* تم التحديث بتصريحات لجهاد أزعور خلال مؤتمر صحفي

من المتوقع أن تحصل مصر على دفعة واحدة على الأقل من القرض البالغ 3 مليار دولار، الذي تم الاتفاق عليه بشكل مبدئي مع صندوق النقد الدولي الخميس الماضي، خلال العام المالي المصري الحالي، بحسب جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. 

وفي رد لسؤال من زاوية عربي في لقاء صحفي تم في دبي الأحد عن إذا ما كانت مصر ستحصل على دفعة على الأقل  من قرض الصندوق العام المالي الحالي قال أزعور:"أكيد"، مضيفا أن المباحثات الخاصة بقرض آخر طلبته مصر بمليار دولار ضمن برنامج الاستدامة التابع لصندوق النقد ستبدأ بعد ديسمبر. والعام المالي المصري الحالي بدأ يوليو الماضي وينتهي آخر يونيو 2023.

وقد أعلن صندوق النقد الدولي الخميس التوصل لإتفاق مبدئي لدعم مصر ب3 مليار دولار خلال 3 سنوات و10 أشهر وهو جزء من حزمة تمويلات - أٌعلن عنها في مؤتمر صحفي ضم رئيس الوزراء المصري ووزير المالية وممثلين من الصندوق الخميس-  تقدر ب9 مليار دولار ومن المتوقع أن يساهم فيها الصندوق بمليار دولار آخر من خلال برنامج الاستدامة التابع له.
ومن المتوقع أن يقر مجلس إدارة الصندوق القرض البالغ قيمته 3 مليار دولار في اجتماعاته في ديسمبر.

وسيمول باقي المبلغ - 5 مليار دولار - من شركاء دوليين لمصر، لم يتم الإفصاح عنهم، خلال العام المالي الحالي.

وقال أزعور خلال مؤتمر صحفي من دبي الاثنين للإعلان عن تفاصيل تقرير الآفاق الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى انه يتوقع ان يتم العمل على تجديد الودائع التي وضعت في البنك المركزي المصري.

وحصل البنك المركزى المصري على ودائع خليجية قصيرة الآجل خلال الربع الأول من عام 2022 بقيمة 13 مليار دولار.

وتضمنت الودائع 3 مليار دولار من قطر، و5 مليار دولار من السعودية و5 مليار دولار من الإمارات.

وهذا بجانب ودائع أخرى متوسطة وطويلة الآجل منها 5.3 مليار دولار من السعودية، 5.7 مليار دولار من الإمارات و4 مليار دولار من الكويت، بحسب تقرير من المركزي المصري نقلته سي ان بي سي.

وأضاف أزعور ان التمويلات البالغة 5 مليار والتي من المتوقع ان تحصل عليها مصر من شركاء دوليين ستكون إضافة لتجديد هذه الودائع ان حدثت وليس جزء منها.

دور أكبر للقطاع الخاص

وقال أزعور أن مصر تحتاج لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص وتحسين المناخ الاستثماري واستمرار مرونة سعر الصرف وتعزيز قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل.

"دور الدولة ككل اليوم نظرا ل القدرات البشرية الموجودة بمصر، نظرا أيضا ل السوق المصري الواعد، من الأفضل أن يكون القطاع الخاص هو رائد بالحركة الاقتصادية"، مضيفا أن: "على الدولة أن تتحول إلى مساند داعم ومسهل، مساند من خلال السياسات الاقتصادية، مساعد من خلال بعض الإجراءات اللي بتسهل نشاط القطاع الخاص". 

ويرى مراقبون أن دور الدولة المصرية وخصوصا المؤسسة العسكرية في الاقتصاد يحتاج أن يحجم لإفساح المجال للمستثمرين وخصوصا الأجانب الذين سيجلبون عملة صعبة للبلاد في وقت هي بحاجة ماسة إليها.

وتأثرت مصر وعدة دول عربية وعالمية بالأزمة بين روسيا وأوكرانيا التي أدت في الحالة المصرية تحديدا لشح في العملة الصعبة وارتفاع الأسعار بشكل كبير، مما دفع البنك المركزي المصري لرفع الفائدة 3 مرات هذا العام آخرها الخميس الماضي ب2% أعقبه تحرير لسعر الصرف، وهي قرارات أشاد بها أزعور. 

وتعتمد كثير من الدول ومنها مصر على استيراد الحبوب وخصوصا القمح من روسيا وأوكرانيا.

