* تم التحديث بخلفيات وتعليق محللة 


البداية كانت صباح الأحد، عندما خرجت مظاهرات ضمت آلاف التونسيين تطالب بتنحي الحكومة برئاسة هشام المشيشي وحل البرلمان الذي تغلب عليه حركة النهضة الإسلامية.

وانتقد المحتجون حزب النهضة الحاكم وإخفاقات الحكومة وسط معدلات انتشار كبيرة لفيروس كورونا، التي أدت إلى انهيار المنظومة الصحية في البلاد، وإلى إرسال دول أخرى منها مصر والسعودية مساعدات طبية عاجلة إلى تونس.

وتجاوبا مع المظاهرات، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد إقالة رئيس الوزراء المشيشي من منصبه إضافة إلى وزراء الداخلية والدفاع والعدل، وتجميد البرلمان لمدة 30 يوم ورفع الحصانة عن جميع النواب. غير أن تلك القرارات لم تتقبلها حركة النهضة التي وصف رئيسها راشد الغنوشي وهو أيضا رئيس مجلس النواب بأنها "انقلاب وانتهاك للدستور".

ويوم الاثنين، كلف الرئيس التونسي مدير الأمن الرئاسي خالد اليحياوي، بالإشراف على وزارة الداخلية، بحسب رويترز.

ما حقيقة ما يحدث؟

"من المبكر للغاية تحديد ما يحدث أو توقع ما سيحدث مستقبلا، لكن المؤكد هو أنها إجراءات طارئة أعلنها الرئيس تحظى بوضوح بدعم قطاع عريض من الشعب"، هكذا وصف ريكاردو فابياني مدير المشروعات بشمال أفريقيا لدى "مجموعة الأزمات الدولية" الوضع في تونس حاليا.

ويرى كثيرون أن البلد الشمال أفريقي هو "قصة النجاح" الوحيدة للديمقراطية في ثورات الربيع العربي.

ويقول المحلل فابياني، في حديث مع زاوية عربي يوم الاثنين، إنه "من المبكر للغاية" وصف ما حدث في تونس بأنه نهاية الديمقراطية في البلاد.

وأضاف أن "هذه الإجراءات موجهة بوضوح ضد (حركة) النهضة، ضمن أهداف أخرى"، مشيرا إلى أن الرئيس التونسي كان على خلاف مع الحركة لعامين، وأن الاحتجاجات الأخيرة المناوئة للحركة "منحته سبب لتعليق البرلمان وإقالة الحكومة".

وقالت المحللة السياسية سارة يركيس، لزاوية عربي يوم الاثنين، إن "سعيد يخاف بوضوح من (حركة) النهضة وقد حاول إسكاتهم". ويركيس هي زميلة في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، التابع لمركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط ومقره بيروت. 

لكن يركيس رأت أن تحرك سعيد ضد حركة النهضة لا يعني "نهاية الإسلام السياسي" في تونس، مضيفة أن قوة الإسلام السياسي هي أحد العوامل التي أدت إلى الأحداث الأخيرة.

سيناريو مصر؟

يرى البعض أن هناك وجه تشابه بين ما يحدث في تونس حاليا من الإطاحة بحركة النهضة التي تمثل تيار الإسلام السياسي في البلاد، وبين الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين من الحكم في مصر عام 2013، وقال فابياني إنه "سيتضح خلال الأيام المقبلة ما إذا كانت تونس تسير على خطى مصر من عدمه".

لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود بعض الاختلافات الكبيرة بين الحالتين؛ "فالجيش في تونس يتبع أوامر الرئيس بينما في مصر كان الجيش ضد الرئيس؛ كما أن الرئيس (التونسي) ظاهريا يعتمد على الدستور لتطبيق تلك الإجراءات، ولم يعلق العمل بالدستور" مثلما حدث في مصر في 2013. 

وعما إذا كان ما يحدث في تونس قد يتحول للعنف كما حدث في مصر آنذاك، قال فابياني: "خطر انتهاج العنف لا يجب استبعاده، بالنظر إلى أنه من الممكن أن يكون هناك حشد وتحركات من الأحزاب السياسية المعارضة لتلك الإجراءات".

وأضاف: "لكننا ما زلنا بحاجة إلى أن نرى كيف سيكون رد فعل (حركة) النهضة وما إذا كان من الممكن أن تكون هناك تحرك مضاد من قبل قياداتها ضد هذه القرارات، مما قد يؤثر على مسار هذا الوضع".

وتابع: "لا نعلم أيضا ما سيقرره الاتحاد العام التونسي للشغل في ما يتعلق بهذا الإعلان (قرارات الرئيس)"، موضحا أن العنف قد يندلع في حال خرج أنصار تيارات متعارضة إلى الشوارع واشتبكوا مع بعضهم البعض أو مع الشرطة.

وقال الاتحاد العام التونسي للغشل الذي يحظى بتأثير قوي في البلاد، الاثنين في بيان مقتضب، إن الأمين العام للاتحاد سيلتقي الرئيس التونسي يوم الاثنين.

رد الفعل الدولي

يرى فابياني أن تأثر الاقتصاد التونسي، المتداعي بالفعل منذ ثورة الياسمين في 2011، بالأحداث السياسية الراهنة في البلد "غير واضح"، مضيفا أنه في حال "شهدنا احتشادات واشتباكات فإن التأثير قد يكون أكبر بكثير".

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5 % لأول مرة بنهاية 2020، بينما انكمش الاقتصاد بنسبة 8.8 % بسبب تداعيات أزمة كورونا. وتسعى البلاد للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.

وعلى الصعيد السياسي، يرى أن "الأمر يعتمد كليا على رد الفعل الدولي على إعلان (الرئيس التونسي) وما إن كانت الأحزاب السياسية واتحاد الشغل سيحشدون تأييدا أو مناهضة (للإعلان)، وحدوث عنف من عدمه".

وقال إن "هذه العوامل ستشكل على الأرجح مسار الوضع الحالي".

بينما توقعت يركيس الزميلة ببرنامج كارنجي للشرق الأوسط خروج مظاهرات حاشدة في تونس لبعض الوقت، وقالت إن "الغضب الشعبي لن ينتهي على الأرجح حتى تولى حكومة منتخبة ديمقراطيا حقا زمام الأمور... وهو ما لن يسمح به سعيد".

(إعداد: مريم عبد الغني، وقد عملت مريم سابقا في عدة مؤسسات إعلامية من بينها موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وتلفزيون الغد العربي) 

(تحرير: أحمد فتيحة، للتواصل:ahmed.feteha@refinitiv.com)

 

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام