قد لا يشكل ارتفاع أسعار النفط فرصة كاملة بالنسبة إلى الكويت لمعالجة مخاطر نقص السيولة التي فاقمتها جائحة كورونا. بل تحتاج الدولة --التي لا يزال اقتصادها كسائر دول الخليج مبني على النفط-- إلى حلول هيكلية على المديين القصير والطويل، وفقاً لـ رياض الفارس أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد بجامعة الكويت.

في مقابلة مع موقع زاوية عربي، أكد الفارس أن أسعار النفط التي تخطت مستويات لم تشهدها منذ 7  أعوام على خلفية المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا ستساعد في تقليل حدة أزمة السيولة وستوفر للحكومة الموارد اللازمة للإنفاق على المدى القصير.

"لكن يجب علينا ألا نراهن على بقاء الأسعار عند هذا المستوى."

وتملك الكويت وهي عضو في منظمة أوبك، ثالث أكبر صندوق سيادي في العالم.

وأضاف الفارس "أعتقد أن الارتفاع الأخير لأسعار النفط لن يدوم طويلاً لأن جزء منه يتعلق بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، وجزء يتعلق باستمرار تماسك إتفاق أوبك (+)."

وتترقب أسواق النفط اجتماع وزراء أوبك بلس الأربعاء لاتخاذ قرار حول الإنتاج لشهر أبريل.  

توقع صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي أن يشهد النشاط الاقتصادي في الكويت تعافياً تدريجياً على أن يسجل إجمالي الناتج المحلي غير النفطي نمواً بنسبة 3,0% في عام 2021 و3,5% على المدى المتوسط. ويتوقع الصندوق أن ينمو إجمالي الناتج المحلي عموما بنحو 2,7% على المدى المتوسط.

حاجة ملحة للإصلاحات 

أكد الصندوق في تقريره في أكتوبر على وجود "حاجة ملحة للإصلاحات لتشجيع النمو غير النفطي"، منها اقرار القوانين التي تضمن التمويل المنظَّم لعمليات المالية العامة، منها قانون الدين العام.

كذلك أوصى الصندوق بخفض دعم الأجور في القطاع الخاص، وتخفيض الإنفاق الحكومي على المشتريات عن طريق مراجعة العقود ذات التكلفة الباهظة، بالإضافة إلى فرض ضرائب جديدة في مرحلة لاحقة منها ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5%.

وأشار الفارس الى أن الحلول على المدى القصير تشمل إقرار قانون الدين العام كي تتمكن الحكومة من الاقتراض للوفاء بالتزاماتها المالية محلياً ودولياً ولتعزيز درجة الثقة بالوضع المالي ووقف التراجع في التصنيف الائتماني السيادي للكويت.

ازدادت حدة الأزمة مع تداعيات الجائحة، ومنها انهيار أسعار النفط في 2020، ما أدى إلى ارتفاع عجز ميزانية الكويت لأعلى مستوى في تاريخها خلال العام المالي المنتهي في اخر شهر مارس 2021، بزيادة تجاوزت 174%.

ولكن أزمة السيولة لا تعود الى الجائحة فحسب بل هي محصلة لاستمرار تحقيق الميزانية العامة عجزاً مستمراً منذ عام 2015 بسبب هيكيلية الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على النفط على غرار دول مجلس التعاون الأخرى الغنية بالنفط.

لا قدرة على الاقتراض وتوترات بين البرلمان والحكومة

لا تستطيع الحكومة الكويتية الاقتراض في ظل غياب غطاء تشريعي منذ إنتهاء صلاحية القانون السابق في أكتوبر من عام 2017.

وكانت الحكومة قد تقدمت بمسودتي قانون لمعالجة شح السيولة ولكن البرلمان لم يوافق عليهما.

الأول هو قانون الدين العام، والتي ترى الحكومة أنه يجب أن يسمح بالاستفادة من الأسواق الدولية والحصول على مزيد من القروض لتغطية العجوزات. وقامت اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الأمة الكويتي برفض مشروع القانون في أغسطس 2020.  

أما الثاني فهو قانون السحب من الصندوق الكويتي السيادي، المعروف بصندوق احتياطي الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار الكويتية وتقدر قيمة أصوله لما يقارب من 700 مليار دولار. ورفضت اللجنة مناقشة القانون في مارس 2021.

وعلق الفارس بأن سبب رفض البرلمان للقانونين هو أنه "لا يرغب بإعطاء الحكومة شيكاً على بياض لإستمرار الإنفاق عند مستوياته الحالية دون العمل على ترشيد الإنفاق وتقليل الهدر فيه، بالإضافة إلى رغبة البرلمان بأن تتقدم الحكومة بمجموعة من الإصلاحات المالية كشرط لإقرار القانونين، وفي نظري تلك مطالبات مشروعة."

وقالت وزارة المالية الكويتية في فبراير إن الحكومة مدينة لجهات عامة بمبلغ 2.35 مليار دينار (7.78 مليار دولار)، معللة تأخر بعض الدفعات المستحقة إلى نقص السيولة، وفقا لرويترز، التي نقلت أيضا أنه سيتعين على الكويت سداد سندات دولية قيمتها 3.5 مليار دولار في 20 مارس 2022.

وتصر وزارة المالية على الالتزام بموعد استحقاق السندات خلال العام الجاري، قائلة الشهر الماضي إن تأجيل الدفع "خيار مستبعد تماما" حيث أنه بالضرورة سيؤدي لخفض التصنيف الائتماني السيادي للكويت وبنوكها، بالإضافة إلى زيادة تكلفة الاقتراض على الحكومة.

(إعداد: شريف طارق، ويعمل شريف مع أهرام اونلاين وافريكا ربورت، وهو أيضا رئيس تحرير نشرة دلتا دايجست، وقد عمل سابقا في مؤسسات إعلامية أخرى من بينها لوس أنجلوس تايمز)  

(تحرير: ريم شمس الدين) 

(للتواصل: yasmine.saleh@lseg.com)