استيقظ المصريون الخميس على سلسلة متلاحقة من البيانات والمؤتمرات تغير فيها الوضع الاقتصادي لمصر في غضون ساعات.

بدأت الأحداث ببيان غير متوقع من البنك المركزي المصري برفع الفائدة 2% أعقبه تحرير لسعر الصرف ليرتفع الدولار أمام الجنيه بنحو 17% ويفقد الجنيه نحو 14% من قيمته ليتداول عند أدنى مستوى له على الإطلاق  فوق 23 جنيه للدولار.

وقال المركزي في بيان "تم اتخاذ إجراءات إصلاحية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل. وتحقيقا لذلك سيعكس سعر الصرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام سعر صرف مرن".

وبعدها أعلن صندوق النقد الدولي التوصل لإتفاق لدعم مصر ب3 مليار دولار خلال 3 سنوات و10 أشهر وهو جزء من حزمة تمويلات - أٌعلن عنها في مؤتمر صحفي ضم رئيس الوزراء المصري ووزير المالية وممثلين من الصندوق الخميس أيضا -  تقدر ب9 مليار دولار ومن المتوقع أن يساهم فيها الصندوق بمليار دولار من خلال آلية تمويل أخرى سيتم عقد مباحثات بشأنها خلال شهور.

 و سيمول باقي المبلغ - 5 مليار دولار - من شركاء دوليين لمصر، لم يتم الافصاح عنهم، خلال العام المالي الحالي.

وتفاعلت البورصة المصرية بالإيجاب مع القرارات، مسجلة ارتفاع بنسبة 4.92% بنهاية تداولات الخميس.

وتعاني مصر من أزمة اقتصادية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى زيادة الأسعار وشح في العملة الصعبة.

فهل ال 9 مليار كافية لحل أزمة مصر؟

بلغ عجز الموازنة العامة (أي الفارق بين مصروفات وإيرادات الدولة) 436.6 مليار جنيه (ما يعادل 19 مليار دولار) خلال أول 11 شهر من العام المالي الماضي  - في الفترة من يوليو 2021 لمايو 2022 - وهو ما يعادل 5.5% من الناتج المحلي.

وبلغ إجمالي الدين الخارجي 155.7 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام (من أبريل ليونيو)، بحسب أحدث بيانات البنك المركزي.

بحسب آخر بيانات معلنة بنهاية مارس الماضي يتعين على مصر سداد نحو 88.2 مليار دولار من الديون متوسطة وطويلة الأجل خلال الفترة من العام المالي الحالي إلى العام المالي 2026/2027.

وتوزع المبالغ بواقع 71.5 مليار دولار أقساط ديون و 16.7 مليار دولار فوائد ديون.


وبحسب تقرير لوكالة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز الصادر 21 أكتوبر والذي تضمن تقديرات الفجوة التمويلية (وهي الفرق بين الإيرادات من جهة و الالتزامات والمصروفات الخارجية المطلوب دفعها بالعملة الأجنبية من جهة أخرى)، فمن المتوقع أن تسجل مصر عجز في الحساب الجاري ب14 مليار دولار و 4 مليار دولار صافي سداد الديون في العام المالي الحالي 2022/2023.

وصافي سداد الديون يعبر عن القيمة التي من المفترض ان تدفعها الدولة بعد خصم الديون الجديدة التي ستقترضها.

"حجم التمويل البالغ 9 مليارات بينهم 5 مليارات فقط خلال العام المالي الحالي، متوسط، إذ لا يغطي سوى القليل من الفجوة التمويلية بالعملات الأجنبية،" حسب ما قاله هاني جنينة، محاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لـزاوية عربي.

وأضاف: "ما يجعل الرهان على تنفيذ الحكومة برنامج طروحات قوي يستطيع جذب استثمارات أجنبية مباشرة".

خطة الحكومة 

وتحاول الحكومة المصرية منذ فترة طرح شركات حكومية في البورصة المصرية وأعلنت مؤخرا عن صندوق يضم عدة شركات مصرية يدعى صندوق "ما قبل الطروحات" وهو مملوك للصندوق السيادي المصري.

 ويرى مراقبون أن هذا الصندوق يهدف لضم بعض الشركات المملوكة للدولة المخطط طرحها في البورصة في صندوق للاستثمار فيها بدلا من طرحها في البورصة في الوقت الحالي بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية. 

وقال أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي لزاوية عربي الأربعاء أن الإعلان عن أسماء الشركات والقطاعات المشاركة في صندوق ما قبل الطروحات سيكون بعد قمة المناخ التي ستستضيفها مصر الشهر القادم.

وأضاف جنينة أن صغر حجم القرض قد يرجع لمرونة الشروط التي ستنفذها مصر، مع تأجيل قرار رفع أسعار البنزين، بحسب قرار للحكومة بتثبيت أسعاره السبت الماضي بعد قرار سابق برفعه بوتيرة أعلى من المعتاد، وكذلك تثبيت أسعار الكهرباء حتى منتصف العام القادم.

وأقرت مصر الأربعاء إجراءات حماية اجتماعية ستُكلف الدولة 67 مليار جنيه سنويا (نحو 3 مليار دولار)، تضمنت رفع الحد الأدنى للأجور وعلاوة استثنائية.

" مصر قد تكون بحاجة للاعتماد على خطتها بشكل أكبر، والتحكم في عجز موازنتها،" وفق جنينة.

 

(إعداد:أماني رضوان، للتواصل zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلسريع

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا