في عالم كرة القدم، يكثر الحديث خاصة مع إبرام الصفقات الكبرى في الأندية عن استرداد النادي لقيمة الصفقة من مبيعات القمصان الخاصة بالنجم المنتقل حديثاً. وكلما زادت قيمة الصفقة، زاد الحديث عن قدرة النادي الذي قام بالصفقة على تعويض هذه القيمة الكبيرة من خلال بيع أكبر قدر من القمصان.

أمر بدأ منذ قرابة العشرين عاما، تحديدا في عام 2003 حين انتقل النجم الإنجليزي ديفيد بيكهام من مانشستر يونايتد إلى ريال مدريد الإسباني في صفقة بلغت قيمتها خمسة وثلاثين مليون يورو. وقتها انتشرت الأقاويل أن العملاق الإسباني سيقوم باسترداد الجزء الأكبر من قيمة الصفقة من خلال مبيعات قمصان بيكهام، والتي قدرت بما يقارب مليون قميص في العام الأول بعد وصول بيكهام إلى مدريد. الأمر نفسه الذي تكرر مع كل صفقة انتقال كبيرة فيما بعد، مثل صفقة انتقال الفرنسي بول بوجبا من يوفنتوس الإيطالي إلى مانشستر يونايتد مقابل 105 مليون يورو (2016)، والبرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد إلى يوفنتوس مقابل 100 مليون يورو (2018)، وخاصة الصفقة القياسية بانتقال البرازيلي نيمار من برشلونة الإسباني إلى باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 222 مليون يورو (2017).

منذ هذا الحين، ومع كل صفقة انتقال كبرى يزداد الحديث حول قيام النادي بتغطية قيمة الصفقة الضخمة من مبيعات القمصان، وفي الوقت الذي يعتبر فيه البعض هذا القول حقيقة مطلقة، إلا أن واقع الأمر يؤكد أنه خرافة غير واقعية.

الحقيقة أن قيمة بيع قمصان الأندية في متاجر شركات الملابس الرياضية تختلف من نادي لآخر، بحسب تعاقدات هذه الأندية مع الشركات المصنعة لقمصان الفريق. وفي الوقت الذي تبلغ فيه هذه التعاقدات أرقام كبيرة فعلا، بالإضافة لمبيعات القمصان التي قد تتجاوز المليون قميص سنويا، إلا أن نسبة الأندية من هذه المبيعات لا تغطي أبدا صفقات انتقال اللاعبين، بل وقد لا تكفي لسداد رواتب هؤلاء اللاعبين لشهر واحد.

عادة ما تحصل الأندية على مبلغ ثابت من الشركات المصنعة عبر فترة التعاقد، بالإضافة لنسبة من أرباح مبيعات القمصان، إلا أن هذه النسبة تتراوح بين 7.5% إلى 15% بحد أقصى من الأرباح، مع بعض الاستثناءات الطفيفة.

الشركات المصنعة للقمصان مثل أديداس، بوما، نايكي وغيرها تقوم بدفع مقابل مادي للأندية مقابل حصول الشركة على حق تصنيع وبيع المنتجات الخاصة بالنادي. ومع حصول الأندية على حصة من الأرباح مثلما ذكر سابقاً، يبقى الجانب الأكبر من الربح لصالح الشركة وليس النادي. على سبيل المثال، يعتبر تعاقد مانشستر يونايتد الإنجليزي مع أديداس الألمانية هو الأكبر حالياً، حيث يحصل يونايتد على حصة ثابتة تبلغ 750 مليون جنيه استرليني على فترة 10 سنوات هي مدة التعاقد. إلا أن الأرباح المتوقعة من هذه المبيعات خلال فترة السنوات العشر تتجاوز المليار ونصف المليار جنيه استرليني، وهي ما تذهب لأديداس، وليس النادي.  

الاستثناء الأبرز في هذه القاعدة هو تعاقد ليفربول الإنجليزي مع شركة نايكي الأمريكية، والذي يكفل للفريق الإنجليزي 200 مليون دولار عبر سنوات التعاقد الخمس، بالإضافة لنسبة 20% من المبيعات (وليس الأرباح)، وهي النسبة التي تعد الأكبر بين أي نادي في العالم حالياً. 

كل هذه الأرقام، وعلى عكس الشائع عند جماهير كرة القدم لا تغطي قيمة انتقال اللاعبين الكبرى أو حتى رواتبهم الأسبوعية. فعلى سبيل المثال، ومع انتشار أقاويل عن قيمة مبيعات قمصان النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى باريس سان جيرمان (2021) وكيف ستغطي هذه المبيعات الراتب المرتفع لقائد الأرجنتين، إلا أن الحقيقة تقول أن مبيعات قمصان باريس سان جيرمان التي تحمل إسم ميسي سنوياً بالكاد  تغطي راتب اللاعب مع الفريق لمدة أسبوعين فقط.

وعلى سبيل المثال، فلو أن ليفربول حسب تعاقده مع نايكي قام ببيع 300 ألف قميص بقيمة 90 يورو للقميص الواحد، فستكون حصة النادي مع هذه المبيعات وهي 20% ما يعادل 5.4 مليون يورو، بينما يبلغ الراتب السنوي للاعب مثل المصري محمد صلاح على سبيل المثال ما يتجاوز 20 مليون يورو.

بحسب موقع Sportskeeda.com المتخصص في أخبار الرياضة
بحسب موقع Sportskeeda.com المتخصص في أخبار الرياضة
بحسب موقع Sportskeeda.com المتخصص في أخبار الرياضة

مما سبق، يتضح أن أسطورة تمويل صفقات اللاعبين الكبرى أو تغطية رواتبهم من خلال مبيعات القمصان ما هي إلا خرافة ترددت بين جماهير كرة القدم، وأن الأمر ليس دقيق أو يقترب حتى من واقع الحقيقة.

 

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)