مع ما حدث في أزمة سفينة "إيفر جيفن" العالقة بقناة السويس، وحتى نجاح محاولات تحريك الجسم الضخم الذي سد أحد أهم شرايين التجارة العالمية منذ الثلاثاء 23 مارس الجاري، احتلت الأزمة أنظار المؤسسات ووسائل الإعلام المختلفة المعنية بالاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.  

لا لا، لا تقلق ولا تذهب! لسنا هنا بصدد إعادة ما قرأته مراراً بالتأكيد، حول طول السفينة العملاقة وحمولتها، أو عدد السفن العالقة التي انتظرت حل الأزمة لعبور القناة.

ولكننا هنا سنحاول تناول بعض التعليقات والرؤى التي أثيرت حول الأزمة من الأطراف المختلفة حول العالم. 

موديز: قطاع السيارات الأوروبي الأكثر معاناة.. ولا قلق على ميزان المدفوعات المصري .. 

بعد الحادثة بيومين، أصدرت وكالة موديز تقرير حول رؤيتها لتأثير الأزمة، والتي قالت أنه من الصعب تقدير آثارها بدقة على كل قطاع، إلا أنه يبقى من الواضح أنه من أكثر القطاعات تأثراً هو قطاع صناعة السيارات في أوروبا. فبشكل عام، التجارة الأوروبية كانت هي الأكثر تأثراً بالأزمة.

أما عن قطاع تصنيع السيارات، فهو الأكثر معاناة، لأنه يعتمد على ما يسمى "الإنتاج في الوقت المناسب" أو Just-in- time production، بما يعني أنهم لا يعتمدون على وجود مخزون كبير وإنما يعتمدون على وجود كمية من المدخلات تكفي فقط لفترة قصيرة.

ويزيد توقيت الأزمة من حدتها، حيث أن الشحن التجاري عن طريق الطيران ليس بالأمر السهل حالياً بسبب معاناة القطاع مع أزمة كورونا، بينما المسار البديل – رأس الرجاء الصالح – يضيف حوالي 10 أيام لرحلة السفن مقارنةً بعدد أيام المسار الرئيسي المعتمد على قناة السويس. 

ومن ناحية أخرى، استبعدت موديز أن تؤثر الأزمة على موقف ميزان المدفوعات المصري، حيث أظهرت عائدات القناة مرونة نسبية بالنسبة لإيرادات أخرى كالسياحة على سبيل المثال، حيث لم تتأثر عائدات قناة السويس – التي تمثل في الأوقات العادية حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي – بشكل حاد في ذروة أوقات الجائحة. ولذا، لا تتوقع موديز أن يؤثر هذا الاضطراب المؤقت على عائدات القناة خاصة إذا تعافت التجارة الدولية لمستويات ما قبل الجائحة مع آمال تعافي النشاط الاقتصادي العالمي في المدى المتوسط. 

الحادثة تذكير بأن الحضارة الإنسانية "أكثر هشاشة مما نظن"... 

وهو رأي عرضه "كريس بريانت" كاتب رأي في مقال له في بلومبرغ ، قائلاً أن الحادثة تذكير بسيط أن الحضارة الإنسانية، رغم بلوغها ما بلغته من تقدم، إلا أنه لازال لها نقاط من الهشاشة البالغة، أو ما وصفه بنقاط الاختناق بلغة الاستراتيجية العسكرية، فالأمر لم يتطلب أكثر من بعض الرياح القوية لسد مجرى ملاحي يتعامل مع 10% من تجارة العالم، بحسب بريانت.  

ويتابع بريانت، أن الحياة مليئة بالأنظمة الواسعة المعقدة التي تبدو محكمة ولكن لها نقاط تجعلها في منتهى الهشاشة. فمثلاً، هناك مطالبات منذ سنوات بأن يتم الاحتفاظ بنسخة backup لخدمات جوجل لنظام تحديد المواقع العالمي GPS والذي يعتمد عليه جزء كبير من خدمات أسواق المال، وكذلك لأنظمة تنظيم مرور الطائرات Air Traffic Control، ونظم التحكم في الطائرات بدون طيار.  وتساءل بريانت ماذا سيحدث في حال حدث عطل ما بشبكة الأقمار الصناعية..؟ لا أحد يعرف حقاً.  

سلاسل التوريد العالمية كانت في أزمة بالفعل قبل مشكلة السفينة العالقة.. 

حتى قبل جنوح إيفر جيفن العملاقة في قناة السويس، كانت سلاسل التوريد تعاني أزمة بالفعل، أو هكذا ترى  الصحفية الاقتصادية "هنا زيادي"، في مقال رأي كتبته في CNN Business.

حيث ترى زيادي أن سلاسل التوريد العالمية كانت تعاني من ضغط كبير بما رفع تكلفة نقل البضائع حول العالم وسبب نقص في العديد من أنواع البضائع.

وتتابع زيادي ان الخبراء في مجال اللوجيستيات  يرون أن هناك تصادف عجيب في تزامن المشكلات المختلفة للقطاع، بما لم يحدث من قبل، بسبب تزامن حدوث مشكلات متعددة في وقت واحد "بشكل غير مسبوق".

أحد تلك المشكلات ارتفاع أسعار الشحن عالمياً بشكل كبير، حيث ارتفع متوسط تكلفة شحن حاوية طولها 40 قدم من 1,040 دولار في يونيو 2020 إلى 4,570 دولار في أول مارس الجاري. وطبعا لا داعي لذكر جائحة كورونا والتي سببت تعطل كبير في حركة التجارة عالميا، بحسب زيادي. 

(إعداد: إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية بزاوية عربي، وعملت إسراء سابقا كاقتصادي أول بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية - مصر، وكذلك شركة مباشر لتداول الأوراق المالية، بالإضافة لعملها كباحث اقتصادي في عدة وزارات مصرية)

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام