بعد أن وصفت اتفاق زيادة الأجور” بــ"المرحلة المفتاح” نحو برنامج جديد مع صندوق النقد، عادت "موديز" إلى التلويح بخفض التصنيف الائتماني للدولة في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة إنذار لحكومة  نجلاء بودن التي أعلنت عن توجه وفد رسمي إلى العاصمة الأامريكية واشنطن للقاء ممثلين عن صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع، بهدف التوصل لاتفاق حول قرض جديد.

وتتصاعد المخاوف من عدم قدرة تونس على سداد ديونها بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية جراء الحرب في أوكرانيا إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ أن فرض الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021.

وتكافح تونس من أجل سداد ديونها التي سترتفع، مع نهاية 2022 إلى أكثر من 114 مليار دينار ( 34.8 مليار دولار ) مقابل 107.8 مليار دينار في أغسطس سنة 2021 مما يشكل زيادة تفوق 6 مليار دينار، حسب بيانات نشرتها وزارة المالية.

ويشكل الدين الداخلي 36.1% من إجمالي ديون تونس في حين يمثل الدين الخارجي 63.9% من إجمالي الديون.

والجمعة، أعلنت وكالة التصنيف الإئتماني الأمريكية "موديز" أنها وضعت التصنيف السيادي التونسي "CAA1" تحت المراقبة من أجل خفضه. 

وأرجعت موديز قرار إخضاع التصنيف للمراجعة نحو التخفيض إلى أنه في حال عدم وجود اتفاق في الوقت المناسب حول برنامج لصندوق النقد الدولي، فإن مخاطر السيولة المتزايدة في تونس بالإضافة إلى التوازنات الخارجية الهشة يزيدان من المخاطر المحتملة.

يتزامن قرار موديز مع إعلان الحكومة التونسية الجمعة عن ذهاب وفد رسمي تونسي، بداية الأسبوع المقبل، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن للقاء ممثلين عن صندوق النقد الدولي، بهدف التوصل لاتفاق حول قرض جديد بقيمة 4 مليار دينار.

وقال المتحدث باسم الحكومة التونسية، نصر الدين النصيبي أن "التوقعات عالية بأن يتم التوصل إلى تطورات جديدة بخصوص اتفاق نهائي… وذلك قبل نهاية أكتوبر المقبل".

وتنوي " موديز" تركيز فترة المراقبة على تقييم التقدم الذي أحرزته السلطات في الحصول على موافقة مجلس إدارة الصندوق على برنامج جديد والذي تعتبره " ضروريا للتخفيف من مخاطر التمويل والهشاشة الخارجية وفي نهاية المطاف المخاطر الاجتماعية، قبل نهاية السنة". 

فهل ما قالته موديز سيؤثر على فرص تونس للحصول على قرض؟

بحسب الخبير الاقتصادي ووزير التجارة الأسبق محسن حسن لــ"زاوية عربي" أن قرار "موديز" كانت منتظر نظرا لما تعانيه المالية العامة من مشاكل سيولة تهدد بعدم قدرة الدولة على الإيفاء بتعهداتها المالية تجاه المؤسسات العامة المكلفة بالشراء من الخارج واستيراد حاجات تونس من المواد الأساسية. وهو ما سيكون له تأثير كبير على قيمة صرف الدينار وعلى الاستثمارات وأيضا السلم الاجتماعي.

والخميس الماضي، هبط الدينار التونسي إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار مسجلا خسارة في قيمته قدرت بأكثر من 17% منذ بداية السنة الحالية وهو ما اعتبره خبراء يشكل مزيد من الضغوط على الميزان التجاري وخدمة الدين الخارجي.

ويفضي ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار بنسبة 1% مقارنة بما هو متوقع لسنة 2022، إلى زيادة حجم الدين بنحو 766 مليون دينار تشكل 0.55 % من إجمالي الناتج المحلي، حسب بيانات وزارة المالية التونسية.

وأضاف حسن "خروج تونس على السوق المالية العالمية أصبح أمر مستحيل.. لم يعد أمام تونس غير التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتجنيب البلاد هزات اجتماعية وعدم القدرة على سداد ديونها".

وتابع " اعتقد ان تونس ستتمكن، أواخر هذا الشهر، من الوصول الى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وهو ما سيدفع وكالة موديز لمراجعة تصنيف تونس نحو الأفضل".

وكانت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" قد تفاعلت في 19 سبتمبر الماضي، مع اتفاق الزيادة في الأجور الذي تم التوصل إليه بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل  - وهي جماعة عمالية مهمة ولها شعبية كبيرة - واصفة الاتفاق بــ"المرحلة المفتاح" نحو برنامج صندوق النقد الدولي.

ويرى الخبير الاقتصادي، معز حديدان، أن وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني ترى أن الوضع المالي والاقتصادي حرج جدا في ظل ارتفاع قياسي للعجز التجاري و انخفاض الدينار التونسي الذي سيزيد من تكلفة خدمة الدين وسيؤدي لاتساع عجز الميزانية، و سيهدد بتقويض احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي ويزيد من أزمة البلاد نحو الأسوأ في حال قررت الوكالة التخفيض ". 

وتعمّق العجز التجاري لتونس بنسبة 61% لتصل قيمته إلى 16.9 مليار دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2022 مقابل 10.4 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2021، وفق مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء.

وبلغت احتياطات تونس من العملة الأجنبية 23.3 مليار دينار وهو ما يكفي لواردات 110 يوم، حسب بيانات البنك المركزي التونسي الأحد.

وقال حديدان أن "موديز دقت ناقوس الخطر وعلى الحكومة الإسراع بتنفيذ الإصلاحات للحصول على قرض صندوق النقد الدولي وإلا ستواجه شبح الإفلاس وصعوبات كبيرة في خلاص وسداد العديد من الديون التي ستحل آجالها عام 2023 ".

وأضاف "أرجح أن يمضي صندوق النقد الدولي اتفاق مع تونس لكن السؤال الأهم هو مدى قدرتها على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والاستمرار فيها حتى وإن كانت موجعة".

خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني في 14 أكتوبر 2021، التصنيف السيادي لتونس من B3 إلى Caa1 مع آفاق سلبية.

 

(إعداد: جيهان لغماري، للتواصل zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلمطول

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا