المصدر: رويترز

تعتزم شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، التي تُعتبر منذ فترة طويلة واحدة من أكثر الشركات تحفظا في الشرق الأوسط، تطوير عملياتها التجارية في إطار مساعيها للاقتداء بشركات النفط العملاقة المنافسة وتعزيز نفوذها في المنطقة.

وقالت أربعة مصادر مطلعة على خطط الشركة إن أدنوك، التي تديرها الحكومة، أنفقت بسخاء في الاستعانة بمتعاملين سابقين في شركات مناظرة لها بالقطاع الخاص وإنها تريد إطلاق معيار قياسي للنفط الإقليمي، ربما هذا العام، على غرار المعيارين العالميين خامي برنت وغرب تكساس الوسيط.

وقالت المصادر إن الخطة لم تستكمل أركانها بعد ويتعين أن توافق عليها السلطات في الإمارات مثل المجلس الأعلى للبترول في أبوظبي.

ولم ترد أدنوك على طلب للتعليق على الخطة.

وقال أحد المصادر "تأمل أدنوك أن يتيح لها خام القياس زيادة دخلها واكتساب مكانة أكبر في المنطقة. وهذا كله يتلاءم مع حملة الشيخ محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي) لتحويل الإمارات إلى قوة قيادية في المنطقة".

وتنتج الإمارات، ثالث أكبر منتجي النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية والعراق، حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميا. وتعتزم زيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول العام 2020.

وتتولى أدنوك، التي يقع مقرها في أبوظبي عاصمة الدولة، استخراج أغلب هذه الكمية.

ولسنوات كثيرة جرى العرف على أن تبيع الإمارات النفط للمستخدمين النهائيين مباشرة ولا سيما في آسيا بناء على نظام تُحدد فيه الأسعار على أساس الأثر الرجعي بدلا من نظام التسعير الآجل الذي تستخدمه كل من السعودية والكويت والعراق.

والآن تريد الشركة إطلاق عمليات تجارية خاصة كاملة تشمل المنتجات المكررة والنفط الخام في إطار إصلاحات قطاع الطاقة التي تتم تحت إشراف الشيخ محمد والرئيس التنفيذي لشركة أدنوك سلطان الجابر.

وقالت المصادر إن هذه الإصلاحات ستسعى لتجاوز إصلاحات في شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو التي تحرص أيضا على التوسع في إطار عملياتها التجارية لاقتناص قيمة مضافة.

وفي الوقت الحالي، تنفذ أرامكو تعاملات تجارية على منتجات النفط وعلى النفط الخام غير السعودي فقط.

وقالت المصادر إن أدنوك تدرس التخلي عن قيود الوجهات على نفطها كله والسماح بتداوله بحرية في السوق المفتوحة في إطار تحول أوسع نطاقا لكي تصبح أكثر قدرة على الإمساك بالزمام والتكيف مع تغيرات السوق.

وقال مصدر في إشارة إلى شركة الطيران التابعة لأبوظبي "الفكرة وراء التعاملات التجارية بسيطة، فالإمارات تبيع نفطها الخام لأطراف مثل شركة بي.بي التي تنقله إلى المملكة المتحدة حيث يتم تكريره وتحويله إلى وقود للطائرات يُستخدم بعد ذلك في تزويد طائرات شركة الاتحاد للطيران الإماراتية بالوقود".

وتساءل "فلماذا لا تقتنص شركة أدنوك بعضا من قيمة التعاملات وسلسلة الإمداد؟"

 

* فريق المعاملات التجارية

تدخل أدنوك عالم المعاملات التجارية في النفط في إطار توسع على المستوى الدولي يرمي إلى تأمين أسواق جديدة.

ففي يناير كانون الثاني الماضي، وقعت الشركة اتفاقات قيمتها 5.8 مليار دولار مع شركة إيني الإيطالية وشركة أو.إم.في النمساوية تغطي عمليات تكرير ومشروع مشترك جديد لبيع منتجات نفطية مكررة.

وخلال العام الأخير، استعانت أدنوك بمجموعة من المتعاملين السابقين بشركة توتال وعلى رأسهم نائب الرئيس التنفيذي فيليب خوري. ومن بين الآخرين إيمانويل دو رينية رئيس قطاع النفط الخام في أدنوك وليونيل ريتشاردسون رئيس قطاع المنتجات وجان مارك كوردييه وفرانسوا شوبان وايجيديا شنيب.

كما انضم إليها متعاملون من شركات نفط كبرى ومؤسسات تجارية أخرى من بينهم سوزان مالين التي عملت من قبل في شركة بي.بي ومجموعة سيتي.

وقال أحد المصادر "هؤلاء الناس يعرفون كيف تتم التعاملات وكيف ينجح الارتكان إلى خام قياس".

وقالت المصادر إن أدنوك أجرت محادثات مع شركة توتال للطاقة ومؤسسة فيتول التجارية في إطار إصلاح جديد لعملية تسعير النفط الخام وتعاملاته في الوقت الذي عززت فيه فريق التعاملات على مستوى الشركة.

وامتنعت توتال وفيتول عن التعقيب.

وأحد الخيارات المطروحة أن تتعاون أدنوك مع شركة كبرى يمكن أن تستخدم منشآت التخزين التابعة لها على مستوى العالم.

وقال مصدران من المصادر الأربعة إن أدنوك تجري مباحثات لشراء حصة في وحدة التخزين التابعة لفيتول، في.تي.تي.آي.

وتملك في.تي.تي.آي قدرات تخزين في هولندا والولايات المتحدة وآسيا وأفريقيا. وفي الإمارات لها خزانات في الفجيرة مركز تموين السفن بالوقود والذي توجه أدنوك إليه معظم نفطها الخام متجاوزة مضيق هرمز الواقع إلى الشمال.

 

* السعي لمكانة لخام القياس

يمر حوالي خُمس الإمدادات العالمية من النفط عبر مضيق هرمز. وقد كان للتوترات بين إيران والغرب دورها في المخاوف من تعطل الحركة فيه مما كان سببا في ارتفاعات سعرية.

وداخل شركة أدنوك آراء متنامية تقول إن بالإمكان أن تحول الشركة خام مربان الرئيسي إلى خام قياس إقليمي وربما عالمي يكون له شعبية أكبر بين المشترين الأجانب وذلك باستخدام قدرة الشركة على تصدير النفط وتخزينه بعيدا عن المضيق.

وأشارت ثلاثة من المصادر إلى أن خام مربان يتم تصديره من الفجيرة ومعزول نسبيا عن أي اضطرابات محتملة في المنطقة.

وينقل خط أنابيب أبو ظبي للنفط الخام، الذي تبلغ سعته 1.5 مليون برميل يوميا، الجانب الأكبر من إنتاج الإمارات من النفط الخام إلى منشآت التخزين والتحميل التابعة لأدنوك في الفجيرة.

كما تبني أدنوك وحدة تخزين للنفط تحت الجبال في الفجيرة من المقرر أن تكتمل العام المقبل.

وحتى الآن، يتم تسعير معظم الخامات في الشرق الأوسط بما فيها خامات السعودية على أساس لخامي دبي وعمان القياسيين في الصادرات الآسيوية وعلى أساس مؤشرات مرتبطة بمزيج برنت للصادرات الأوروبية وعلى مؤشرات أمريكية مختلفة للشحنات المباعة في الولايات المتحدة.

وأضافت المصادر الثلاثة أن أدنوك قد تعلن خططا لطرح خام مربان كخام قياس في نوفمبر تشرين الثاني وأنها تجري محادثات مع عدد من البورصات بما في ذلك بورصة انتركونتننتال وبورصة شيكاجو التجارية.

وامتنعت البورصتان عن التعليق.

وقال مصدر إن أدنوك أوضحت خلال المناقشات أنها مستعدة لرفع كل القيود السارية على إعادة بيع النفط وهو شرط رئيسي لكي يصبح أي خام معيارا للقياس.

ومن الشروط الرئيسية الأخرى لنجاح مسألة القياس استقرار التدفقات النفطية وكبر حجمها ووجود سوق متطورة للمشتقات بما يسمح بعمليات التحوط وبالتعاملات الآجلة.

وقال مصدر إن كون "أدنوك تريد تحويل مربان إلى خام لا قيود على وجهات بيعه يبين أنهم جادون في تحويله إلى خام قياس".

ومن الممكن أن يفيد الإنتاج الأمريكي الذي يغلب عليه الخام الخفيف خام مربان، وهو أيضا من الخامات الخفيفة، في التحول إلى خام قياس وذلك رغم أن معظم الخامات الإقليمية من الخامات الثقيلة.

وقال مصدر "سجل الخام العالمي يتزايد خفة ومن ثم فإن دور مربان سيزيد بمرور الوقت".