شهدت مصر خلال السنوات الماضية إنشاء الحكومة لعدد كبير من الكباري في معظم المحافظات، ويرى خبراء طرق أن عدد الكباري التي تم الانتهاء منها خلال تلك الفترة تخطى ال 500 كوبري فضلا عن أخرى يجري تنفيذها الآن.

ما كان يؤرق مسؤولي الأحياء أن تتحول المناطق أسفل تلك الكباري إلى أوكار لأطفال الشوارع وتعاطي المواد المخدرة أو تتحول إلى مكان لإلقاء القمامة كما كان يحدث أسفل الكباري القديمة. لكن شاب من منطقة المطرية في العاصمة المصرية استطاع أن يقنع محافظ القاهرة بفكرته لتحويل تلك الأماكن أسفل الكباري إلى محلات للأنشطة التجارية تحقق دخل للمحافظة بألاف الجنيهات شهريا. 

من هو وكيف فعلها؟

  قبل 4 سنوات ومع الانتهاء من إنشاء كوبري جديد في منطقة المطرية، توجه مصطفى عبده إلى مكتب محافظ القاهرة حينها، وطلب مقابلته وأقنعه برغبته في بناء محل مساحته 16 متر مربع أسفل كوبري المطرية الجديد.

وأبلغ الشاب المحافظ  بأنه سيدفع ايجار للمحافظة عبارة عن 10 آلاف جنيه شهريا - ما يعادل نحو 500 دولار الآن.

" كنت بدور على محل للإيجار، أعمل فيه مشروع في منطقتي،" بحسب عبده في لقاء مع زاوية عربي. 

"فوجئت بأن أسعار الإيجار مرتفعة جدا.  جلست مع صديق لى على أحد المقاهي أمام الكوبري الجديد. وبينما أنا صامت لأفكر في مشكلتي. وقعت عيني على منطقة خالية أسفل الكوبري وكان المارة قد بدأوا في إلقاء القمامة بها. وبدأت أتخيل أن هذا المكان أصبح لى لكي أجعله المحل الذى تمنيته." 

وأضاف: " توجهت إلى مكتب محافظ القاهرة وبدأت أشرح له فكرتي من زاوية أنها ستحقق ملايين الجنيهات للمحافظة إذا ما خصصت المحافظة تلك المساحات لتكون محلات تجارية، فضلا بأن الفكرة ستكون إيجابية للمحافظ نفسه لدى الجهات السياسية لكونه سيدعم الشباب ". 

وهكذا كانت فكرة عبدة هي بداية خيط  التقطه المحافظ  وقام بتقسيم المناطق أسفل الكباري الى محلات صغيرة وعرضها في مزاد علني بنظام حق الانتفاع مقابل مبالغ مالية، تختلف بحسب المنطقة التي يمر بها الكبري. 

رأي الحكومة

قال محافظ الجيزة اللواء أحمد راشد والذي أعلن مؤخرا عن مزاد علني لعرض عدد من المحلات التجارية بنظام حق الانتفاع أسفل عدد من الكباري الجديدة : "في الماضي اعتاد المواطنون على اعتبار المنطقة أسفل أي كوبري بأنها منطقة لإلقاء القمامة، وهذا سلوك غير حضاري. في البداية فكرنا للتغلب على تلك المشكلة بغلق تلك المنطقة أسفل الكوبري بسور من الطوب ولكننا واجهنا مشكلة أخرى لتحولها إلى منطقة لإيواء متعاطي المواد المخدرة وأطفال الشوارع. حتى جاءت فكرة تحويل تلك المناطق إلى محلات تجارية " .  

"بعد التنسيق مع الجهات المعنية لتوصيل الخدمات الى تلك المحلات تم الاتفاق على عرض تلك المحلات بنظام حق الانتفاع لمدة 3 سنوات لمن يرغب فى الحصول عليها وبأسعار تتماشى أو بأقل قليلا من نظيرتها الموجودة في تلك المنطقة" .  

وأنشأت كل محافظة بقرار من مجلس الوزراء إدارة جديدة سمتها " إدارة التسويق" وتختص تلك الإدارة بشؤون تلك المحلات وتحديد قيمتها الإيجارية.

وقال مصدران في تلك الإدارة المستحدثة أن عدد المحلات التابعة لها بلغ حتى الوقت الحالي نحو 13 ألف محل تجاري وتتراوح القيمة الإيجارية ما بين 10 إلى 30 ألف جنيه ( 500 ل1500 دولار) بحسب المنطقة التي يمر فيها الكوبري.  

وأشاد سعد رفعت أستاذ العمارة والتخطيط بكلية الهندسة جامعة عين شمس لزاوية عربي بفكرة إنشاء المحلات التجارية أسفل الكباري واستثمار الشباب فيها.  ولكنه أضاف:

"الشيء المهم هو أنه يجب على القائمين على تحديد القيمة الايجارية لتلك المحلات ان يفكروا بطريقة لا تُنفر الشباب من الإقبال على تلك المحلات. لابد من مساعدتهم على إنهاء الإجراءات الحكومية الروتينية، يجب مساعدتهم على الحصول على التصاريح اللازمة و إمدادهم بالمرافق المطلوبة".

اما الشاب مصطفى عبده الذي يبلغ  من العمر الآن 38 عام أصبح يملك محلين لتجارة الموبايلات المستعملة  واكسسورات الموبايلات ويعمل معه 4 شباب آخرين بعدما كان يعمل باليومية لدى محل آخر قبل 6 سنوات.

"كنت أعمل فى محل فى شارع عبد العزيز المشهور (بالقاهرة)  ببيع أجهزة الموبايل، الآن أمتلك محلين أحدهما أسفل كوبري المطرية".

(إعداد: أحمد حسن، للتواصل yasmine.saleh@lseg.com)

#تحليلمطول 

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا