في التاسع من نوفمبر الجاري، قامت مؤسسة فيتش - وهي إحدى مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية - بتغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي من مستقرة إلى سلبية. ويجب هنا أن نقول إن هناك فرق بين الرؤية outlook وبين التصنيف ذاته rating لمؤسسات التصنيف، فالتصنيف الائتماني هو تقدير للجدارة الائتمانية لدولة، مؤسسة أو شركة، يكون على أسس ومعايير كمية، بينما الرؤية هي توقع لاتجاه التغيير المقبل في التصنيف ولكن لا تعني تغيير التصنيف.

وعندما نتحدث عن اقتصاد ما، فإن التغيرات السلبية المستمرة تشي باحتمال خفض التصنيف الائتماني لهذا الاقتصاد، حينها تتغير الرؤية إلى سلبية، ولكنها لا تعني أن الخفض قد حدث بالفعل.

لماذا تنظر فيتش للاقتصاد السعودي بنظارات قاتمة؟

ترى فيتش أن الاقتصاد السعودي يعاني من تدهور مستمر في مؤشرات المالية العامة (الإنفاق والإيرادات العامة وعجز الموازنة وما إلى ذلك) وكذلك القطاع الخارجي (أي مؤشرات التعامل المالي والاقتصادي مع الخارج) ونحاول هنا سرد أسباب اتخاذ فيتش لهذا القرار.

  • تتوقع فيتش استمرار الانخفاض في صافي الأصول الأجنبية السيادية، إلى نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2022 من 72% كنسبة حالية وذلك نظراً للاستمرار في إصدار أدوات الدين والسحب المستمر من الاحتياطي الأجنبي، وكلاهما من المتوقع أن يستمر على المدى المتوسط.
  • تقع أهم المشكلات في التوقع لتدهور مؤشرات المالية العامة، عجز الموازنة على الخصوص، حيث تتوقع فيتش وصول عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 12.8% في 2020 من حوالي 4.5% في 2019. ويأتي ذلك نتيجة بشكل رئيسي لانخفاض الإيرادات (بنسبة 33% في الإيرادات التفطية وحوالي 5% في الإيرادات غير النفطية).
  • تلك المشكلة في نظر فيتش ممتدة. فالأمر لا يقتصر على 2020 فقط، وإنما يستمر عجز الموازنة وإن كان بمعدلات أقل، ليسجل 8% في 2021 ثم 5% في 2022 وفقا لتوقعات المؤسسة، تلك التوقعات التي تعتمد على تعافي أسعار النفط، وخام برنت تحديدا إلى 50 دولار للبرميل كمتوسط بحلول عام 2022. وتأتي تلك التوقعات أقل تفاؤلا مما تتوقعه الحكومة، حيث أن حكومة المملكة ترى أن تعافيا أسرع في الإيرادات وخفضا أكبر في الإنفاق سيقلص من عجز الموازنة إلى 5% في 2021 و3% من الناتج المحلي في 2022، وهي رؤية تعتبر أكثر تفاؤلا من معطيات الواقع الاجتماعية والاقتصادية.
  • تعاملات المملكة مع العالم الخارجي هي مرآه أخرى للتدهور العام، والذي نراه طبيعيا جدا خلال الظروف الحالية وبالذات مع انخفاض أسعار النفط. تتوقع فيتش عجزا في الحساب الجاري من ميزان المدفوعات للمملكة حوالي 6% من الناتج المحلي في 2020، وأن يتقلص إلى 3% بحلول 2022، وهو أداء متواضع جداً مقارنةً بفائض 5% من الناتج المحلي في 2019.

هذا التراجع في المؤشرات المختلفة نراه طبيعيا وليس خارجا عن النغمة السائدة عالميا في ظل قبضة الجائحة على الأداء الاقتصادي بشكل عام، وهو ما انعكس على تسعير الطاقة وأسعار النفط التي ما زالت اللاعب الرئيسي في حسابات المملكة العربية السعودية على الصعيدين المالي والخارجي.

لقراة مقالات سابقة لإسراء: فن انتهاز الفرص.. المركزي المصري يخفض الفائدة بنصف درجة مئوية

(إعداد: إسراء أحمد، وعملت إسراء سابقا كاقتصادي أول بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية - مصر، وكذلك شركة مباشر لتداول الأوراق المالية، بالإضافة لعملها كباحث اقتصادي في عدة وزارات مصرية)

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

تغطي زاوية عربي أخبار وتحليلات اقتصادية عن الشرق الأوسط والخليج العربي من الأحد للخميس وتستخدم لغة عربية بسيطة.

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.

© ZAWYA 2020

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام