مثل تحليل ال" بي سي آر " ولكنه سيعطى لمرة واحدة في ديسمبر القادم، سيصنف العام من الناحية الاقتصادية أما + أو  -.  ولكن معنى النتيجة عكس ال "بي سي آر" ، فالإيجابي هذه المرة سيكون إيجابي والعكس صحيح.

وقد يبدو المشهد قاتم الآن ولكن ليس على الجميع وخصوصا منطقتنا والحمد لله. 

فبالرغم مما يحدث حالياً حول العالم ما بين انتشار أوميكرون والتوقعات برفع أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية بين روسيا والعالم الغربي من ناحية والاعتداءات الحوثية على الإمارات والسعودية من ناحية أخرى، قد نجد الأسواق العربية مستفيدة في كل الأحوال في عام 2022. 

أربعة عوامل تخيم على المشهد

حتى الآن، عاملان  من أربعة قد نستفيد منهما: 

أولاً، انتشار أوميكرون وتأثيره السلبي حيث تشير البيانات في أمريكا إلى ارتفاع متوسط الوفيات اليومية من المرض لمستوى تجاوز ذروة متحور دلتا بينما تبقى المنطقة العربية في وضع أفضل من الموجات السابقة. 

ثانيا، أي تفاقم للتوترات الجيوسياسية بين روسيا من جانب وأوكرانيا وحلف الناتو ومؤخراً الولايات المتحدة الأمريكية من جانب آخر نتيجة أي تحرك عسكري من روسيا ضد أوكرانيا سيدفع أسعار الطاقة للارتفاع والذي سيفيد أسواق الخليج. 

ولكن من ناحية أخرى، رفع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي وبالتالي إنهاء الدورة التيسيرية بقدوم شهر مارس سيدفع البنوك المركزية بدول الخليج إلى رفع أسعار الفائدة مما قد يؤدي إلى إعادة تسعير الأسهم في الأسواق الخليجية لمستويات أقل وقد ترتفع أيضا تكلفة وارادات الدول العربية مما قد يؤدي لزيادة في الأسعار. 

وأيضا، الهجمات الحوثية الأخيرة على الإمارات والسعودية قد يرفع من معامل مخاطر الاستثمار هناك أو في المنطقة بشكل عام. 

المعنويات؟

بشكل عام، مع بداية 2022، لا تزال حالة عدم اليقين تسيطر على معنويات وتوقعات المستثمرين في أسواق المال العالمية. فأسواق المال – بصفة عامة – تكره حالة عدم اليقين وهو ما قد يؤدي إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار حتى تتضح الصورة. 

من جانب آخر، أي إغلاقات ستؤدي حتماً إلى تباطؤ الاقتصادات مرة أخرى مثلما حدث في النصف الأول من عام 2020. ومن جانب آخر، إن استمرار البنوك المركزية حول العالم في سياساتها التشديدية لمواجهة التضخم قد يزيد من الطين بلة مما قد يؤدي لانخفاض معدلات النمو الاقتصادية بصورة أسرع. بالفعل، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2022 بـ 50 نقطة أساس إلى 4.4%. 

ولكن عربيا ومع نهاية أول شهر في 2022، على العكس، رأينا أسواق المال في الإمارات والسعودية مرتفعة بالرغم من الهجمات الإرهابية الأخيرة حيث ارتفع مؤشر أبو ظبي بنسبة تقارب 3% بينما ارتفع مؤشر السوق السعودي بحوالي 8% منذ بداية العام. وهو ما يعني عدم تأثر المستثمرين بالأحداث الأخيرة والتي دفعت أسعار النفط للارتفاع مرة أخرى مما سيعود بنفع - أكبر من تأثيرات الهجمات على ما يبدو - على اقتصادات دول الخليج. 

نتيجة فحص 2022: إيجابي

إذا كان هذا سيحدث، دعونا ننظر للتوقعات الحالية التي قد تؤدي لهذه النتيجة. 

توقعات انحسار تأثير كورونا ومتحوراته مثل أوميكرون سيؤدي لتعافي الاقتصاد العالمي وبالتالي ارتفاع الطلب مجدداً على السلع والخدمات وخصوصاً الطلب على النفط ومشتقاته والسياحة والقطاعات المرتبطة بها. 

كل هذا يصب في مصلحة اقتصادات دول الخليج التي تعتمد على النفط والغاز كمصدر أساسي للدخل لنشهد تأثير إيجابي على موازنات هذه الدول وأيضاً موازنات الدول الأخرى غير النفطية حيث سترتفع تحويلات المغتربين من دول الخليج لتوفر عملة صعبة لدول مثل مصر. 

أضف إلى ذلك ارتفاع الإيرادات الضريبية وما يتبعه من انخفاض عجز الموازنة. وبالتالي ستعكس أسواق المال العربية تحسن الأجواء الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية من حيث ارتفاع قيم الأسهم المتداولة وزيادة عدد الطروحات الأولية. 

أما إذا كانت النتيجة سلبية

على الجانب الآخر، إن انتشار كورونا بصورة أقل حدة مرضيا ولكن أسرع قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وبالتالي انخفاض الطلب على السلع والخدمات مثل النفط ومصادر الطاقة المختلفة وأيضاً تأثر حركة السياحة العالمية. 

وقد يؤثر هذا بالسلب على اقتصادات دول الخليج والمنطقة عاكسا كل ما تحدثنا عنه في فقرة التوقعات الإيجابية. 

ولكن مع اتجاه دول الخليج لتنويع اقتصاداتها والدول العربية غير النفطية إلى توفير موارد سيادية إضافية، مثل طرح حصص أقلية في شركات حكومية وشبه حكومية يمكن أن توفر سيولة للدول العربية. 

وبذلك يتم ضرب عصفورين بحجر واحد. بالفعل، شهدنا في عام 2021 طرح شركات حكومية مثل شركة أدنوك للحفر في أبو ظبي وشركة إي فاينانس في مصر ومجموعة تداول في السعودية. ومؤخراً، صرحت الحكومة المصرية أنها تنوي طرح شركة جديدة بالبورصة المصرية كل شهر أو شهرين. بينما تنوي دبي طرح نحو 10 شركات حكومية أو شبه حكومية هذا العام. 

لذلك، من المحتمل في العام الجديد أن نشهد حالة من الرواج في سوق الطروحات العامة بأسواق المال العربية. في كل الأحوال، من ناحية ستنتعش أسواق المال طبيعياً في حالة تحقق التوقعات الإيجابية. من ناحية أخرى، في حالة تحقق التوقعات السلبية، سنجد حكومات الدول العربية تستخدم الطروحات العامة الأولية كبديل آخر لمصادر الدخل القومي أو سترتفع أسعار النفط كرد فعل إيجابي لأي توترات سياسية في المنطقة مما سينعكس إيجابياً أيضاً على أسواق المال العربية وخصوصاً دول الخليج. 

وفي النهاية كلها 11 شهر لنعرف النتيجة. 

(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وهو حاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA") 

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com) 

#مقالرأي

 

© Opinion 2022

المقال يعبر فقط عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.