نيودلهي 19 أبريل نيسان (رويترز) - سرعت الهند وتيرة المحاكمات وشددت قوانين الاغتصاب لتشمل عقوبة الإعدام بعد هجوم مروع على امرأة سبب حالة من الصدمة في البلاد عام 2012 لكن إحصائيات الجرائم تشير إلى أن الوضع شهد تدهورا لا تحسنا منذ ذلك الحين.

وفحصت رويترز بيانات في ظل تزايد الغضب الشعبي من الجرائم ضد النساء بعد واقعتين مروعتين في الشهور الأخيرة سلطتا الضوء مرة أخرى على المشاكل الإجرائية التي تعاني منها شرطة البلاد ومحاكمها.

وفجرت واقعة الاغتصاب الجماعي لطفلة عمرها ثمانية أعوام في ولاية كشمير واعتقال مشرع من الحزب الحاكم فيما يتصل بواقعة اغتصاب أم مراهقة في ولاية أوتار براديش غضبا على مستوى البلاد وأدت لعقد مقارنات مع واقعة اغتصاب طالبة جماعيا وقتلها في نيودلهي قبل ستة أعوام.

وفي ظل الغضب الذي اجتاح البلاد آنذاك وعدت الحكومة بتسريع وتيرة المحاكمات في قضايا الاغتصاب وتشديد العقوبات بما في ذلك الحكم بالإعدام في القضايا المروعة بالإضافة إلى سن قانون ضد الملاحقة.

لكن الإحصائيات تظهر أنه منذ 2012 زاد عدد حالات الاغتصاب المبلغ عنها بواقع 60 في المئة إلى نحو 40 ألفا في 2016 ومثلت حوادث اغتصاب الأطفال نحو 40 في المئة. وظل معدل الإدانة للمعتقلين في قضايا الاغتصاب عند نحو 25 في المئة.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني لتسجيل الجرائم أنه بحلول نهاية عام 2016 بلغ عدد حوادث الاغتصاب التي لم تتم إحالتها للمحاكمة أكثر من 133 ألفا مقارنة بنحو مئة ألف في عام 2012.

وبوجه عام فإن معدل الإدانة في الجرائم ضد النساء مثل القتل بعد المطالبة بالمهور والاعتداء والخطف والاغتصاب أقل من معظم الجرائم الأخرى.

وقال دوشيانت دافي وهو محام كبير في المحكمة العليا "بوسع الحكومة أن تسن مئات القوانين لكنها ستفشل لأنه لا توجد (آلية) للتطبيق".

وأضاف "عليها أن تتعامل مع ذلك باعتباره وباء وتعالجه على هذا الأساس بتغيير آلية عمل الشرطة والادعاء والنظام القضائي بشكل كامل".

وأظهرت إحصاءات الجرائم أن ملفات الشرطة لا تزال مفتوحة في نحو ثلث كل الجرائم التي جرى التحقيق فيها خلال كل عام بين 2012 و2016.

ويمثل نقص القوى العاملة مشكلة. وأبلغت الحكومة البرلمان الشهر الماضي أن لديها القدرة على استيعاب قرابة مليوني شرطي لكن ربع هذه المناصب شاغرة.

وجاءت بعض من أسوأ الاتهامات ضد الشرطة من قضايا مثل واقعتي أوتار براديش وجامو وكشمير حيث وردت مزاعم بأن الشرطة أذعنت لضغوط من أشخاص ذوي نفوذ لدفن هذه القضايا.

ووصف فابالا بالاتشاندران وهو ضابط شرطة كبير سابق في ولاية مهاراشترا، سبق وانتقد استجابة الحكومة للحالات الأخيرة، كيف يعطل ساسة محليون من أصحاب النفوذ تحقيقات الشرطة.

وقال "السلاح الوحيد في يد السياسي هو التهديد بنقل (ضباط الشرطة) وهو ما يقومون به بشكل روتيني. لذا فإن التحقيقات بطيئة ومعيبة ويشوبها الضعف".

*عقوبة الإعدام

حتى الآن جاء رد الفعل الوحيد على القضايا الأخيرة من مانيكا غاندي وهي وزيرة المرأة والطفل التي دعت لتطبيق عقوبة الإعدام في حالات الاغتصاب التي يقل فيها عمر الضحية عن 12 عاما.

وفي الوقت الراهن لا تطبق المحكمة العليا عقوبة الإعدام إلا في الحالات المروعة مثل واقعة نيودلهي عام 2012.

وأدين خمسة أشخاص بالاغتصاب والقتل في تلك القضية خلال تسعة شهور وهو قرار سريع بالنسبة للهند. وحكم على أربعة بالإعدام بينما أفرج عن خامس وهو قاصر بعد أن أمضى ثلاثة أعوام في السجن. وشنق متهم سادس نفسه في زنزانته قبل انتهاء المحاكمة.

وفي العام الماضي رفضت المحكمة العليا طعنا من المحكوم عليهم بالإعدام ولا تزال أسماؤهم مدرجة في كشوف الإعدامات.

وأظهرت دراسة أجرتها الجامعة الوطنية للقانون في نيودلهي أن 43 حكما بالإعدام صدرت في قضايا تتعلق بالعنف الجنسي في 2017 أي مثلي العدد في العام الذي سبقه.

وترجح دراسة أجرتها مؤسسة كايلاش ساتياراثي للأطفال التي اقتسم مؤسسها جائزة نوبل للسلام مع فائز آخر، أنه حتى نهاية عام 2016 فإن الانتهاء من قضايا الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال المتراكمة أمام المحاكم سيستغرق عقدين.

وبموجب قانون حماية الأطفال من الجرائم الجنسية الذي صدر عام 2012 ويشمل الضحايا تحت سن 18 عاما فعلى الشرطة أن تجمع أدلة في غضون شهر من تقديم الشكوى وعلى المحكمة أن تنتهي من المحاكمة خلال عام.

وقال بي.إس ناراسيمنا وهو مدع كبير بالحكومة الاتحادية لرويترز ردا على سؤال بشأن استغراق قضايا الاغتصاب وقتا طويلا وانخفاض معدلات الإدانة في تلك القضايا إن حكومة الهند تقوم بعملها بإخلاص في كل القضايا.

لكن ديف شارما وهو محام بالمحكمة العليا في البنجاب وهاريانا قال إن النظام الجنائي الهندي فشل فيما يتعلق بالاغتصاب.

وقال "الإجراءات نفسها طويلة للغاية وتثني معظم الضحايا عن خوض المعارك ومن ثم يطلق سراح المتهمين في نهاية المطاف في معظم القضايا".

وأضاف "الإجراءات صادمة للضحية التي تضطر لمواجهة مجتمع يعتبر الاغتصاب وصمة اجتماعية للضحية فحسب وليس المتهم ولهذا السبب تؤثر معظم الضحايا التزام الصمت بشأن ما مررن به بدلا من الإبلاغ عنه".

(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية - تحرير دينا عادل)