عوائد سندات الخزانة الأميركية

خلال الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس، شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعض التقلبات، إذ ارتفعت في مستهل الأسبوع وهو ما نراه نتيجة لسببين:

- ترقب لقرار الاحتياطي الفيدرالي الذي أبقى على معدلات الفائدة دون تغيير.

- معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في أمريكا الذي سجل 2.7% في يونيو، مقارنة بـ 2.4% في مايو.

وجاء هذا التقلب قبل أن تتراجع العوائد بشكل حاد إثر صدور تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر يوليو، والذي جاء أضعف من المتوقع، إذ ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 73,000 وظيفة فقط مقارنة بتوقعات بلغت 100,000 وظيفة.

هذا في حين ارتفع معدل البطالة إلى 4.2% بما يتماشى مع التوقعات.

وقد حافظت عوائد سندات الخزانة خلال الأسبوع الحالي على مستوياتها الضعيفة في أعقاب الهبوط الحاد في 1 أغسطس، بحيث بقي العائد على السندات لأجل 10 سنوات بحدود 4.2% بين 4 و5 أغسطس مع ارتفاع طفيف بين 6 و7 أغسطس في ظل ترقب المستثمرين لقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تعيينات مرتقبة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد استقالة أدريانا كوغلر، محافظة الاحتياطي الفيدرالي، يوم الجمعة الماضي، بالإضافة إلى اختياره لمنصب مفوض مكتب إحصاءات العمل.

الدولار

سجل الدولار الأميركي مكاسب أسبوعية في الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس  بدعم من انحسار التوترات التجارية، لاسيما الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

هذا جاء أيضا في أعقاب قرار الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة بدون تغيير، ليسجل مؤشر الدولار مكاسب خلال الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس بنسبة 1.5%  بالرغم من تراجعه بعدها في نفس اليوم الجمعة 1 أغسطس في أعقاب بيانات التوظيف.

واستمر مؤشر الدولار في الهبوط خلال الأسبوع الحالي بفعل بيانات التوظيف التي عززت من احتمالات إقدام الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في سبتمبر.

هذا فيما يقيم المستثمرون التأثير الاقتصادي للرسوم الجمركية الأمريكية التي بدأ سريانها في الأول من أغسطس، ناهيك عن تصريحات عضو الفيدرالي الأمريكي نيل كاشكاري، الذي عزز الزخم الهبوطي لتداولات الدولار، والتي كانت مؤيدة في مجملها إلى ضرورة خفض الفائدة.

وقد قال كاشكاري بأنه قد يكون من المناسب تعديل أسعار الفائدة في المدى القريب، مع الإشارة إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي.

عليه، عاد مؤشر الدولار إلى مستويات تناهز 98 نقطة بعد أن تخطى عتبة الـ100 نقطة قبل أسبوع.

وهذا المسار الواهن من المتوقع أن يستمر خلال الشهر نظرا للضبابية المحيطة بتداعيات الرسوم الجمركية.

البورصات العالمية

شهدت الأسهم الأميركية خلال الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس تراجعات بدءا من الثلاثاء 29 يوليو وسط نتائج أرباح مخيبة للآمال، استُكملت يوم الأربعاء 30 يوليو في أعقاب قرار الفيدرالي وتصريح رئيسه جيروم باول بأن الفيدرالي ليس مستعد بعد لبدء خفض الفائدة.

عليه، شهدت أسواق وول ستريت هبوط حاد بين الخميس 31 يوليو والجمعة 1 أغسطس في ظل عمليات بيع واسعة النطاق، بعد الإعلان عن تعريفات جمركية أميركية جديدة على عدة شركاء تجاريين وصدور تقرير الوظائف.

وأنهت وول ستريت الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس في المنطقة الحمراء، حيث سجل كل من داو جونز وS&P 500 وناسداك تراجعات أسبوعية بنسبة 2.9%، 2.4% و2.2% على التوالي.

وطغى اللون الأحمر بشدة على شاشات البورصات الآسيوية والأوروبية التي تماشت مع الأحداث الاقتصادية خلال الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس.

غير أن أسواق الأسهم العالمية عادت وسجلت ارتفاعات ملحوظة يوم الاثنين 4 أغسطس، مع تعافي الأسواق من الخسائر الحادة التي سجلتها في الجلسة السابقة.

في المقابل، ارتفعت بدورها الأسهم الآسيوية والأوروبية بين 4 و5 أغسطس تحديدا، وذلك بالتماشي مع الأسواق الأمريكية.

ومن المتوقع أن تطغى حالة من الترقب على أسواق الأسهم العالمية خلال الأسابيع القادمة مع  تقييم المستثمرين للتداعيات المحتملة لضعف سوق العمل الأمريكي والتعريفات الجمركية.

النفط

سجلت أسعار النفط مكاسب خلال الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس، إذ سجلت العقود الآجلة لخام برنت 69.5 دولار للبرميل، بينما أغلقت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عند 67.3 دولار للبرميل، بارتفاعات أسبوعية بنسبة 2.7% و3.4% على التوالي.

وتزامن هذا مع عدم وجود تقدم في ملف الحرب الروسية - الأوكرانية، فيما تعززت ثقة المستثمرين نتيجة التفاؤل بشأن تراجع حدة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين.

ولكن مع سرعة تغير الأحداث التي أصبحت وكأنها من سمات هذا العام، عادت أسعار النفط للهبوط خلال الأسبوع الحالي والذي سينتهي في 8 أغسطس وذلك إلى أدنى مستوياتها في 8 أسابيع.

وهذا نتيجة تصاعد المخاوف من فائض المعروض عقب اتفاق مجموعة أوبك على زيادة كبيرة جديدة في الإنتاج خلال سبتمبر.

وتزامن هذا مع تزايد الغموض بشأن محادثات واشنطن وموسكو وتحديدا حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على روسيا.

ولكن وجدت أسواق النفط بعض الدعم في 6 أغسطس بفضل تراجع أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأميركية خلال الأسبوع المنتهي في الأول من أغسطس، بعد أن سحبت شركات الطاقة 3 ملايين برميل من المخزونات، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهو أكبر من توقعات رويترز التي كانت تشير إلى سحب بنحو 0.6 مليون برميل فقط.

وبالتالي من المتوقع أن تبقى أسعار النفط في حالة من التأرجح في المدى القريب بين فائض المعروض من جهة وتداعيات العقوبات الأمريكية المحتملة على النفط الروسي من جهة أخرى.

الذهب

أما أسعار الذهب، وبعد مراوحة نسبية بين 28 و31 يوليو، عادت وقفزت بنحو 2% يوم الجمعة 1 أغسطس، مسجلة أعلى مستوى لها في أسبوع.

 وجاء ذلك بعد صدور تقرير الوظائف الأمريكي والذي أعاد إحياء الآمال بإجراءات تيسير نقدي، كما ساهمت إعلانات جديدة حول الرسوم الجمركية في زيادة الطلب على الملاذات الآمنة، لتغلق أونصة الذهب الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس عند 3,416 دولار، أي بارتفاع أسبوعي بنسبة 2.3%.

وقد استمر هذا المنحى خلال الأسبوع الحالي لترتفع أسعار الذهب إلى حدود 3,450 دولار للأونصة في ظل الضبابية المحيطة بالاقتصاد الأمريكي ورسوم ترامب التي عززت من أسعار الذهب مع ارتفاع المخاطر المتعلقة بالتضخم والسياسات التجارية، وهو ما من شأنه أن يعيد عدد من المؤسسات المالية الكبرى للنظر في توقعاتها للمعدن النفيس الذي يعتبر ملاذ آمن في أوقات الأزمات.

المنطقة

إقليميا، سجلت أسواق الأسهم العربية أداء ضعيف خلال الأسبوع المنتهي في 1 أغسطس، مع تفاوت في الأداء بين البورصات العربية، بحيث سجل مؤشرS&P  العربي المركب مراوحة مع ارتفاع أسبوعي طفيف بنسبة 0.1%.

وبالتوازي، ارتفعت قيم التداول بنسبة 1.3% خلال نفس الأسبوع إلى 18.7 مليار دولار، في حين تراجع حجم التداول بنسبة 3.8% إلى 22.3 مليار سهم.

وقد استمر هذا الأداء الواهن خلال الأسبوع الحالي، بدون تغييرات تذكر في مؤشرات أسعار البورصات العربية.

وبالتالي من المتوقع أن يستمر هذا المسار في الوقت الحالي في ظل التطورات الجيوسياسية لاسيما بين واشنطن وموسكو، وعودة الرسوم الجمركية بتداعياتها إلى الواجهة.

هذا الإضافة إلى المخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.

وكما متوقع كل العوامل السابق ذكرها ستلقي بظلالها على الأسواق العالمية بشكل عام والعربية بشكل خاص والتي باتت أكثر عرضة لتقلبات رؤوس الأموال وأسعار السلع الأساسية، خصوصا النفط، ما من شأنه أن يدخل الأسواق المالية في موجات من التقلب وعدم الاستقرار في المرحلة القادمة.

(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي، تحرير: ياسمين صالح، مراجعة قبل النشر: أحمد علي)

#تحليلسريع

للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا