تعد شركة إعمار مصر للتنمية إحدى العلامات التجارية القوية المعروفة ومطور عقاري رائد بالسوق العقارية المصرية. وهي واحدة من الاستثمارات الخليجية التي حققت نجاح كبير في مصر منذ أن تأسست في 2005. 

وتمتلك إعمار العقارية الإماراتية وشركات تابعة لها 88.7% من أسهم إعمار مصر. الجدير بالذكر أن إعمار مصر هي شركة مدرجة بالبورصة المصرية منذ يوليو 2015.

وبرغم النجاح الذي حققته الشركة والذي انعكس على نمو أعمالها بالسوق المصري مقومة بالجنيه، إلا أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار على مدار الأعوام الماضية كان له أثر سلبي على قيمة أعمال الشركة وقيمتها السوقية مقومة بالدرهم الإماراتي.

هذا بالرغم من امتلاك الشركة لأرصدة بالدولار و/أو عملات مرتبطة تجعلها مستفيدة من ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، ويحقق لها مكاسب فروق عملة كبيرة، وذلك كما سنستعرض أدناه:

انخفاض الجنيه المصري

شهدت مصر انخفاض في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي ليسجل 24.76 جنيه للدولار بنهاية 2022 مقابل 7.83 جنيه للدولار بنهاية 2015، أي بانخفاض سنوي مركب نسبته 15.2%.

وهو ما انعكس على سعر صرف الجنيه أمام الدرهم الإماراتي - المربوط  بالدولار - والذي وصل إلى 6.74 جنيه لكل درهم في نهاية 2022 مقابل 2.13 جنيه لكل درهم في نهاية 2015.

المبيعات التعاقدية

بفضل طرح وتطوير عدد من المشروعات العقارية البارزة بشرق وغرب القاهرة والساحل الشمالي، استطاعت إعمار مصر تحقيق مبيعات تعاقدية قوية بقيمة إجمالية بلغت أكثر من 100 مليار جنيه (25.6 مليار درهم إماراتي) خلال 8 أعوام (2015-2022). حيث شهدت المبيعات نمو سنوي مركب خلال الفترة  2015 – 2022 بنسبة 8.7% لتسجل 15.5 مليار جنيه في 2022 مقابل 8.6 مليار جنيه في 2015.

وبرغم ذلك فقد انخفضت المبيعات خلال نفس الفترة مقومة بالدرهم الإماراتي بنسبة انخفاض سنوي مركب بلغت 4.3% لتسجل 3 مليار درهم في 2022 مقابل 4.1 مليار درهم في 2015.

الأصول وحقوق الملكية

عقب طرحها بالبورصة، أنهت إعمار مصر عام 2015 بإجمالي أصول بلغت قيمتها الدفترية 17.5 مليار جنيه (ما يعادل 8.2 مليار درهم إماراتي) وحقوق مساهمين بقيمة 6.7 مليار جنيه (3.2 مليار درهم).

وكنتيجة لنجاحها في تحقيق مبيعات قوية، انعكس ذلك على نمو أصول وحقوق مساهمين إعمار مصر بالجنيه المصري بنسبة نمو مركب سنوي 23.1% خلال الفترة من 2015 إلى 2022. إلا أن هذا النمو كان متواضع مقوما بالدرهم الإماراتي، لتصبح نسبة النمو السنوي المركب عند 4.4%  لكل من الأصول وحقوق الملكية. حيث ارتفعت القيمة الدفترية لإجمالي الأصول لتصل في نهاية 2022 إلى 74.4 مليار جنيه (11 مليار درهم إماراتي). أما القيمة الدفترية لحقوق المساهمين فقد وصلت بنهاية 2022 إلى 28.9 مليار جنيه (4.3 مليار درهم).

رأس المال السوقي 

لاشك أن إعادة تقييم أصول وحقوق المساهمين لشركة إعمار مصر بعد انخفاض الجنيه أمام الدولار وارتفاع معدلات التضخم في مصر، من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع قيمة أصول وحقوق المساهمين لشركة إعمار مصر، بما ينعكس على رأس المال السوقي للشركة.

ولكن بالنظر إلى رأس المال السوقي لشركة إعمار مصر في نهاية 2022 نجد أنه وصل إلى 14 مليار جنيه بارتفاع طفيف مقارنة بالقيمة السوقية للشركة في نهاية 2015 عند 12.7 مليار جنيه، أي بنسبة نمو سنوي مركب 1.5%. أما مقوما بالدرهم الإماراتي، فقد انخفضت القيمة السوقية لإعمار مصر بنسبة تغير مركب بلغت 13.9% سنويا لتسجل 2.1 مليار درهم بنهاية 2022 مقابل 5.9 مليار درهم بنهاية 2015.

