حدث ولا يزال يحدث في الكويت. 

أزمة مالية ... 

قبل انتشار فيروس كوفيد-19 عالمياً، كانت الكويت تعاني من انخفاض الإيرادات السيادية المرتبطة بشكل كبير بأسعار النفط كأحد الدول المنتجة للنفط والتي تعتمد عليه في تمويل خطتها الاستثمارية وأهدافها الاستراتيجية.

بمعني آخر، أدى انخفاض الإيرادات مع ارتفاع النفقات إلى انحسار الموارد المالية المتاحة للحكومة وبالتالي بدأت السيولة في الخزانة العامة في النضوب. وكان ذلك بداية لأزمة مالية استدعت البحث عن حلول قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل في حالة استمرت لفترة أطول.  

... فأزمة سياسية ... 

ولكن تحتاج تلك الحلول قصيرة كانت أم طويلة الأجل وأن تكون مدعومة من قبل الإدارة السياسية للبلاد وإلا لن تكون دستورية أو مستدامة.

لذلك، أصبح الخلاف بين الحكومة الكويتية والمعارضة حول كيفية سد عجز الموازنة بمثابة حجر العثرة في طريق الحل. فعندما يكون الحل المالي في أيدي السياسيين قد يكون هناك جوانب غير مالية أو اقتصادية هي التي تجعل الوصول إلى حل من رابع المستحيلات.

... ثم أزمة اقتصادية 

عندما تظهر الأزمة المالية وهي مفتقدة لأي دعم سياسي تتحول مع الوقت إلى أزمة اقتصادية لتشمل قطاعات عدة بجانب قطاع البنوك. في الكويت، ظهرت الأزمة الاقتصادية جلياً عندما تم بيع الأصول المُدرة للدخل من صندوق الاحتياطي العام إلى صندوق الأجيال القادمة، ووقف استقطاع نسبة 10% كحصة الأخير من إجمالي إيرادات الموازنة. 

والحل؟ 

بدايةً، دعونا نتفق أن الأزمة الكويتية ليست بالمستحيلة وخصوصاً إذا أيقنا أن الحلول متعددة. فقط، يجب تحديد طبيعة المشكلات قبل اختيار الحل.

إن مشكلة الكويت المالية هي مشكلة مؤقتة ستنقشع مع ارتفاع أسعار النفط ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في عاملين رئيسين هما: أولاً، الاقتصاد الكويتي يفتقد للتنوع القطاعي مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار السلع العالمية خصوصاً أسعار النفط.

ثانياً، عدم اتفاق الحكومة ومجلس الأمة والمعارضة على التشريعات المناسبة لظروف الدولة حالياً، مثل قانون الدين العام. 

في رأيي الحل يكمن في إقرار قانون الدين العام لتتمكن الحكومة من الاقتراض في سوق الدين الذي يتمتع حاليا بعوائد سلبية!

على سبيل المثال، قامت السعودية مؤخراً بإصدار سندات مقومة باليورو ولكن بعائد سلبي. وبما أن الجدارة الائتمانية لدولة الكويت أفضل من تلك للسعودية، نستطيع الجزم بأن الاقتراض لفترة قصيرة الأجل سيحظى على إقبال المستثمرين. ولكن يبقى جذر المشكلة وهو الحاجة إلى تنويع مصادر دخل الدولة لتحقيق الاستدامة في النمو الاقتصادي. 

(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وهو حاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA")  

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com) 

 

 

© Opinion 2021

المقال يعبر فقط  عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.