في عالم كرة القدم، تتباين المبالغ التي تحصل عليها الأندية مقابل بيع حقوق رعاية قميص الفريق، وذلك لعدة أسباب واعتبارات مختلفة. 
 
بحسب شركة "ستاتيستا" المختصة بدراسة بيانات السوق والمستهلكين، يعتلي ريال مدريد الإسباني قائمة الأندية التي تحصد حقوق رعاية سنوية بمقابل يقدر بسبعين مليون يورو سنوياً من شركة "طيران الإمارات" الإماراتية مقابل وضع إعلانها على قمصان الفريق. 
 
وتأتي قائمة الفرق العشر الأولى في قيمة حقوق الرعاية السنوية على النحو التالي: 

طبقاً لموقع Statista المختص بدراسة بيانات السوق
طبقاً لموقع Statista المختص بدراسة بيانات السوق
طبقاً لموقع Statista المختص بدراسة بيانات السوق 

 
بحسب دراسة أجرتها سامانتا ليفيسي، مدير الشؤون التجارية بمؤسسة بينسنت القانونية البريطانية، وتريفور واتكنز، مدير الشؤون الرياضية بنفس المؤسسة، تمثل رعاية الشركات لقمصان الأندية فرصة مثالية لنشر العلامة التجارية لهذه الشركات بأقصى صورة ممكنة، حيث يهيئ لهم هذا الأمر أن تظهر علامتهم التجارية على أكبر الشاشات في البطولات المحلية والدولية، بالإضافة لقيام الملايين من المشجعين بارتداء القمصان التي تحمل اسم شركتهم في مختلف أنحاء العالم. 
 
لكن اختلاف قيمة الرعاية من ناد إلى آخر تؤثر عليه عدة عوامل مهمة، يمكن تلخيصها فيما يلي: 

الإدارات 

علاقة إدارات الأندية مع الرعاة من العوامل المؤثرة على عقود الرعاية. في كثير من الأحيان يتغير رعاة الفريق بتغير الإدارة، نظراً للارتباط الذي يجمع الجهتين من ناحية أو أخرى.

يمكن توضيح ذلك بمثال رعاية شركة طيران الاتحاد الإماراتية لقميص فريق مانشستر سيتي، في الوقت الذي ينتمي فيه الطرفان بصورة أو بأخرى لإمارة أبوظبي، التي تملك شركة طيران الاتحاد من ناحية، وتملك مجموعة أبوظبي للاستثمار المالكة لنادي مانشستر سيتي من ناحية أخرى، أو برعاية شركة أكور الفرنسية للفنادق لفريق باريس سان جيرمان، في ذات الوقت الذي ترتبط فيه الشركة بعقود لتقديم خدمات فندقية وسياحية لبطولة كأس العالم 2022 في قطر، الدولة التي تمتلك وتدير النادي الفرنسي.

امتداد الرعاية 

بعض الرعاة يفضلون الإعلان على قميص الفريق الأول فقط، فيما تمتد رعاية البعض الآخر لفرق الشباب والأكاديميات وفرق الكرة النسائية، بل وربما بعض الرياضات الأخرى في النادي (مثل فرق كرة اليد وكرة السلة في ريال مدريد وبرشلونة على سبيل المثال). حسبما يقدمه النادي من حقوق للراعي، تختلف قيمة الرعاية السنوية.  

كذلك من بين العوامل المؤثرة فترة الرعاية، والتي تكون مؤشراً لارتباط الراعي بالنادي لفترات طويلة، حيث يصبح اسم الراعي على القميص من موروثات الفريق.

على سبيل المثال، إعلان بنك ستاندارد تشارترد الأمريكي يتواجد على قميص ليفربول الإنجليزي منذ 12 عام، وتحديداً منذ يوليو 2010. وفي يوليو الماضي وقع الطرفان اتفاق امتد بموجبه التعاقد خمس سنوات أخرى حتى يوليو 2027، مع ضم فريق السيدات بالنادي أيضاً لعقد الرعاية منذ هذا التاريخ. 

