12 02 2018

من بين التطورات والطفرات التقنية الهائلة التي ظهرت بوتيرة متسارعة أخيرا وبشكل مريب العملة الإلكترونية بيتكوين «Bitcoin»، وما زاد الأمر ريبة أنها تعتبر عملة ذات مجهولية، بمعنى أنها لا تمتلك رقمًا متسلسلًا ولا أي وسيلة أخرى تتيح تتبع ما أنفق للوصول إلى البائع أو المشتري، ما يجعل منها فكرة رائجة لدى كل من المدافعين عن الخصوصية، أو بائعي البضاعة غير المشروعة كالمخدرات عبر الإنترنت.

كما تتميز العملة بأنها غير مرتبطة بسعر الذهب أو المعادن الثمينة أو أي متغيرات سياسية كانت أو اقتصادية، لكن ارتفاعها يعتمد على الطلب، فكلما زاد الطلب عليها ارتفع سعرها والعكس صحيح، وهذا ما جعل متداولي العملة يعملون سماسرة لها، ما جعلها فكرة ذكية حافظت على استمراريتها ونموها.

وتعتبر بيتكوين أول تطبيق لمفهوم يطلق عليه اسم «cryptocurrency» أو العملة المشفرة، والذي تم الحديث عنه للمرة الأولى في عام 1998، وتمحور حول شكل جديد من المال يعتمد على التشفير في إنشائه والتعامل به، بديلا عن السلطة المركزية.

وفيما لا تزال بيتكوين والعملات الافتراضية غير خاضعة للرقابة الدولية ويستخدم الناس شبكة الإنترنت لشرائها وتداولها، فإن السعودية لا ترى أن منحها الضوء الأخضر هو القرار الصائب.

ويوجد عشرات الأنواع من هذه العملات مثل بيتكوين وهي: لايتكوين، فاكوين، نيمكوين، بيركوين، فزركوين. وتتحدد أهمية كل عملة رقمية حسب عدد المُستخدمين وبنية كل شبكة والمواقع التي يتم مبادلتها فيها.

ويتم تداول بيتكوين ونظيراتها عبر الانترنت، بمعنى أنها غير محسوسة وليس لها وجود فيزيائي، وهي عملة تقبل المقارنة بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو ويمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية عن طريق المبادلة.

نشأتها

بدأ التفكير في عملة بيتكوين منذ عام 2007 من قبل مبرمج أطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو، حيث قام في العام التالي 2008 بنشر ورقة بحث طرح فيها فكرة استخدام نقود الكترونية وصفها بأنها نظام نقدي إلكتروني يعتمد في التعاملات المالية المباشرة بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط في محاولة منه لخلق عملة حرة غير خاضعة للرقابة بهدف تحرير الاقتصاد العالمي لتلافي مشاكل النظام النقدي التقليدي ولمواكبة التغيرات المتسارعة في عالم الأعمال خاصة على الشبكة الافتراضية.

ويعتبر عام 2009 نقطة انطلاق عملة بيتكوين، حيث قام ساتوشي ناكاموتو «Satoshi Nakamoto» بإصدار برنامج حاسوبي بموجب ترخيص من «MIT» وتقوم فكرة هذه العملة على نظام يعتمد على برمجيات مفتوحة المصدر يمكن من خلالها مراجعة الشفرة البرمجية في أي وقت ومن قبل أي شخص.

وتتشارك هذه الكتل مع بعضها على شبكة بيتكوين، ما يعني ضرورة توافر شبكات حاسب آلي ضخمة وإنترنت وبرمجيات تشغيل وتخزين المعلومات على الويب.

وتقوم هذه العملة على مبدأ اللامركزية، فهي لا تعتمد في تعاملاتها على الوساطات المالية ولا تحتاج لوجود هيئة تنظيمية مركزية تنظم وتتابع عملياتها كالبنوك أو المؤسسات المالية، كما أنها لا تخضع للقوانين والضوابط التي تفرضها البنوك المركزية إذ يختلف سعر صرفها بين موقع وآخر، ويمكن مبادلتها مع أي عملة نقدية تقليدية.

مستقبلها

العملات الرقمية تقنية حديثة تتمتع بمميزات تمكن المتعاملين بها من تلافي بعض العيوب التي تواجه المتعاملين بالنظام النقدي التقليدي بهدف إحداث تغيير جذري في الاقتصاد العالمي.

ولكن وعلى الرغم من كونها توفر طرقا جديدة للمتعامل بها لإيجاد وحدة قياس وتبادل وتخزين القيمة إلى درجة اعتبرها البعض العملة الدولية القادمة، إلا انها لم تحظ حتى هذه اللحظة باعتراف دولي كامل بها ولا توجد تشريعات قانونية تنظم تداولها وتحفظ حقوق من يتعامل بها، كما انها -هذه العملة- ليست خالية من العيوب والمخاطر.

حيث تشير بعض التقارير الصادرة أخيرا إلى بدء استخدام هذه العملة في التبادلات المالية في أمور غير شرعية كالاتجار بالمخدرات والمقامرة والإرهاب وغيرها من المعاملات المحظورة دوليا.

وتزيد مخاطر استخدامها بسبب ما تعرضت له من تذبذب قوي وتقلبات كبيرة في قيمتها على المدى القصير منذ انطلاقتها الأولى في عام 2009، ما أدى إلى صعوبة مراقبتها ومتابعتها وتأمين أجهزة المتعاملين بها وعدم قدرة أي جهة في التحكم والسيطرة على سوقها خاصة في ظل امكانية مشاركة البيانات الخاصة بها مع الجميع على الشبكة الإلكترونية.

وقد تضاعفت المخاطر التي تعرضت لها هذه العملة بعد موجة القرصنة التي طالت العديد من المؤسسات والمواقع الشهيرة على الشبكة؛ لكونها عملة رقمية يتم تخزينها في محافظ خاصة على أجهزة الحاسب ويُشترط عدم توقفها وبقاؤها متصلة بالإنترنت لمنع خسارتها.

© Alyaum newspaper 2018