ينتظر المصريون في وقت قد يكون أبكر من توقعاتهم انتخابات لاختيار رئيس للبلاد سيظل في الحكم إلى 2030، في وقت يمر فيه الاقتصاد المصري بأزمة اقتصادية هوت بالعملة المحلية لمستويات قياسية.

ويعاني الاقتصاد من تضخم مرتفع منذ الحرب الروسية- الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع الأسعار وهروب الأموال الساخنة التي تعتمد عليها مصر لاستيراد معظم احتياجاتها من الغذاء والطاقة بالإضافة لمدخلات الإنتاج لعدد كبير من الصناعات.  

ووصل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 37.4% في أغسطس مرتفعا من 36.5% في يوليو، فيما تراجع سعر الجنيه المصري بنحو 50% بعدما خفضت الحكومة سعر الصرف الرسمي أمام الدولار ثلاث مرات - منذ بدء الحرب في أوكرانيا - ليقارب حاليا الـ 31 جنيه للدولار. ويتداول الدولار في السوق الموازية مقابل سعر وصل في بعض الأحيان مؤخرا إلى 42 جنيه.

ومن المقرر أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر عن الجدول الزمني للانتخابات الاثنين القادم، فيما توقع مصدران - أحدهما أمني وآخر سياسي - أن تتم الانتخابات في ديسمبر المقبل.

ولم يعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حتى الآن بشكل رسمي نيته خوض الانتخابات، ولكن المؤشرات والمصادر تؤكد دخوله وتتوقع فوزه بدورة رئاسية جديدة وستكون أيضا الأخيرة إذا لم يتم تعديل الدستور كما حدث سابقا. ولكن قد يواجه السيسي تحدي في حشد عدد كبير من الأصوات أو أن يحصل على نسبة مشاركة عالية.

ويحكم السيسي (68 عام) مصر منذ عام 2014 بعدما فاز في انتخابات مدتها 4 سنوات، أجريت بعد إطاحة الجيش الذي كان يقوده السيسي وقتها بالإخوان المسلمين من الحكم بعد أن وصلت له الجماعة لأول مرة في تاريخها الذي يمتد لـ 95 عام من خلال انتخابات شعبية. وجاءت الإطاحة في أعقاب مظاهرات ضد الإخوان.

 ثم فاز السيسي بانتخابات تالية كرئيس لمدة 4 سنوات. لكن في 2019 أقر البرلمان المصري تعديلات دستورية أتاحت له مد فترة حكمه عامين إضافيين وسمحت له بالترشح لفترة جديدة مدتها 6 سنوات تنتهي في 2030.

وقد نجح السيسي بنسبة 97% في انتخابات 2018 وبنفس النسبة تقريبا في 2014. ولكن نسبة المشاركة في انتخابات 2018 كانت 41%، وهي أقل من نسبة المشاركة في انتخابات 2014 والتي بلغت 47%. 

هل سيترشح السيسي؟

جرت العادة في آخر دورتين للانتخابات الرئاسية أن تنطلق دعوات جماهيرية من أحزاب ومؤسسات وشخصيات عامة تطالب السيسي بخوض الانتخابات، ليعلن بعدها السيسي الاستجابة لها والترشح.

 وقد بدأ منذ أسابيع إطلاق مثل تلك الدعوات، فقد وجهت عدة نقابات واتحادات بينهم نقابة المهن التعليمية  - التي ترعي شؤون المعلمين - ونقابة العاملين بالمناجم والمحاجر والاتحاد العام للغرف التجارية دعوات تطالب السيسي بالترشح.

كما تجمع هذا الشهر قيادات وأعضاء 40 حزب وأصدروا بيان يعلنون فيه تأييدهم لترشح السيسي للانتخابات الرئاسية.  

 والأحزاب في مصر ليس لها دور سياسي كبير وأغلبها تتبع النظام أو تؤيده. ويٌتهم نظام السيسي بقمع المعارضة الحقيقية لسنوات وزيادة سيطرة الجيش والحكومة على مؤسسات الدولة وقطاعات الأعمال.

وبدأت الحكومة المصرية في مايو من هذا العام "حوار وطني" ضم عدد من الشخصيات والمؤسسات المعارضة والحقوقية. كما قامت مصر في الشهور الماضية بسلسلة من الإعفاءات الرئاسية عن حقوقيين ومعتقلين سياسيين. 

من سيترشح غير السيسي؟

لم يتم فتح باب الترشح بشكل رسمي حتى الآن. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن موعده الاثنين ضمن تفاصيل الجدول الزمني، ولكن هذا لم يمنع البعض من التصريح عن نيتهم خوض الانتخابات.

وقد أعلنت جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور المصري المعارض عن نيتها الترشح، بحسب بيان صحفي صادر عن الحزب الأربعاء.

وجميلة إسماعيل هي سياسية معارضة ومذيعة تلفزيونية. وترشحت في الانتخابات البرلمانية في عام 2010 ولم تفز. وشاركت في تأسيس حزبي الغد والدستور المعارضين. وكانت متزوجة سابقا من السياسي المصري أيمن نور الذي نافس الرئيس الراحل حسني مبارك في انتخابات 2005.

وأعلن عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد قبل عدة أشهر عن نيته خوض الانتخابات الرئاسية. وتحدث عن هذا الأمر في مؤتمر صحفي في أغسطس من القاهرة، وتحديدا من أمام ضريح سعد زغلول، مؤسس الحزب وأحد رموز النضال ضد الاستعمار البريطاني لمصر.

والوفد يعد أقدم حزب سياسي في مصر ولكنه ضعف عبر الزمن وتحول في السنوات الأخيرة لمساند للنظام. ويرى مراقبون أن هذا الإعلان غرضه وجود منافس أمام السيسي لإعطاء شرعية للانتخابات وليس أكثر.

وفي أبريل الماضي أعلن أحمد الطنطاوي وهو سياسي معارض وبرلماني سابق عن نيته الترشح. والطنطاوي رئيس سابق لحزب الكرامة الناصري. 

وقد ألقت السلطات المصرية القبض على عم وخال وعدد من أصدقاء الطنطاوي بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية وحيازة منشورات بعد أيام من إعلان ترشحه، بحسب تقرير لـ "بي بي سي عربي" في  مايو.

(إعداد: أحمد حسن، تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

 

#تحليلسريع

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا