كشفت الدورات الأخيرة للمهرجانات السينمائية العربية مثل أيام قرطاج (29 أكتوبر- 5 نوفمبر) ومراكش في دورته الـ19 (11-19 نوفمبر) والقاهرة في دورته الـ44 (13-22 نوفمبر ) والبحر الأحمر في دورته الثانية (1-10 ديسمبر) عن تصدر  المخرجات للمشهد وهو ما أكدته الأفلام الحاصلة على منح من تلك المهرجانات وعرضتها خلال دوراتها هذا العام.

تتنافس مهرجانات السينما العربية في رصد ميزانيات ضخمة لدعم مشروعات الأفلام المتنافسة، ففي مهرجان القاهرة السينمائي علي سبيل المثال تصل ميزانية الدعم - المقدمة لإجمالي الأفلام التي تقبل في هذا البرنامج - إلى ما يقرب من الـ220 ألف دولار فيما تصل في مهرجان الجونة الذي يستأنف فعالياته مجددا العام المقبل 2023 إلى ما يقرب من الـ250 ألف دولار بينما تتجاوز هذه الأرقام بكثير الميزانية المخصصة من مهرجان البحر الأحمر والتي قد تصل إلى ما يزيد عن المليون دولار.  

وفي أيام قرطاج السينمائية فازت المخرجة المصرية نهى عادل بمنحة تكميل في مرحلة ما بعد التصوير لفيلمها الطويل "دخل الربيع يضحك ".

ومنح مهرجان مراكش جائزته للدعم لمرحلة ما بعد الإنتاج لفيلم "ملكات" للمخرجة المغربية ياسمين بن كيران والذي حظي رواد مهرجان البحر الأحمر بمشاهدته منذ أيام بحضور صناعه، مخرجته وبطلاته نسرين الراضي ونسرين بنشارة وريحان غاران،  ومن قبله عرض الفيلم  في أسبوع النقاد بمهرجان فينيسيا السينمائي خلال شهر سبتمبر الماضي.

وحصل فيلم آخر عٌرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي وهو اللبناني "عمفرق الطريق" للمخرجة لارا سابا علي دعم من شبكة راديو وتلفزيون العرب ART.

وضمن برنامج مسابقات البحر الأحمر عٌرض الفيلم السوري "نزوح" للمخرجة سؤدد كعدان ومن بطولة كندة علوش وسامر المصري والحاصل علي منح من أكثر من مهرجان سينمائي.

وتناقش هذه الأفلام قضايا المرأة من زوايا مختلفة مثل حريتها وسط مجتمع يتسم بالقهر والنزوح بعيدا عن الدمار الذي خلفته أحداث مثل الثورة السورية والبحث عن مكان آمن والعودة إلى الجذور وغيرها.  

وفي مهرجان القاهرة السينمائي حصدت مشروعات أفلام حملت توقيع مخرجات نساء جوائز مثل  فيلم "عزيز هالة" للمخرجة السعودية جواهر العامري و "ملكة القطن" للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني وفي مجال  الأفلام الوثائقية "ياللا نلعب عسكر" للمخرجين اليمنيين مريم الذوبان ومحمد الجابري و"المعلقون" للمخرجة اللبنانية ميريام الحاج و"هش" للمخرجة المصرية سالي أبو باشا و"البحث عن وودي" للمخرجة المصرية سارة الشاذلي، بخلاف عدد من الأفلام عٌرضت ونافست علي جوائز المهرجان مثل "صاحبتي" للمخرجة المصرية كوثر يونس وأفلام أخري. 

لاشك أن منصات الدعم داخل مهرجانات السينما العربية وغيرها من المنصات الأخري ساهمت في تقديم فرص حقيقية للمخرجات بعدما تسيدت نظرة تفرقة بين المخرج الرجل والمخرجة المرأة لسنوات طويلة وهو ما دفع بالكثير من جهات الإنتاج إلى إسناد مهمة إخراج أعمالهم إلى مخرجين رجال.

ولكن مع مرور الوقت نجحت مخرجات عرب مثل مفيدة تلاتلي وكوثر بن هنية من تونس وإيناس الدغيدي وساندرا نشأت وكاملة أبو زكري وأخريات من مصر وهيفاء المنصور من  السعودية وغيرهن في محو هذه النظرة وإجبار هذه الجهات إلى الاستعانة بهن في إخراج أعمال حققت نجاح جماهيري كبير ووصلت بعضها إلى منصات التتويج بجوائز مهرجانات كبري مثل أفلام "صمت القصور" لمفيدة تلاتلي و"وجدة" لهيفاء المنصور و"الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية الذي تم ترشيحه للمنافسة علي جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي منذ عامين.

لا تفرق المهرجانات ولجان تحكيمها بين رجل وإمرأة فهي تشاهد الأعمال المشاركة بنظرة حيادية تامة وتقف علي مسافة واحدة من المخرج أو المخرجة وتبحث عن عناصر القوة في العمل السينمائي لتمنحه الجائزة المخصصة لهذا الفرع دون نظر إلى كونه رجل أو إمرأة.

من المؤكد أن طموح المخرجات بعد هذه الخطوات التي قطعتها مخرجات عرب أصبح لا حدود له خاصة بعد وصول أعمالهن إلى القائمة القصيرة لمسابقة الأوسكار وإختيارهن للجنة اختيار الأعمال الفائزة بالجوائز أو لرئاسة لجان تحكيم مسابقات مهرجانات كبرى مثل "كان" و"فينيسا" و"تورنتو" وغيرها.

وهذا بخلاف منافستهن وبشدة علي جوائز الدعم العربية وغير العربية، لذلك المنافسة مع الرجل لن تقف عند حد أمام الكاميرا أو خلفها بل ستشمل كل الأبواب السينمائية المتاحة وفي النهاية الشاطر هو من سيربح.

 

(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )  

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)