كل عامين، تقدم مدن من جميع أنحاء العالم طلبات لاستضافة الألعاب الأولمبية. يحدث هذا قبل سبع سنوات من موعد الألعاب الأولمبية المعنية، مع تلبية المدينة الفائزة لمعايير واسعة ليتم اختيارها لهذا الشرف المرموق. 

على المستوى الأساسي، يجب على سلطات المدينة أن تثبت للجنة الأولمبية الدولية أن استضافة الألعاب الأولمبية ممكنة من الناحية اللوجستية. وهذا يعني تقديم الملاعب الموجودة، وكذلك التصاميم الجديدة، لاستضافة الأحداث.

كما عليها أيضًا إظهار خطط للبنية التحتية الأخرى - بما في ذلك النقل والضيافة والإقامة والأمن - بالإضافة إلى كل شيء آخر يدخل في استضافة مسابقة باعت، في المتوسط ، أكثر من 5 ملايين تذكرة لكل من الألعاب الخمس الماضية. 

عندما يتم اختيار مدينة لاستضافة الألعاب الأولمبية، فإن الشرف والهيبة ليسا الحافز الوحيد الممنوح لها.

في السنوات السبع التي تسبق الألعاب، يتم إنشاء ملايين الوظائف لتلبية الطلب على العمالة اللازمة لاستضافة الألعاب الأولمبية. وبعد ذلك، خلال الألعاب، فإن متوسط الحضور البالغ 6 ملايين بالإضافة إلى الآلاف من الرياضيين يدر عائدات بمليارات الدولارات للمدينة.  

تعد المكاسب الاقتصادية من زيادة العمالة والسياحة سبب رئيسي في تنافس المدن لاستضافة الألعاب الأولمبية. 

إذن، كيف ستكون دورة الألعاب الأولمبية مع حظر على المتفرجين؟ 

أولمبياد 1964

التقاء تغطية إعلامية مكثفة وعدم وجود مشجعين لم يحدث قط للأولمبياد. على هذا النحو، من المفيد إلقاء نظرة على بعض مقاييس السوق الياباني لتقدير الخسائر التي قد يتسبب بها غياب المشجعين. 

كانت آمال اليابان كبيرة. كان من المفترض أن تكون أولمبياد طوكيو 2020 حافز اقتصادي كبير، مكرراً إنجازات أولمبياد طوكيو  1964. 

 وبفضل الألعاب الأولمبية عام 1964 استثمرت اليابان في البنية التحتية مثل قطار شينكانسن الشهير (قطار الطلقة) ذي الشهرة العالمية والذي يتمتع بأعلى سرعات السكك الحديدية، ويربط القطار الذي ينطلق من طوكيو المدن الرئيسية في جميع انحاء البلاد في فترات زمنية منتظمة.  

كما سرّعت الحكومة العمل على مشاريع الطرق، مثل طريق ميتروبوليتان السريع، ووسعوا بعض الشرايين الرئيسية للمدينة، بينما تم أيضًا افتتاح طريق سريع جديد مهم بين أوساكا وناغويا. كذلك عملت الحكومة أيضاً على تحسين شبكات المياه ووسعت مترو الأنفاق. 

ساعدت تحسينات البنية التحتية هذه على إحداث المعجزة الاقتصادية اليابانية على مدى العقدين المقبلين. 

لكن هذه المرة، كانت هناك علامات على وجود مشكلة قبل وقت طويل من انتشار الوباء. كان لا بد من إعادة تصميم الملعب الأولمبي الرئيسي.

ملعب قديم

وتعاني فكرة بناء ملعب جديد من مشكلات كثيرة بسبب الارتفاع الضخم في تكاليف البناء، والتي قدرت ب 2.1 مليار دولار، وطرق تمويلها الوعرة، وكذلك تعرض تصميمه لانتقادات بسبب تكاليفه الباهظة وغير مناسبته للمنطقة المحيطة به.   

بدلاً من ذلك، بنى المنظمون ملعب بنصف التكلفة تقريبًا. 

تكاليف كبيرة

مع تصاعد التكاليف، نظر المنظمون في امكانية نقل بعض الأحداث من طوكيو إلى مدن أخرى. لم يؤدي هذا إلى خفض التكاليف فحسب، بل ساعد أيضًا في توزيع فوائد التنمية الاقتصادية.

وجنت بعض المناطق الأخرى فوائد الاستثمار. على سبيل المثال، كان من المخطط في البداية بناء مضمار دراجات متنقل في طوكيو، الا انه ومن حيث الاستدامة وخفض التكاليف، وافقت اللجنة الأولمبية الدولية  على إقامة مسابقات لركوب الدراجات في مضمار إزو، على بعد 120 كيلومتر من طوكيو بعد تحديثه.

ويستضيف مكان آخر في مياجي كرة القدم، بينما تقام لعبة البيسبول في فوكوشيما.

على الرغم من هذه الجهود لتوفير المال، ارتفعت تقديرات الحكومة لتكلفة الألعاب الأولمبية من 7.4 مليار دولار أمريكي في البداية إلى 15.4 مليار دولار  بحلول أواخر عام 2019، بحسب تقديرات جريدة الووال ستريت جورنال والتي قالت ان الرقم يجعلها الأولمبياد الأغلى في العالم حتى الآن. 

ثم جاء الوباء. وبفضل التأجيل، بلغت التقديرات الرسمية 20 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، فإن التحفيز الضخم من السياح الدوليين الذي كانت تتوقعه السلطات اليابانية من الألعاب الأولمبية لم  يحدث.

ضياع الايرادات السياحية

 كان من المتوقع أن يزور ما يقدر بنحو 920 ألف متفرج يوميًا طوكيو خلال الألعاب الأولمبية. 

وتشير التقديرات إلى أن السياح حققوا إيرادات بقيمة 2.9 مليار دولار خلال أولمبياد لندن 2012. سيؤدي فقدان عائدات السياحة إلى إعاقة توقعات النمو الاقتصادي لليابان، ولكن على الجانب المشرق، لم تضطر البلاد إلى إنفاق الكثير من ميزانيتها على البنية التحتية كما تفعل المدن المضيفة عادةً.

 

(إعداد: محمد طربيه، المحلل الاقتصادي بزاوية عربي و أستاذ محاضر ورئيس قسم العلوم المالية والاقتصادية في جامعة رفيق الحريري بلبنان وحاصل على درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال)  

 

 

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام