* تم التحديث بتطورات وضع المنتخب المغربي

تنطلق الجمعة في الجزائر بطولة الأمم الإفريقية للمحليين لكرة القدم، والتي تُعرف اختصارا باسم CHAN، بمشاركة 18 منتخب إفريقي، وتستمر حتى الرابع من فبراير 2023. وتقام البطولة بأربعة مدن جزائرية هي الجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة.
 
وبالرغم من أن البطولة لا تعد الأهم في كرة القدم بالقارة الإفريقية حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد كأس الأمم الإفريقية، إلا أن ما يحيط بها من أحداث اقتصادية وسياسية وضعها في واجهة المشهد خاصة في النسخة الحالية لعدة أسباب.

يوم الخميس وقبل ساعات من انطلاق البطولة، أعلن المنتخب المغربي بطل آخر نسختين من البطولة انسحابه بسبب رفض السماح لطائرة الخطوط المغربية بالهبوط في مطار قسنطينة على خلفية قطع العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر بسبب النزاع القائم بينهما على الصحراء الغربية. إلا أن أنباء ترددت صباح الجمعة عن توجه البعثة المغربية بالفعل لمطار الرباط الدولي استعدادا للسفر إلى الجزائر بعد وساطة من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ومشاورات مستمرة، قبل أن يغادر اللاعبون المطار مرة أخرى معلنين فشل المحاولة لعدم الحصول على التصريح بالسفر.

ما هي بطولة الأمم الإفريقية للمحليين؟

منذ عام 1957 تقام بطولة "كأس الأمم الإفريقية"، وهي البطولة الأكبر والأكثر أهمية لكرة القدم في إفريقيا. ومع تطور كرة القدم الإفريقية خاصة في القرن الحادي والعشرين، أصبحت غالبية المنتخبات تشارك في هذه البطولة بقوام يعتمد أساسا على اللاعبين المحترفين في دوريات خارج القارة، خاصة في أوروبا.

في عام 2007، قرر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم استحداث بطولة جديدة للمنتخبات في القارة، تضم الفرق الوطنية على أن تشارك فيها باللاعبين الذين يلعبون في الدوريات المحلية لبلادهم فقط. على سبيل المثال يشارك المنتخب الجزائري باللاعبين الذين يلعبون في الدوري الجزائري، ولا يتم السماح لأي لاعب محترف بالخارج بالمشاركة في هذه البطولة.

الهدف من ذلك كان السماح للاعبين المحليين بإظهار مواهبهم وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في بطولة كبرى، ومن ثم فرصة الاحتراف في الخارج وتعزيز مواردهم الشخصية وموارد بلادهم بصورة عامة.

انطلقت النسخة الأولى من البطولة التي عُرفت اختصارا باسم CHAN في عام 2009، وهذا العام تستضيف الجزائر النسخة السابعة منها.

 
الرعاية والجوائز المالية

بالرغم من اعتراف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالبطولة واعتبارها رسمية تدخل نتائجها في التصنيف الخاص بالمنتخبات، إلا أن العديد من الدول الكبرى في القارة لا تولي البطولة الاهتمام الكافي. على سبيل المثال لم يشارك منتخب مصر في أي نسخة من البطولة حتى الآن، فيما شاركت منتخبات مثل السنغال وتونس وجنوب إفريقيا مرتين فقط.

تحظى البطولة برعاية شركة "توتال إنرجيز" للطاقة كجزء من رعايتها للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لكن جوائزها المالية ما زالت متواضعة للغاية، ففي النسخة الأخيرة التي أقيمت بالكاميرون في يناير 2021 حصل البطل منتخب المغرب على جائزة مالية قيمتها مليون و250 ألف دولار أمريكي فقط، وهو ما يمثل نصف جائزة بطولة دوري أبطال إفريقيا للأندية، والتي يحصل الفائز بها على 2.5 مليون دولار أمريكي. ولم يعلن الاتحاد الإفريقي ما إذا كان سيرفع قيمة جائزة النسخة الحالية من البطولة من عدمه.

لكن القيمة الاقتصادية الأكبر من وراء البطولة تبقى هي ظهور الفرصة أمام بعض اللاعبين للاحتراف خارج بلادهم عقب نهاية البطولة. 

أزمة دبلوماسية

قبل يوم واحد على انطلاق البطولة، أعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم أن منتخب بلاده لن يشارك في البطولة بسبب عدم حصول رحلة طائرة الخطوط الملكية المغربية التي كان من المفترض أن تقل المنتخب للجزائر على ترخيص. يأتي ذلك على خلفية الخلاف السياسي بين المغرب والجزائر بسبب أزمة الصحراء الغربية والتي أدت إلى قطع العلاقات السياسية بين البلدين.

وأغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية منذ عام 2021 بعد قطع العلاقات السياسية بين البلدين في هذا التوقيت. من جانبها ردت اللجنة المنظمة للبطولة في الجزائر أنها غير ملزمة بتدبير رحلات المنتخبات القادمة من الخارج وإنما فقط عن ضمان التنقل داخل الجزائر. 
 
بدا وكأن الأمر يشهد انفراجه الجمعة، بعدما صرح مصدر دبلوماسي مغربي لوكالة الأنباء الفرنسية أن المنتخب سيتوجه للجزائر للمشاركة في البطولة من مطار الرباط، فيما قالت وكالة "هسبريس" المغربية أن المنتخب وصل بالفعل إلي مطار الرباط صباح الجمعة انتظارا للحصول على الترخيص بالسفر قبل الإعلان مجددا عن فشل الأمر والانسحاب رسميا من البطولة.

تقارب ومنافسة

رغم قطع العلاقات ورفض الجزائر محاولات الوساطة، حرص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على الإشادة بإنجاز المنتخب المغربي في كأس العالم قطر 2022، حين وصل المغرب للدور نصف النهائي واحتل المركز الرابع لأول مرة في تاريخ أي منتخب إفريقي. كما أظهرت فيديوهات وقتها قيام الشعب الجزائري بتشجيع منتخب المغرب في مبارياته في كأس العالم والاحتفاء بالنتائج التي حققها.
 
لكن المنافسة السياسية - الرياضية بين البلدين ستستمر حتى ما بعد نهاية أزمة بطولة المحليين الجارية حاليا، حيث يتنافس البلدان بصورة كبيرة على تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية 2025، والتي كان من المقرر أن تقام في غينيا قبل أن يسحب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم التنظيم منها بسبب عدم الجاهزية. وتقدمت كل من الجزائر والمغرب بطلب التنظيم للاتحاد الإفريقي، الذي من المنتظر أن يبت في الأمر خلال العام الحالي 2023.

 

(إعداد: عادل كُريّم، المنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)