حجم وثقافة النادي 

بالطبع، هناك علاقة بين حجم النادي وبين عقود الرعاية التي يحصل عليها، وهو ما يفسر أن المراكز العشرة الأولى في قائمة أعلى الأندية حصولاً على مقابل رعاية هي بين الأكبر والأكثر نجاحاً في الكرة الأوروبية على الإطلاق. 

كذلك تؤثر ثقافة النادي وتعاملاته الإدارية على الأمر، حيث يميل الرعاة للتعامل مع الإدارات الأكثر استقراراً واحتراماً للتعاقدات.

في الموسم الحالي مثلاً، ومع صعود فريق نوتنجهام فورست من دوري الدرجة الأولى للدوري الإنجليزي الممتاز، رفض مالك النادي، الملياردير اليوناني إيفانجيلوس ماريناكيس تجديد عقد الرعاية مع شركة BOXT للأجهزة المنزلية بحجة أنه أصبح لا يليق بالفريق. وتمسك ماريناكيس بالحصول على مبلغ محدد مقابل رعاية القميص، مما تسبب في ظهور الفريق بلا راع حتى هذه اللحظة مع اقتراب الموسم من الانتصاف. 

اللاعبون 

يمثل وجود لاعبين من فئة النجوم عامل جذب للرعاة بكل تأكيد. إلا أن ارتباط بعض هؤلاء اللاعبين بعقود رعاية فردية مع شركات أخرى ربما يفرض على الراعي والنادي واللاعب التعاون معاً إلى حد ما حتى لا تتداخل المصالح بين الجهات في هذا الصدد. في بعض الأحيان، تملك عقود اللاعبين مع الأندية بنود تمنحهم مقابل مادي مقابل الارتباط ببعض الرعاة، إلا أن هذا الأمر ليس قاعدة حيث كثيراً ما يرتبط لاعبون برعاة مخالفين لرعاة النادي بصورة فردية.

بعض اللاعبين، وبالاتفاق بين النادي والراعي، يتحولون إلى سفراء لهذه العلامة التجارية، وهو ما يكون عنصر مؤثر في اتفاق الرعاية. 
 
شروط التعاقد 

في الكثير من الأحيان، يضم التعاقد شروط ترتبط بالإنجازات التي يحققها الفريق، والتي تمنح الرعاة امتيازات أكبر مقابل مبالغ إضافية. على سبيل المثال، في حالة تحقيق الفريق للقب محلي أو قاري، أو مشاركته في بطولة عالمية، يحصل النادي على مكافآت إضافية من الرعاة الذين يحصلون بدورهم على فرصة انتشار العلامة التجارية الخاصة بهم في محافل أكبر وبصورة أكثر وضوحاً بسبب هذه الإنجازات. 

على الجانب الآخر، قد تحمل عقود الرعاية بعض المحاذير التي تمنع فريق ما من استغلالها في مسابقات بعينها. بعض المسابقات الدولية تنص على عدم ارتداء فرق لإعلانات خاصة بالمراهنات أو المشروبات الكحولية على سبيل المثال، مما يجبر الأندية على خوض هذه المباريات بقمصان خالية من أسماء الرعاة. كذلك الحال في حالة وجود تنافس بين الراعي الرئيسي للبطولة مع الراعي الخاص بالفريق، مثلما يضطر الأهلي المصري مثلاً لخوض مبارياته القارية دون إسم الراعي الأساسي له كونه أحد شركات الاتصالات التي تعد منافس لشركة الاتصالات الراعية للبطولة ذاتها. كل هذه العوامل توضع في الاعتبار لدى إبرام عقد الرعاية. 
 
ختاماً، العلاقة بين الأندية والرعاة هي علاقة مصلحة مشتركة، أو كما يطلق عليها بالإنجليزية win-win situation. لذا تسعى الشركات وراء الأندية التي تحقق لها هذا المبدأ بصورة أساسية.

 

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)