على الرغم من ارتفاع حصيلة البنوك من الدولار منذ مطلع العام الجارى فإن البنوك واصلت عمليات الحصول على قروض دولارية من بنوك خارجية خلال الشهور الأخيرة، إذ تراهن البنوك على انخفاض أسعار الدولار بالسوق المحلية العام القادم بالإضافة إلى انخفاض أسعار الفائدة على هذه القروض، وفقا لتصريحات مسئولين وخبراء.

ويعد البنك المصرى لتنمية الصادرات آخر البنوك التى وقت اتفاقية مع البنك الأفريقى للتصدير والاستيراد بقيمة 500 مليون دولار، كما حصل البنك التجارى الدولى على قرض مساند بقيمة 100 مليون دولار من مؤسسة التمويل الدولية، وتبلغ مدة القرض 10 سنوات، وسيتم إدراجه ضمن الشريحة الثانية من القاعدة الرأسمالية للبنك.

وحصل البنك العربى الإفريقى على تمويل بقيمة 100 مليون دولار من مؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولى، بجانب تمويل آخر من البنك الأوروبى للتنمية.

وقال اسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الاسبق إن توسع البنوك فى الحصول على قروض خارجية بالعملات الأجنبية رغم ارتفاع حصيلة الجهاز المصرفى من النقد الأجنبى ــ أمر طبيعى فى ظل ارتفاع الواردات المصرية عن الصادرات وزيادة الطلب على الدولار.

وأضاف أن البنوك لا تحتفظ بحصيلة النقد الأجنبى ولكنها تستخدمها فى أكثر من جهة ولذلك تحتاج دائما إلى المزيد من العملة الصعبة فهى تستخدم الحصيلة فى استيراد السلع الأساسية من الخارج، فضلا عن تسديد السندات والديون الخارجية وتسديد التزامات الشركات الأجنبية فى مجال الطاقة.

وأوضح حسن أن الطلب على الدولار أكبر من حصيلته لأن الصادرات المصرية أقل من الواردات ومهما كان لدى البنوك من موارد أجنبية ستظل تقترض من الخارج لسد هذا الطلب المتزايد مشيرا إلى أن البنوك ستتوقف عن الاقتراض من الخارج فى حالة واحدة فقط وهى زيادة الصادرات عن الواردات.

وأشار إلى أن اعتماد البنوك على مؤسسات التمويل الأجنبية لن يستمر فترة طويلة، لأن السوق بدأت تشهد استقرارا نسبيا، ومن المتوقع أن تتعافى بشكل كبير خلال عام 2018 بصورة تجعل البنوك تستقطب عملة أجنبية من عدة مصادر أبرزها تحويلات المصريين من الخارج.

وفى نفس الوقت، أكد حسن إن لجوء البنوك لمؤسسات التمويل الخارجية يعطى البنوك حالة من الاستقرار فى الحصول على تمويل أجنبى طويل الأجل.

وأضاف أن البنوك لا تستطيع أن تقوم بالتوسع فى إقراض العملاء بالعملة الأجنبية من السيولة الدولارية التى تمتلكها، لأن أغلب هذه السيولة أموال مودعين ولا يمكن للبنوك أن تتوسع بها بنسبة كبيرة، مشيرا إلى أن الحصول على تمويل من الخارج يخفف من الأعباء على البنوك فى رفع العائد على الأوعية الادخارية بالعملة الأجنبية لجذب سيولة دولارية.

وقال طارق حلمى الخبير المصرفى إن البنوك تلجأ إلى الحصول على قروض خارجية لضخها مرة أخرى فى السوق المصرية نظرا لكونها أقل فائدة من القروض التى قد تضخها البنوك من سيولتها الداخلية أو من قروض الصندوق الاجتماعى للتنمية، مؤكدين أن هذه القروض تقلل من الأعباء المالية الموقعة على أصحاب هذه المشروعات.

وأضاف أن هذه القروض تعتبر مصدرا مهمًا للعملة الأجنبية بالنسبة للبنوك العاملة بمصر، علاوة على أنها تتميز بارتفاع آجالها لتصل فى بعض الأحيان إلى 15 عاما عكس قصر آجال استحقاق الودائع المحلية.

وأضاف أن بعض البنوك المحلية الكبرى تحرص على تلقى قروض بالعملة الأجنبية من مؤسسات التمويل الدولية خاصةً أنها تتسم بعدد من المزايا أبرزها انخفاض سعر فائدتها وطول آجال استحقاقها التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى 15 عاما مقابل قصر آجال نسبة كبيرة من الودائع المحلية.

وأشار إلى أن ذلك يمكن البنك من التوسع فى تمويل القطاع بصورة أكبر مضيفا، وأنها تعتبر مصدرا جيدا للعملة الأجنبية التى تمكن البنوك من توجيهها فقط للمشروعات المعتمدة على تصدير إنتاجها للخارج، لاسيما أن تعليمات البنك المركزى تقتصر على منح تمويلات بالعملة الأجنبية لمشروعات تدر عائدا بنفس العملة.

وأشار إلى أنه رغم طول الفترة الزمنية للقرض لكن البنوك لا تتعرض لمخاطر سعر صرف العملة إذ تكون على دراية بإدارة تلك المخاطر، لافتا إلى أن إجراءات التحوط تختلف من بنك لآخر تبعا لاستراتيجيته وأجل استحقاق القرض.

وأوضح أن دعم المؤسسات الدولية لا يقتصر فقط على التمويلات وإنما يمتد ليشمل المساعدات الفنية وتقديم المشورة فيما يتعلق بتدريب العاملين فى الصناعات الصغيرة والمتوسطة.

وأكد حلمى إن بعض البنوك الكبرى تفضل التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولية للاستفادة من أسعار فائدة القروض بالعملة الأجنبية إذ يصل سعر الفائدة لما بين 3% و4% وفى بعض الأحيان يتم تقديمها فى صورة منحة من دون فرض سعر فائدة، فى حين تصل تكلفة القرض المحلى لـ 15% بما يشير إلى أن قرض المؤسسات الدولية يعتبر فرصة جيدة للبنك والعميل النهائى من أصحاب تلك المشروعات.

وأشار إلى أن هذه القروض تعد أحد مصادر العملة الأجنبية غير المكلفة والتى تستخدمها البنوك فى دعم مشروعات التصدير للخارج، مشيرا إلى أنه يمكن توجيهه لمشروعات كبرى تصدر للخارج فى حال عدم اشتراط القرض الاقتصار على تمويل مشروعات بعينها.

ولفت إلى أن تلقى القرض يعتبر مؤشرا إيجابيا على أداء البنك المحلى والاقتصاد المصرى بصورة عامة، مستبعدا مواجهة البنوك مخاطر تتعلق بسعر صرف العملة لا سيما أنها تدير تلك القروض بالتنسيق مع البنك المركزى لتكون قادرة على تدبير المبلغ فى موعد انتهاء القرض.

© الشروق 2017