وقال أزعور إن الاقتصاد المصري بالرغم من الصعوبات نما بنسبة أكثر من 35% من 2016 إلى الآن تراكميا، واستطاع ان يسجل مستويات مقبولة من النمو وقت أزمة كورونا ونما السنة المالية الماضية 2021 -2022 حوالي 6.6% "من أعلى المستويات اليوم اللي بنشوفها بالعالم".

النقطة الأساسية التي تواجهها مصر هي تأثير التضخم على المجتمع، بحسب أزعور، وأضاف أنه من المهم استمرار وتعميق السياسات الاجتماعية من دعم مباشر، وبرامج التكافل الاجتماعي ودعم المواد الغذائية.

"الدعم على الطاقة في مصر وفي غير مصر أثبت عدم جدواه. وأثبت أيضا أنه بيرفع من الكلفة الاجمالية للاقتصاد وخاصة للدول المستوردة للنفط بيزيد العجز بالحساب الجاري"، بحسب أزعور في المؤتمر الصحفي، مضيفا أنه قد يكون أفضل أن يتم تعديل آليات دعم الطاقة لتمكينه من تحقيق مستهدفاته بشكل أكثر كفاءة.

وأضاف خلال اللقاء الصحفي مع زاوية عربي أنه يجب ايضا اتباع سياسات مالية لغرض "لجم" التضخم مثل رفع مستويات الفائدة، اتباع سياسة مالية تحافظ على مستوى مقبول من الفائض الأولي وتسهيل الحركة التجارية مثل الجمارك.

تستهدف مصر تحقيق فائض أولي ب 1.6% في السنة المالية الحالية 2022-2023.

وتوقع الصندوق في تقرير الآفاق الإقليمي الصادر عن الصندوق عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الاثنين أن يزيد التضخم في مصر ل12% العام القادم من 8.5% هذا العام، بينما سينخفض في السعودية ل2.2% من 2.7% والإمارات من 5.2% ل 3.6%، وجاءت كل هذه الأرقام متطابقة مع ما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن الصندوق في وقت سابق هذا الشهر.

ماذا لو استمرت الحرب لعدة سنوات، كيف ستتأثر المنطقة خاصة مصر؟

ردا على هذا قال أزعور: "التأثير المباشر، خف انعكاساته نظرا لأن أكثرية الدول ابتدت أن تتكيف مع هذا الموضوع من ناحية الاستيراد ومن ناحية رفع مستوى الاحتياطي الغذائي ومن ناحية أيضا العمل على تطوير مصادر جديدة للسياحة".

"العنصر الثاني اليوم هو عدم اليقين والترقب خالق حالة من عدم الاستقرار اللي عم تأدي إلى ارتفاع الفوائد وعم تأدي أيضا إلى انحسار التدفقات برؤوس الأموال.. بيتطلب مرونة بالسياسات، ابتداءا من سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية أن تكون تعمل على تعزيز المصداقية لمحاربة التضخم".

وردا على سؤال من زاوية عربي إذا كان الصندوق يمكن أن يغير بعض بنود الاتفاقية مع مصر حال وجود توترات اجتماعية بسبب تداعيات التضخم قال: "اتفاقية القرض هي اتفاقية لدعم برنامج اقتصادي على أربع سنوات ومما لا شك فيه أنه خلال المراحل الماضية عند أي متغيرات، كان يكون في مواكبة لهذه المتغيرات من خلال التعديل بالتعاون بين الصندوق وبين مصر أو غير دول، اذا كان مثلا بالأردن، تم تعديل البرنامج والسماح للأردن بمرحلة الكورونا انهم يرفعوا الإنفاق الاجتماعي وبعدين لعملية التنشيط الاقتصادي وبما يتعلق بمصر عندما صارت جائحة كورونا كان في هناك دعم على مستويين باجمالي 8 مليار دولار.. واذا كان هناك تحديات  جديدة ستتكيف (إدارة الصندوق معها)."

تقرير الآفاق الإقليمي 

وبحسب تقرير الآفاق الإقليمي الصادر عن الصندوق عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى  فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ب 5% هذا العام و 3.6% العام القادم، كما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في وقت سابق هذا الشهر.

إنفوجرافك: توقعات صندوق النقد لاقتصادات الشرق الأوسط

وبالنسبة للتضخم، جاءت التوقعات للدول العربية بدون تغيير عن ما جاء في التقرير العالمي.

إنفوجرافك: توقعات صندوق النقد للتضخم في الدول العربية

وتوقع التقرير الإقليمي أن يظل التضخم الكلي مرتفع في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (ما عدا السودان) ليصل إلى 12.1% في 2022 وهو ما يمثل زيادة قدرها 1.7%  مقارنة بعام 2021 و1.1% مقارنة بتقرير شهر أبريل.

وتوقع التقرير أن يسجل التضخم للمنطقة 11.2% 2023 .

"بما يتعلق بالمنطقة (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) استمر النمو والانتعاش الاقتصادي لعام 2022 بالرغم من التراجع الكبير اللي شهده الاقتصاد العالمي. هذا الانتعاش المستمر يختلف بين دول المنطقة، حيث أوضاع الدول المصدرة للنفط لعام 2022 كانت أفضل نظرا لتحسن كبير بأسعار النفط وبارتفاع مستوى الإنتاج،" بحسب أزعور.

"إذا نظرنا للعام المقبل من المتوقع أن تبدأ دول المنطقة (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) بتراجع مستويات النمو، هذا التراجع سيطال أكثرية الدول بالمنطقة نظرا لتأثير التراجع الذي يشهده الاقتصاد العالمي. ونظرا أيضا لنتائج السياسات لمواجهة مشكلة التضخم يالي أدت إلى ارتفاع معدلات الفوائد وبقاء الأسعار مرتفعة نسبيا حيث من المتوقع أن تبقى مرتفعة و تبدأ في الانحسار من عام 2023".

التضخم

أشار المسؤول البارز في المؤسسة النقدية الأهم في العالم لأهمية الالتفات إلى التضخم وتحجيمه.

 "للسنة الثالثة على التوالي هناك تضخم يطال ليس فقط السلع الأساسية كالمواد الغذائية والطاقة بل يمتد تدريجيا ليطال السلع والخدمات الأخرى".

وقال أيضا إن هذا بجانب حالة "من عدم اليقين" التي أتت بها الأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت على معظم دول العالم وعلى المنطقة وخصوصا على الدول المستوردة للنفط مثل مصر والتي تعتمد على الدولتين لسد حاجاتها الغذائية وخصوصا من القمح التي تعد مصر أكبر مستورد له.

أداء قوي للسعودية

وأضاف أن تقرير أكتوبر لم يأت بتغيير كبير عن تقرير أبريل، مضيفا أن "زخم النمو للدول المستوردة للنفط وخاصة بعض دول الخليج كان أقوى مما كان متوقع".

وقال أن المملكة العربية السعودية ستشهد هذا العام "أعلى نسبة نمو بدول مجموعة العشرين (7.6%).. تقريبا أعلى مستوى نمو من حوالي 10 سنين للمملكة العربية السعودية"، مضيفا أن الاقتصاد غير النفطي مستمر بمستويات جيدة من النمو. وقال إن أداء المنطقة بشكل عام يعتبر جيد في وضع اقتصادي عالمي صعب.

وأضاف أزعور أن الاقتصاد الإماراتي - مثل السعودي-  أيضا استفاد بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط والإدارة الجيدة لأزمة كوفيد وانتعاش القطاعات الغير نفطية ومن المتوقع أن يحقق هذا العام نمو ب5.1 % - 4.8% لأبوظبي و3.4% لدبي - وأن ينمو ب4.2% للعام القادم.

الرد على سؤالين

وبحسب أزعور فإن المتغيرات الاقتصادية المتلاحقة مثل أزمة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية تتطلب من قبل الحكومات في المنطقة الرد على سؤالين: "ما هي السياسات الضرورية لمواجهة هذا التحول الاقتصادي الكبير؟ 2، كيفية حماية الفئات الأكثر ضعفا نظرا للارتفاع الكبير بأسعار المواد الغذائية التي تطال أصحاب الدخل المحدود؟".

وقال إن هناك ضرورة للدول الناشئة والنامية - والتي من ضمنها مصر - للتكيف مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميا التي أدت إلى هروب الأموال الساخنة من البلاد، وسلامة الغذاء و"المحافظة على الاستقرار الاجتماعي في ظل فترة تتطلب تصحيح مالي بالمرحلة المقبلة".

 

(إعداد:ياسمين صالح، للتواصل zawya.arabic@lseg.com)

#أخباراقتصادية

لقراءة الموضوع على أيكون، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا