يسابق المغرب الزمن للعثور عن ناجين من زلزال مدمر ضرب مدنه، فيما لا تزال السلطات تحصي خسائرها المادية والبشرية، وسط توقعات بفاتورة قد تضر البلاد اقتصاديا.

وزلزال الجمعة 8 سبتمبر، الذي ضرب عدة مدن وبلغت قوته نحو 7 درجات، يُعد الأسوأ في المغرب منذ عقود. وقد خلف آلاف القتلى والجرحى. ووجه الزلزال ضربة أيضا للاقتصاد المغربي الذي يعاني من ارتفاع التضخم لمستويات قياسية.

وبحسب أحدث البيانات، سجل معدل التضخم السنوي 4.9% في يوليو الماضي بعد أن سجل 6.6% خلال عام 2022  مقابل 1.4% في 2021.

ويعاني المغرب من أزمة جفاف امتدت لسنتين وأثرت بشكل سلبي على القطاع الفلاحي الحيوي لاقتصاد المملكة، بالإضافة للتداعيات الاقتصادية للحرب الروسية - الأوكرانية.

وأي كان رقم الفاتورة الاقتصادية للزلزال، السؤال هنا: من سيدفعها؟

القطاع السياحي؟

ضرب الزلزال عدد من المناطق في وسط وجنوب المغرب منها اقليمي "الحوز" و "تارودانت" وهما من أكثر المناطق المتضررة من حيث أعداد الضحايا. وتقع هذه المناطق الجبلية السياحية على بعد كيلومترات من مدينة مراكش التي تعد عاصمة المغرب السياحية والتي تأثرت هي الأخرى بشكل كبير بالزلزال حيث دٌمرت مساحات واسعة من المناطق التاريخية للمدينة.

وبحسب الخبير الاقتصادي المغربي والأستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء زهير لخيار في حديث لزاوية عربي، الزلزال كارثة مفاجئة ستخلف تداعيات اقتصادية واجتماعية خاصة على القطاع السياحي.

"بالطبع كما تعلمون ان المنطقة التي كانت بؤرة للزلزال هي منطقة سياحية بالدرجة الأولى بل هي منطقة سياحية على المستوى الدولي،" بحسب لخيار.

وأضاف أن تداعيات الزلزال على السياحة والاقتصاد كما على الوضع الإنساني "تطلب مجهود كبير أضف الى ذلك استعجالية إعادة الإعمار وهذه ستتطلب أيضا تكلفة كبيرة جدا.. وهذه التكلفة ينبغي الإسراع في إيجادها وفي تنفيذها".

ويساهم القطاع السياحي بحوالي 7 % من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب. وفي مارس الماضي، أطلق المغرب خارطة طريق للقطاع للفترة من 2023 إلى 2026 باعتمادات تصل إلى 6.1 مليار درهم، بهدف استقطاب حوالي 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026.

البنية التحتية؟

وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي المغربي ومدير مرصد العمل الحكومي (منظمة غير حكومية) محمد جدري لزاوية عربي إن نحو 500 مدرسة قد دمرت بالكامل هذا بالإضافة إلى طرقات ومستوصفات وشبكات إنارة وهاتف نقال.

وقال جدري إن "المغاربة مطالبون بتعبئة الموارد المالية من أفراد وجماعات ومقاولات خاصة.. من أجل المساهمة في تعبئة الموارد المالية".

 وتابع:" اليوم هاد المساعدات الدولية الي تجي من عند الدول الصديقة والمنظمات الدولية يمكن أن تساعد في إعادة الإعمار".

وأعربت عدة دول وحكومات، من بينها إسبانيا والولايات المتحدة والجزائر وتونس وتركيا وفرنسا والصين ومصر والإمارات والسعودية وقطر عن استعدادها لتقديم المساعدة والدعم للمغرب في أعقاب الزلزال.

وكذلك قررت الحكومة المغربية إنشاء صندوق خاص لإعادة الإعمار باسم "الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال" سيتم تمويله من التبرعات. كما تم إطلاق برنامج عاجل لإعادة إيواء المتضررين وتوفير مساكن ومنح مالية لهم.

الوقت؟

توقع رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) النعم ميارة، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن تستغرق عمليات إعادة إعمار المناطق التي ضربها الزلزال في المغرب حوالي 5 أو 6 سنوات.

في المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي المغربي وأستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس المغربية عمر الكتاني أن هناك مرحلتين لما بعد الزلزال.

 المرحلة الأولى، بحسب الكتاني  لزاوية عربي، هو الجانب الاستعجالي والذي يتطلب تعبئة شعبية تلقائية لإنقاذ الأرواح وهو ما نجح فيه المغرب والمغاربة حتى الآن.

" الجانب التاني وهو ما بعد المبادرة الاستعجالية أي إعادة بناء هذه الجماعات (المناطق) وتقدر بـ 40 جماعة وتمس تقريبا 600 ألف ساكنة (سكان) وهذا كذلك يحتاج إلى تعبئة تانية وإلى إمكانيات مالية مهمة قد تكون أكبر من إمكانيات التعبئة الأولى،" بحسب الكتاني  والذي أضاف إن هذا سيحتاج وقت طويل.

(إعداد: جيهان لغماري، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلمطول

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا