تراجعت عملة بيتكوين إلى نحو 37.9 ألف دولار، يوم الاثنين، وذلك بعدما ارتفعت بنحو 28% في الأسبوع الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا مع سعي المستثمرين -خاصة الروس- للعثور على ملاذ آمن لثرواتهم في ظل التقلبات الجيوسياسية.

وارتفعت البيتكوين، أشهر العملات الرقمية وأكبرها من حيث القيمة السوقية، إلى نحو 44.8 ألف دولار يوم 2 مارس، قبل أن تنخفض في الأيام التالية من الحرب، بحسب بيانات أيكون-ريفينيف.

ولم يقتصر الأمر على بيتكوين فقط، فقد تلقت عملات رقمية أخرى بعض الزخم في خضم الأزمة الروسية الأوكرانية. فما أسباب هذا الزخم، وما المتوقع للعملات الرقمية في الأسابيع القادمة؟

لماذا ارتفعت؟

قال وليد كدماني، كبير محللين السوق لدى "إكس.تي.بي" لخدمات أسواق المال العالمية، لزاوية عربي، إن ارتفاع الطلب على العملات الرقمية يرجع لاعتبارها "ملاذ آمن" مثلها مثل الذهب، مضيفا أن ذلك أدى إلى نشاط قصير الأجل وإلى تعافي جزئي من الانخفاض الذي شهدته العملات الرقمية نهاية 2021.

وهبطت بيتكوين في 3 أشهر من أعلى مستوى لها في نوفمبر الماضي عندما تخطت الـ 68 ألف دولار، لكن مع بداية الغزو بدأت العملة في الصعود من جديد.

وتقول رجينا نويل، مديرة حسابات في موقع etoro للتداول، لزاوية عربي، إن ارتفاع البيتكوين يرجع إلى الأنباء عن أن المستثمرين في روسيا يزيدون حيازتهم من العملات الرقمية، فيما تفرض عدة دول عقوبات على موسكو على خلفية الغزو.

ولا يقتصر الأمر على كبار المستثمرين فقط، إذ أن صغار المستثمرين أيضا ممن يشككون في القرارات الحكومة الروسية يبحثون عن طريق لإخفاء أموالهم بعيدا عن يد الحكومة، بحسب ما قاله مايكل أوليفر كبير المحللين في الأبحاث المالية لدى شركة Momentum Structural Analysis لسي إن بي سي.

أداة في الحرب؟

طالبت أوكرانيا مع بدء الغزو الروسي للبلد شركات تداول العملات الرقمية الرئيسية بحظر المستخدمين الروس.

لكن منصة باينانس، وهي من أكبر شركات تداول العملات الرقمية في العالم، قالت الأسبوع الماضي إنها ستجمد فقط حسابات الشخصيات الروسية المشمولة بالعقوبات الدولية وليس كل الروس، وقال مؤسسها ورئيسها التنفيذي تشانغ بينغ تشاو لبي بي سي: "كثيرون من الروس العاديين لا يوافقون على الحرب".

وتلقت الحكومة الأوكرانية والمنظمات غير الحكومية في البلد خلال الأزمة الراهنة تبرعات بالعملات الرقمية قاربت الـ 34 مليون دولار، غالبيتها من عملتي بيتكوين وإيثر، فيما أرسل بعض الأشخاص رموز غير قابلة للاستبدال (NFT) إلى حساب الحكومة الأوكرانية على شبكة إيثريوم، بحسب وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية.

ويقول كدماني إن مثل هذه التبرعات "تستمر في إبراز أهمية العملات الرقمية بوصفها مخزن للقيمة عابر للحدود لديه على المدى القصير سيولة أعلى من الذهب"، مشيرا إلى أن هذا "يسمح للعملاء العاديين بالحفاظ على قيمة أصولهم على الرغم من تدهور العملة المحلية".

ويضيف: "العملات الرقمية تصبح بالتأكيد أداة أخرى يمكن استخدامها لممارسة الضغط على الحكومات والمواطنين بتقييد وصولهم لها".

وقال إنه في حين أن استخدام العملات الرقمية على هذا النحو يحقق أهداف قصيرة الأجل، إلا أنه "قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تبديد الغرض من حركة العملة المشفرة اللامركزية التي تهدف إلى الوجود فوق (مستوى) أي دولة أو تشريعات حكومية معينة وتسعى إلى تجنب النفوذ بفضل طبيعتها المجهولة جزئيا".  

وأشار إلى أن هذا كان أحد الأسباب وراء انخفاض بيتكوين من جديد بعد الدفعة التي تلقتها في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ تحركت الحكومات والمؤسسات لمحاولة تقويض قدرة الروس على الوصول إلى أسواق العملات المشفرة.

وأدى هذا إلى جعل "أداء بيتكوين مرة أخرى شبيه بأسواق الأسهم (التقليدية) التي بدأت التداول هذا الأسبوع منخفضة مع تصاعد التوترات"، وفق المحلل.

مستوى جديد لبيتكوين؟

توقع المحللون أن تتخطى بيتكوين خلال العام الجاري أعلى مستوى بلغته سابقا في نوفمبر 2021 وهو 68.9 ألف دولار.

ويرى كدماني أن "بيتكوين لديها حاليا القدرة على تخطي ذروتها السابقة 68.9 ألف دولار"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الوصول إلى تلك النقطة يتطلب معالجة بعض نقاط المقاومة وهي 45 ألف دولار و52 ألف دولار التي عانت بيتكوين سابقا لتخطيها، وكذلك عودة اهتمام المستثمرين الرئيسيين.

وقال إن "الوضع متقلب للغاية في الوقت الراهن مع استمرار التوترات الجيوسياسية وحالة الغموض التي يعيشها المستثمرون بشأن الصراع الروسي الأوكراني فيما يبحثون عن مخزن للقيمة قد يكون أكثر أمانا".

فيما يرى جون إسيج أحد كبار محللي العملات المشفرة لدى شركة Vauld، التي توفر الحلول المالية المصرفية باستخدام البلوك تشين ومقرها في سنغافورة، أن هناك "إمكانية في أن تتخطى بيتكوين مستوى الـ 100 ألف دولار".

لكنه قال، في حديث لزاوية عربي، إن استمرار المسار التصاعدي الحالي يظل أمر يصعب التنبؤ به، مضيفا أنه رغم المكاسب الحالية، قد يأخذ المستثمرون في الاعتبار الخسائر التي تكبدوها خلال شهري يناير وفبراير الماضيين وحينها "أتوقع أن تتراجع بيتكوين إلى ما دون الـ 40 ألف دولار".

أما بالنسبة للعملات الرقمية الأخرى، يشير المحلل إلى أن هناك مجموعة من العملات الرقية من المحتمل أن تستمر في الاستفادة من الاضطرابات الحالية مثل إيثريوم، وتيرا وسولانا.

(إعداد: مريم عبد الغني، وقد عملت مريم سابقا في عدة مؤسسات إعلامية من بينها موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وتلفزيون الغد العربي) 

(تحرير: أحمد فتيحة، للتواصل:ahmed.feteha@refinitiv.com)

#تحليلسريع