قال كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك الكويت الوطني د. سعادة شامي ، إن دول الخليج ستتأثر بعدة جوانب في حرب التجارة العالمية، التي أطلقت شرارتها الولايات المتحدة ضد الصين وسرعان ما انتشرت إلى دول عدة بالعالم مثل كندا واليابان ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها.

وأضاف شامي أن أوجه التأثير تأتي من توقعات تراجع النمو العالمي بسبب الحرب التجارية، وبالتالي تراجع الطلب على النفط بالتزامن مع زيادة حجم الإنتاج، وهذا يؤثر على ميزانيات دول منطقة الخليج.


وأشار إلى تأثير الرسوم الجمركية وهي أداة الحرب التجارية، إلى رفع التضخم في أميركا، وهذا سيؤثر نظراً لارتباط عملات دول الخليج مع الدولار الأميركي بوجه عام. كما أشار إلى تأثير رفع التضخم الأميركي الذي سيدفع المجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة الأميركية، ومن ثم رفع أسعار الفائدة في منطقة الخليج، وبالتالي رفع كلفة التمويل على الشركات والأفراد. وعدد كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك الكويت الوطني، سلبيات أخرى كثيرة للحرب التجارية التي يربح طرف فيها، منها ارتفاع أسعار السلع والخدمات وزيادة نسب التضخم في اقتصادات دول العالم.

وساقت الإدارة الأميركية أسباباً أربعة لإعلان الحرب التجارية على الصين ، وهي:


أولاً: عدوان الصين على حقوق الملكية الفكرية، حيث تدعي الولايات المتحدة أنّها تتعرض لخسارة تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنويا، نتيجة لتغاضي الصين عن العدوان على الحقوق الفكرية للمنتجات الأميركية.


ويعني ذلك خسارة مليارات الدولارات على مدى سنوات، وهو ما تنفيه الصين وتطلب من المتظلّمين اللجوءإلى المحاكم والقوانين المحلية، التي تقول إنها تكفل المحافظة على الحقوق الفكرية.


ثانياً: معاملة الصين بالمثل، إذ تفرض الصين جمارك بنسبة 25% -حسب قول الرئيس الأميركي- على السيارات الأميركية.


ثالثاً: التلاعب الصيني بأسعار العملة المحلية (اليوان) كي تبقيها متدنيّة أمام الدولار الأميركي، وهو ما يجعل قدرة الصين التنافسية على التصدير أكبر، نتيجة رخص بضائعها وصعوبة استيراد البضائع الأميركية بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل اليوان.


رابعاً: تعديل الميزان التجاري بين البلدين الذي يميل بشدة نحو الصين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بينهما قرابة 800 مليار دولار، ويبلغ مقدار العجز التجاري لصالح الصين حوالي 375 مليار دولار. ويرد الصينيون قائلين إنهم لا ذنب لهم في عجز البضائع الأميركية عن المنافسة بالقدر المطلوب.


وبدورها؛ أعلنت منظمة التجارة العالمية -التي طالما سعت أميركا لإقناع دول العالم بالانضمام إليها وإزالة الحواجز أمام توسعها- أنّ الإجراءات الأميركية غير قانونية، مما أغضب واشنطن عليها فأعلنت أنّها ستعاقب المنظمة واتهمتها بعدم الفاعليّة.


وفي عملية فتح للنار على الجميع؛ كانت رسوم ترمب الجمركية ستشمل الحلفاء الأوروبيين، ولكنّه سرعان ما تراجع عن ذلك. وشمل هذا التراجع أيضا كلاً من كندا والمكسيك، شريطة أن تقوم هذه الدول بتقديم تنازلات للولايات المتحدة في مجالات أخرى.


ويبدو أنّ ترمب يعتقد أنّ الحروب الاقتصادية سهلة وغير مكلفة، كما صرح بذلك في إحدى تغريداته؛ ولذا فإنّه -على ما يبدو- يريد جني مكاسب ماليّة كبيرة بالضغط على الآخرين، لكي يقدّم لناخبيه الأموال والوظائف التي طالما وعدهم بها. وهو يريد جنيها ليس من الصين فحسب، بل من كل الأطراف بمن في ذلك حلفاؤه كالسعودية واليابان والأوروبيين.


غير أن كثيراً من الاقتصاديين يؤكدون أن لا أحد يخرج رابحاً من الحروب التجارية، وخير مثال على ذلك أنّ هذا النوع من الحروب أسهم - إلى حد كبير- في تعميق أزمة الكساد العظيم التي طالت أميركا أواسط ثلاثينيات القرن الماضي.


إذ سيؤدي رفع الجمارك إلى ارتفاع كلفة السلع، مما يعني لجوء المستهلك إلى الإحجام عن الإنفاق، أو التوجه نحو شراء المنتج المستورد الرخيص الثمن، وتجنب شراء المنتج المحلي الغالي الثمن، وهو ما سيؤدي إلى تباطؤ السوق وخسارته للأرباح والوظائف معاً.


فمثلا؛ يُستخدم الحديد -الذي يريد ترمب فرض رسوم جمركية عليه- في صناعة السيارات الأميركية، فإذا ارتفع سعر الحديد المستورد بسبب ارتفاع الجمارك، فإنّ كلفة إنتاج السيارات الأميركية سترتفع وبالتالي فإن أسعارها سترتفع أيضاً، الأمر الذي سيقلّل منافسة السيارات الأميركية لنظيراتها المستوردة، وهو ما يعني ضربة مؤلمة لهذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الأميركي.


وفي المقابل؛ فإنّ ارتباط الاقتصاد الصيني بنظيره الأميركي أصبح ارتباطاً عضويّاً، إلى درجة أنّ أي إضرار بالاقتصاد الأميركي سيقود إلى خسارة كبيرة للاقتصاد الصيني، وذلك لكون الصين هي أكبر دائن خارجي لأميركا.


إذ يبلغ ما استثمرته الصين مباشرة في سندات الخزانة الأميركية 1.17 تريليون دولار، وهي تستثمر -بشكل مكثف- في الشركات الأميركية الكبرى؛ ولذا فإنّ خطوة كهذه يترتب عليها توجيه ضربة لأسواق الأوراق المالية الأميركية أو لسعر الدولار، لا يمكن أن تقدم عليها الصين حاليا.

 

© Annahar 2018