المصدر: جريدة الشرق الأوسط الدولية 

 

استمرّ البرلمان اللبناني لليوم الثاني في مناقشة مشروع موازنة عام 2019، على وقع التحركات الشعبية؛ حيث نفذ موظفو الإدارات العامة في مختلف المناطق إضراباً شاملاً بدعوة من رابطة موظفي القطاع العام.

وكانت حادثة الجبل وتداعياتها حاضرة على هامش الجلسة، إذ أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري أنه ستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، بعد الانتهاء من الموازنة، قائلاً: «نعمل على حل أزمة حادثة قبرشمون والأمور تسير بإيجابية».

وسجلت مشاورات على هامش الجلسة العامة تتركز حول مسألة الإيرادات وقطع الحساب، شارك فيها الحريري، والوزير علي حسن خليل، ورئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان، والنائب حسن فضل الله، والوزيران وائل أبو فاعور ويوسف فنيانوس.

وتوالى عدد من النواب على الكلام، وكان معظمهم من المعارضين الذين صوّتوا ضدّ الموازنة، وتحديداً من «حزب القوات» إضافة إلى النائبين بولا يعقوبيان وأسامة سعد. وتركّزت الانتقادات على عدم دستورية الموازنة، نظراً إلى التوجه لإقرارها من دون تقديم قطع حساب عن السنوات الماضية، إضافة إلى افتقادها لخطة اقتصادية واضحة متجاهلة مكامن الهدر الأساسية. مع العلم أن المخرج لقطع الحساب كان بالاقتراح الذي قدّمه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، ويقضي بإضافة مادّة في موازنة 2019 تنصّ على تمديد المهلة المعطاة للحكومة لتقديم قطوعات الحسابات الماليّة الكاملة، ستة أشهر إضافيّة؛ بحيث يصبح بالإمكان نشر الموازنة بعد إقرار القانون.

وفي كلمتها، تمنت النائبة بولا يعقوبيان: «لو أن إجراءات ما يسمى (تقشفاً) كانت نابعة من شعور بالمسؤولية، وليست نتيجة ضغوطات دولية» متوجهة للمسؤولين بالقول: «ليتكم تخافون غضب الشعب والشارع، أكثر من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي»، داعية «من يريد أن يصوت ضد الموازنة وهو في الحكومة إلى أن يستقيل، والمعارض للموازنة داخل الحكومة هو مضلل للبنانيين».

واعتبرت يعقوبيان التي رفضت التصويت لصالح المشروع أن «الموازنة توليفة لا تمت بصلة إلى الحقيقة، وإيحاء للدول الداعمة لمؤتمر (سيدر) بأن العجز على طريق الانحسار»، مضيفة: «أنتم مضطرون لتخفيض العجز للحصول على أموال (سيدر)، وتريدون أن تحافظوا في الوقت عينه على الزبائنية».

وتمنّت النائبة في كتلة «التنمية والتحرير» عناية عز الدين، لو كانت الموازنة تتضمن خطة اقتصادية وخريطة طريق لحسن إدارة الموارد وطاقات الشعب اللبناني، آملة أن تكون الموازنة المقبلة موازنة تشغيلية لمكافحة الفساد. وكان لعز الدين موقف من القوانين المتعلقة بالمرأة، داعية الحكومة إلى الإسراع بالقوانين التي ترسل إليها في هذا الشأن، وأكدت أن «حماية المرأة يجب أن تكون في لائحة أولويات المجلس النيابي والحكومة».

وعبّر نواب «القوات اللبنانية» عن موقف حزبهم الذي أعلن أمس أنه لن يصوّت لصالح الموازنة. وانتقدها كل من النواب: جورج عقيص، ووهبي قاطيشا، وزياد حواط، معتبرين أنها خالية من الإصلاحات ولا تعطي أي أمل لحل الأزمات.

ورد عقيص على الانتقادات التي وجّهت لـ«القوات» انطلاقاً من اختلاف موقفه بين مجلس الوزراء وبين البرلمان قائلاً: «البعض يعيب على تكتل الجمهورية القوية مشاركته في الحكومة وتصويته ضد الموازنة، وإذا أردنا أن نجري مقارنة بين التناقضات، أيهما متناقض أكثر: من يقدم خطاب هجاء ضد الموازنة ثم يصوت عليها، أم الكتلة التي ما تركت فرصة للتغيير في هذه الموازنة إلا وفعلتها ولم تفلح، فقرر هذا الفريق السياسي أن هذه السياسة المالية لا تناسبنا».

واعتبر قاطيشا أن أقل ما يقال في الموازنة إنها «هجينة وعرجاء؛ لأنها لا تحمل أي رؤية اقتصادية مستقبلية، ولا تعطي بعضاً من الثقة والأمل لحل الأزمات المتراكمة منذ سنوات».

وقال حواط: «هذه الموازنة التي نناقشها اليوم موازنة قاصرة قولاً وفعلاً عن انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية والمالية، وإيصاله إلى بر الأمان». وأضاف: «إننا أمام حكومة مقصرة في واجباتها المالية القانونية البسيطة، وأمام موازنة غير مقرونة برؤية واضحة للسياسة الاقتصادية والمالية وبخطة إصلاحية جدية. نحن أمام مشروع موازنة يكافئ الخارجين عن القانون، ويعاقب الملتزمين به».

وجاءت كلمة النائب في كتلة «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) شامل روكز، نقدية ومتقاربة مع زملائه في «القوات»؛ حيث قال: «إن مشروع الموازنة بصيغته الأساسية لا يرقى بأي شكل من الأشكال إلى الطموحات الإنقاذية». واعتبرها زميله في الكتلة نفسها النائب فريد البستاني، أنها «ليست موازنة نهوض أو إصلاح».

وقال روكز: «لا أدري إذا كان تعبير (المزرعة) قد يصلح ليوصف واقع الحال التي نعيشها؛ حيث أصبح الشواذ هم القاعدة، والسرقة شطارة، والرياء سياسة، والتعصب حماية، والارتهان وطنية». وأضاف: «لا نسمع إلا المناداة بمكافحة الفساد، فأين الجمارك والمرفأ والكازينو من هذه الخطابات؟ أين المطار و(الميدل إيست)؟ أين المعابر غير الشرعية؟ وأنا أعرف أنه لدينا الإمكانية لوقفها».

ورأى أن «أخطر ما في الموازنة هو استهداف ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى بالضرائب غير العادلة والرسوم، بينما تمول جمعيات وهمية وتدفع بدلات إيجار لمبان خالية بمبالغ خيالية، وتصرف اعتمادات لمجالس وهيئات لا تخضع للرقابة». وأضاف: «من حقنا أن نسأل: من أين أتت أرقام الموازنة؟ وما مدى صحتها؟ خصوصاً بعد الأخطاء السابقة المميتة في احتساب أرقام زيادات سلسلة الرتب والرواتب».

من جهته، اعتبر النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» إبراهيم الموسوي، أنه «كان الأجدر ابتعاد الموازنة عن اقتطاعات وحسومات ورواتب الموظفين»، داعياً إلى «فرض ضريبة على أصحاب الثروات والعقارات التي يملكها الأجانب».

كذلك اعتبر النائب أسامة سعد، أن «الموازنة هي موازنة أرقام لا ترقى إلى مستوى ما يتعرض له لبنان من تحديات، ولا تراعي القواعد القانونية، ولا تتوفر فيها معايير العدالة»، معلناً رفضه لها.

 

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث

إن محتوى هذه المقالات يتم تقديمه من قِبل مزود خارجي إلى شركة ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو نمتلك الإذن للتحكم بمثل هذه المواقع الإلكترونية أو الجهات أو التطبيقات أو الناشرين الإعلاميين من غير التابعين أو المرتبطين بشركة’ريفينيتيف ‘. ويتم تقديم هذا المحتوى على أساس ’على حاله‘ و’حسب توافره‘، ولا يتم تحريره بأي شكلٍ من الأشكال من قِبل ’ ريفينيتيف ‘. ولن نكون نحن، ولا الشركات التابعة لنا، مسؤولين عن ضمان دقة أو تأييد أو اكتمال الآراء أو وجهات النظر أو المعلومات أو المواد الواردة في هذه المقالات.
Copyright © Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved. Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).