وبالتالي فإن التغير في رأس المال السوقي لإعمار مصر لم يكن متناسب مع الزيادة في القيمة الدفترية لأصول وحقوق المساهمين للشركة، أو الزيادة في معدلات التضخم وأسعار العقارات في مصر. وعليه، انخفض مضاعف القيمة الدفترية لشركة إعمار مصر من 1.9 مرة في نهاية 2015 إلى 0.5 مرة بنهاية 2022.

وحاليا يبلغ رأس المال السوقي لإعمار مصر 14.9 مليار جنيه بارتفاع نسبته 6.1% منذ بداية العام، بما يعكس مضاعف قيمة دفترية 0.5 مرة. أما بالدرهم الإماراتي فقد انخفض رأس المال السوقي لإعمار مصر منذ بداية العام بنسبة 15% ليصل حاليا إلى 1.77 مليار درهم.

ومن الملاحظ أن إعمار مصر تتداول حاليا عند قيمة سوقية تعادل 1.0 مرة تقريبا من إجمالي النقدية وما يعادلها، وهو ما يتماشى تقريبا مع نفس المعدل عند 1.1 مرة خلال الفترة من 2018 إلى 2022.

نقدية، إيرادات تمويلية، وفروق عملة

بلغ رصيد إعمار مصر من النقدية وما يعادلها (استثمارات مالية) حوالي 14.9 مليار جنيه كما في 31 ديسمبر 2022 (20% من إجمالي الأصول)، ووصلت في 30 يونيو 2023 إلى 14.5 مليار جنيه (18% من إجمالي الأصول)، مقابل متوسط 5 سنوات (2018-2022) عند 12.4 مليار جنيه (متوسط 25% من إجمالي الأصول).

وحيث تحتفظ إعمار بالنقدية وما يعادلها في صورة ودائع وحسابات جارية واستثمارات مالية، فإن الشركة تحقق إيرادات تمويلية ساهمت بشكل كبير في حجم الأرباح قبل الضرائب خلال السنوات من 2018 إلى 2022. 

ساهم ارتفاع رصيد النقدية وأسعار الفائدة وكذلك انخفاض الجنيه أمام الدولار في ارتفاع الإيرادات التمويلية لإعمار مصر من 1.0 مليار جنيه في 2021 (18% من الأرباح قبل الضرائب) لتصل إلى 3.5 مليار جنيه في 2022 (بما يعادل 40% من الأرباح قبل الضرائب). كما حققت الشركة خلال 12 شهر حتى النصف الأول من 2023 إيرادات تمويلية بقيمة 5.0 مليار جنيه (54% من الأرباح قبل الضرائب).

وساهمت أرباح فروق العملة غير المحققة بنسبة كبيرة من الإيرادات التمويلية خلال 18 شهر من أول يناير 2022 حتى 30 يونيو 2023، حيث بلغت أرباح فروق العملة غير المحققة خلال تلك الفترة 4.2 مليار جنيه بما يمثل 69% من الإيرادات التمويلية وكذلك 32% من الأرباح قبل الضرائب خلال نفس الفترة.

وكان ذلك مدفوعا بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه من 15.72 جنيه للدولار في نهاية 2021 إلى 30.90 جنيه بنهاية يونيو 2023.

وفي النصف الأول من 2023 فقط سجلت إعمار مصر أرباح فروق عملة غير محققة بقيمة 2.0 مليار جنيه نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بمقدار 6.1 جنيه للدولار من 24.76 جنيه بنهاية 2022 إلى 30.90 بنهاية يونيو 2023.

وتعكس تلك الأرقام قيمة أصول بالدولار / عملات مرتبطة بقيمة 324 مليون دولار تقريبا بنهاية يونيو 2023 أي ما يعادل 10.0 مليار جنيه بما يمثل 47% من إجمالي أرصدة النقدية وما يعادلها وحسابات العملاء وأوراق القبض بنهاية يونيو 2023.

الجدير بالذكر أن إعمار مصر لجأت منذ فترة – وفق أخبار صحفية متداولة – إلى ربط أسعار وحداتها بالدولار للعمل على التحوط ضد انخفاض الجنيه المصري وما ينتج عنه من ارتفاع تكاليف البناء. وفي هذا الصدد قدمت سابقا مقال رأي بعنوان: القطاع العقاري المصري في مأزق .. والبيع بالدولار ليس المخرج!"

(إعداد : محمود جاد، للتواصل zawya.arabic@lseg.com)

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا