قبل كورونا، كان العالم يخطو بخطى ثابتة نحو الثورة الصناعية الرابعة التي ستغير الطريقة التي نعمل ونعيش بها. 

 وبعد كورونا، أصبح العالم يهرول نحو الثورة الصناعية الرابعة والاستفادة من أحدث التكنولوجيات لمنع انتشار المرض!

فهناك تسارع في العمل والتعليم عن بعد وهناك تزايد في الاعتماد على الروبوتات في عمليات التعقيم والتوصيل. 

وأيضا هناك تسارع في استخدام تكنولوجيا لتحويل الأموال واستخدامات الذكاء الصناعي.  

 كما ان ظهور السيارات ذاتية القيادة ليس في المستقبل البعيد، فقد أعلنت أحدى الشركات الرائدة في هذا المجال، شركة تسلا، في 2020 ان السيارات ذاتية القيادة ستكون متاحة خلال 3 سنوات من الآن وبسعر 25 ألف دولار. 

 ولكن هنا يأتي السؤال ما هو مستقبل الوظائف في ظل الثورة الصناعية الجديدة؟

وبالذات في عالمنا بعد كورونا. 

الإجابة من التاريخ. 

ان الخوف من التكنولوجيا ليس بالأمر الجديد على البشر. 

ففي عام 1589 ذهب المخترع وليام لي لملكة إنجلترا ليقدم اختراعه لمكينة تصنيع منسوجات ورفضت الملكة الاختراع وكان ردها انه سيحول عمال المنسوجات إلى عاطلين عن العمل ويجعلهم فقراء. 

قرر بعدها المخترع وليام لي الانتقال الي باريس لعرض ابتكاره والذي لاقى ترحيب هناك.  ومع توغل الثورة الصناعية الأولى ظهرت حركات عمالية استخدمت العنف لتحطيم الماكينات وحرق بيوت المخترعين لتعطيل الثورة الصناعية. 

و كمثال آخر قد كان عدد المشتغلين في القطاع الزراعي في الولايات المتحدة الأمريكية يمثل حوالي 40% من الأيدي العاملة الأمريكية قبل ظهور التكنولوجيا في الزراعة واليوم أقل من 2% من الأيدي العاملة تشتغل في الزراعة في الولايات المتحدة.  

الثورة الصناعية كما تدمر وظائف وتقضى على بعض الصناعات (مثل شرائط الكاسيت على سبيل المثال) فأنها تخلق وظائف جديدة وقطاعات جديدة أكثر إنتاجية. أما بالنسبة للعمالة فأنها تمر بفترة إعادة تأهيل وتدريب لدمجهم مرة جديدة في سوق العمل.  

ما حدث على مدار التاريخ هو عملية تحول هيكلي في الاقتصاد على مستوى العمالة. انتقلت العمالة من الزراعة إلي قطاعات أخرى بعد إعادة تأهيلهم. اما على مستوى الإنتاج الزراعي فأصبحت أكثر إنتاجية بعد استخدام التكنولوجيا بشكل أكبر. 

هل سيخسر البشر وظائفهم بسبب الثورة الرقمية الجديدة؟  

التاريخ يقول لا. 

ان جميع الثورات الصناعية السابقة كلها أدت الي زيادة في رفاهية البشر وزيادة انتاجيتهم وخلقت وظائف أكثر مما دمرت وظائف. 

إذا نظرنا الي استخدام ماكينات الصراف الآلي في البنوك لم تؤدي الي انقراض وظيفة الصراف أو تخفيض عدد المشتغلين بالبنوك. 

بل بالعكس، مكنت ماكينات الصراف الآلي البنوك من خفض تكلفة البنوك التشغيلية بشكل سمح لها بزيادة عدد الفروع ومن ثم زيادة عدد المشتغلين في البنوك. 

صدمة

 دائما ما يصاحب الثورات الصناعية صدمة. تلك الصدمة تسبب في حالة من الاضطراب في القطاعات الاقتصادية. فهناك الخاسرين من التكنولوجيا والذي يجب عليهم اعادة التكيف مع العالم الجديد.

التكنولوجيا  خلقت وظائف جديدة لم تكن معروفة من سنوات قليلة. ليس فقط في الدول المتقدمة بل أيضا في الدول النامية. 

فلدينا  الآن إعلانات لوظائف تحت مسمى مدير إدارة منصات التواصل الاجتماعي، هذا لم يكن موجود سابقا. 

ان تقديرات منتدى الاقتصاد العالمي تشير إلي ان الثورة التكنولوجية سوف تخلق 133 مليون وظيفة جديدة حول العالم بينما ستحطم 75 مليون وظيفة حول العالم. 

ان التطور التكنولوجي هو مصدر رئيسي لزيادة الإنتاجية وان الخط الفاصل بين الدول الصناعية والدول النامية هي قدرة الدول الصناعية على انتاج منتجات عالية التقنية، انظر الي هاتفك الشخصي وأين أنتج؟ 

أما سؤال كيف تستعد وتستفيد الدول العربية من الثورة الصناعية الرابعة؟ هذا سؤال سنحيب عليه في المقال القادم.   

لقراءة مقالات سابقة لنفس الكاتب:

في يوم المرأة العالمي: كيف كان عام 2020 على النساء في سوق العمل بمصر؟ 

كيف تستفيد السعودية من تجربة الصين وسنغافورة؟  

ماذا تعكس بيانات جوجل عن اداء الاقتصاد السعودي؟ 

(المقال من إعداد:  أحمد شكري رشاد، أستاذ الاقتصاد المساعد وزميل بحوث بمنتدى البحوث الاقتصادية، للتواصل مع الكاتب: Twitter: @ahmshoukry)

(تحرير، ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

  

© Opinion 2021

المقال يعبر فقط  عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.